صنعاء-نيوزيمن:
لا يزال الغموض هو سيد الموقف في تونس رغم تخلي الرئيس زين العابدين بن علي عن السلطة ومغادرته البلاد تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية العنيفة المستمرة منذ شهر. فشوارع المدن التونسية لا تزال تموج بآلاف المتظاهرين الغاضبين، فيما أحكم الجيش قبضته فعليا على مقاليد الأمور في البلاد.
وأثار إعلان رئيس الوزراء محمد الغنوشي توليه للسلطة مؤقتا جدلا في الشارع السياسي، إذ يرى كثير من المراقبين أن الغنوشي "عين نفسه بنفسه". وكان الغنوشي أعلن أمس تسلمه الحكم "طبقا لأحكام الفصل 56 من الدستور" الذي يتناول "تعذر رئيس الجمهورية القيام بمهامه بصفة وقتية" داعيا كافة أبناء الشعب من مختلف التوجهات الفكرية والسياسية والفئات والجهات للتحلي بالوحدة "لتمكين بلادنا التي تعز علينا جميعا من تخطي هذه الصعاب".
ويرى قطاع واسع من الشارع التونسي أن رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع هو الشخص الذي يحق له دستوريا تولي رئاسة البلاد لحين إجراء انتخابات تعددية. وفي هذا الإطار طالبت أحزاب المعارضة الرئيسية المعترف بها والمحظورة "بتشكيل حكومة موقتة تكلف خلال ستة أشهر بإجراء انتخابات حرة"، وذلك في بيان مشترك صدر في باريس. وهكذا تبدو صورة الداخل التونسي ضبابية لحد كبير.
وخارج الأراضي التونسية، جاء موقف فرنسا أبرز حلفاء بن علي منحازا للشعب، وذكرت مصادر حكومية أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي رفض منح الرئيس التونسي السابق تصريحا لدخول فرنسا. وقال مصدر قريب من الحكومة إن فرنسا "لا ترغب" في مجيء الرئيس التونسي المخلوع إلى أراضيها، عازيا هذا الموقف إلى عدم الرغبة في إثارة استياء الجالية التونسية في فرنسا.
أما في واشنطن فقد أعلن البيت الأبيض أن للشعب التونسي "الحق في اختيار زعمائه".
إلى ذلك قال مصدر رسمي سعودي، السبت، إن طائرة تحمل الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، هبطت في مطار بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية.
وأعلن الديواني الملكي السعودي ترحيبه بقدوم الرئيس السابق زين العابدين بن علي وعائلته إلى المملكة.
أشاد الرئيس الأميركي باراك أوباما بـ"شجاعة وكرامة" الشعب التونسي، داعيا إلى إجراء انتخابات نزيهة وحرة عقب مغادرة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، الذي رفضت فرنسا استقباله، في حين احتشد مئات المصريين والتونسيين أمام السفارة التونسية في القاهرة احتفاءً بخروجه من البلاد.
وأصدر أوباما أمس الجمعة بياناً قال فيه "إن الولايات المتحدة تقف إلى جانب المجتمع الدولي للشهادة على هذا النضال الشجاع من أجل الحصول على الحقوق العالمية التي يجب أن نحافظ عليها، وسنذكر على الدوام صور الشعب التونسي الذي يسعى لإسماع صوته".
وأضاف أنه "يثني على شجاعة وكرامة الشعب التونسي"، مدينا "استخدام العنف ضد المواطنين الذين عبروا عن آرائهم بشكل مسالم".
وحثّ أوباما جميع الأطراف على "التزام الهدوء وتفادي اللجوء إلى العنف، داعيا الحكومة التونسية إلى احترام حقوق الإنسان وإجراء انتخابات حرة وعادلة في المستقبل القريب تعكس الإرادة الحقيقية وطموحات الشعب التونسي".
وقال إن كلّ أمة تهب الحياة لمبدأ الديمقراطية بطريقتها الخاصة استنادا إلى تقاليد شعوبها، وشدد على أن الدول التي تحترم حقوق شعبها أقوى وأنجح من الدول الأخرى. وأعرب أوباما عن ثقته في أن مستقبل تونس سيكون أكثر إشراقا في حال قادته أصوات الشعب التونسي.
المفضلات