أصل هذا العنوان هو مقالة عبارة عن مقدمة لمجلة المعرفة السعودية الصادرة في جمادى الأولى سنة 1421هـ الموافق أغسطس 2000م ، العدد 62 أو 63 بالصفحة ( 12 - 13 ) . أرجو قراءة المقال جيدًا لمعرفة الفكرة العامة للمقال ، وأرجو من إدارة المنتدى تثبيت المقال ، وأنقل لكم فيما يلي ما جاء في نص المقالة :
عندما كتب معلم التعبير وسط السبورة (( الموضوع : الماء )) فرحنا كثيرا ، فالماء يبدو موضوعا سهلا ويكاد الموضوع الوحيد الذي نكتبه بلا عناصر للكتابة ، لقد سردنا معلوماتنا عن الماء دون توقف أو تذكر ، وقلنا : إن الماء بلا طعم ولا لون ولا رائحة ، وأن الحياة لا تكون بدونه ، وختمنا بقوله تعالى : { وجعلنا من الماء كل شيء حي } دون أن يلج بنا في آفاق هذه الآية القصيرة المُكتـَنـَزَةِ بكل دلالات الإعجاز لهذا السر الشفاف ، سر (( مفتاح الحياة )) .
انتهى هذا الأمر الذي يتكرر في السنة الدراسية مرة واحدة بتلك الرؤيا البسيطة التي لا نعلم هل هي بسببنا نحن الذين لا نستطيع أن نفهم إلا بحدود النظرة الضيقة ؟ ، أم أنه المعلم الذي يُضيق علينا المدى ويجعلنا نكتب جميعا برؤية واحدة ؟ المهم أنّ الأمر انتهى في هذه الصورة .
ونجحنا كلنا في التعبير كأسهل مادة يمكن أن ننجح بها ، وأصعب مادة يمكن أن نمارسها عَمَليًا ، واختفى التعبير بعد ذلك من حياتنا التعليمية فلم نعُد نراه في الجامعة ولا في المعاهد والكليات ، أمَّا كـَوْن الماء بلا طعم ولا رائحة ولا لون فقد استمرت هذه النظرة معنا طويلا ً إلى أنْ اكتشفنا أنّ الماء الذي يعرفه غيرنا حق المعرفة له نظرة أخرى أبعد من نظرتنا عندما كنا صغارًا وكبارًا أيضًا .
عرفنا أخيرًا أنّ للماء في العلاقات الدولية لونـًا وطعمـًا ورائحة ، وأنـّهُ خيار استراتيجي لا يقل أهمية عن الأسلحة الفتاكة والعقول الحربية . لقد شاهدنا أنّ الدولة قد تنتصر بالماء وقد تـُهزم بسببه ، إنه أضحى ورقة سياسية تلعب بها الدول ، وثروة اقتصادية تـُدرّس في الجامعات.
إنّ المشكلة الحقيقية ليست في اكتشافنا المتأخر لمعنى الماء الحقيقي في الحياة ، ولكنها في استمرار مدرس التعبير الذي ما زال يبارك للطلاب الذين يكتبون : (( أنّ الماء لا لون له ولا طعم ولا رائحة )) . ما زال يـُضيقُ عليهم النظرة ويـُوَّحِدُ أفكارهم بصورة لا تتماشى مع مفاهيم الماء الجديدة والخطيرة في هذا العصر .
... إلى آخر ما ورد في المقال
أعزائي / أتمنى أن تكون وصلتكم فكرة هذا المقال ، وأدعوكم إلى التأمل فيه ونشره مع حفظ الحقوق لمجلة " المعرفة " . وأتمنى أن تصلني آرائكم ومقترحاتكم .
المفضلات