قدمت الام لطفلها الصغير - خالد - ذي السنوات الأربع كراسة للرسم كي لا يشغلها عما تقوم به.. - وتذكرَتْ فجأة أنها نسيت أن تقدم لوالد زوجها الشيخ المسن الذي يعيش معهم في حجرة خارج باب الدار الخارجي طعامه اليومي .. وكانت تقوم بخدمته بين آونة وأخرى ، ولم يكن الرجل العجوز ليترك غرفته لضعفه ومرضه وصعوبة حركته. . - عندما عادت إلى ما كانت عليه لاحظت أن خالداً يرسم دوائر ومربعات غير متناسقة ، ويضع فيها رموزاً وعلامات.. فسألته : ما الذي ترسمه يا حبيبي ؟ أجابها بكل براءة : إني أرسم بيتي الذي سأعيش فيه عندما أكبر وأتزوج. أسعدها رده .. فقالت : أرني غرف بيتك يا حبيبي ؟؟ - أخذ الطفل يشرح دوائره ويشير إلى رموزها قائلاً : هذه غرفة النوم ، وهذا المطبخ . وهذه غرفة استقبال الضيوف . وبدأ يعدد كل مايعرفه من غرف البيت . وترك دائرة منعزلة خارج الإطار الذي رسمه . - عجبت الأم!!.. وقالت له : ما هذه يا بني ؟ - مشيرة إلى الدائرة ، ولم جعلتها بعيدة عن الغرف الأخرى؟ أجاب : إنها لكى وللبابا. سأضعكما فيها تعيشان كما يعيش جدي الكبير .ستكونان عجوزين ضعيفين لا تستطيعان الحركة ، وسيزعجكما الأولاد بصخبهم ، كما ينزعج جدي الآن ، أليس كذلك؟ - صعقت الأم لما قاله وليدها! وغابت في تفكير مخيف !! - هل نعيش خارج البيت في طرف الحوش دون أن نستمتع بالحديث مع ابننا و أطفاله ونأنس بكلامهم ومرحهم ولعبهم عندما نعجز عن الحركة ؟؟ وهل يجلس كلانا يحدق أحدنا في الآخر ولا يجد سواه يكلمه ؟؟ وهل نقضي ما بقي من عمرنا وحيدين بين أربعة جدران دون فلا نلتقي بباقي أفراد الأسرة ، ولا نسمع لهم حساً ولاصوتا إلا بين الفينة والأخرى ؟؟ - أسرعت تنادي الخادم ... ونقلت أثاث الغرفة المخصصة لاستقبال الضيوف التي عادة ما تكون أجمل الغرف وأكثرها صدارة في الموقع إلى صحن الدار و أحضرت سرير والد زوجها وحاجياته إلى هذه الغرفة ، ثم نقلت الأثاث المخصص للضيوف إلى الغرفة الخارجية في الحوش حيث كان . وما إن عاد زوجها من الخارج حتى فوجى من ما راى .. - فسألها : عن هذا التغيير ، ونظرإليها متأملاً ؟؟ - أجابت والدمع تترقرق في عينها .. إني اختار الغرفة التي سنعيش فيها أنا وأنت إذا مد الله في عمرينا ، وعجزنا عن الحركة . - ولتبق غرفة الضيوف بعيدة قرب الباب الخارجي . .. - فما كان من الطفل – خالد- إلا أن أعاد ترتيب الغرف .. وابتسم
المفضلات