يشارك الاردن كل عام باليوم الدولي لمكافحة الفساد الذي يصادف في التاسع من كانون اول من كل عام ومتابعة ما قيل وكل ما كتب حول هذا الموضوع الذي اصبح حديث الناس والمؤسسات والدول بعد ان اصبح يشكل تهديدا للديمقراطية والتنمية والاستقرار ولبقاء بعض الانظمة وبسبب الفساد في الادارة يبدو واضحا ان هناك دولا متهالكة ودولا فاشلة ودولا تعاني من انعدام الثقة بالمسؤولين بسبب تدهور الخدمات وغياب الشفافية وسيادة قانون القوة بدل من قوة القانون وغياب دور مؤسسات المجتمع المدني في الحوار ومكافحة الفساد.
لن نسهب في البحث عن اسباب ودوافع وانواع الفساد في الاردن او عن معالجة آثار الفساد وما هي الاستراتيجية والاولويات التي تضعها الحكومات المتعاقبة لمعالجة هذه الظاهرة ولكن لا بد من تسليط الاضاءة على منهجية الادارة العامة في مؤسسات القطاع العام والقطاع الخاص حيث تبين من خلال الاوراق التي نوقشت في هذا المجال انها ركزت على ان الاحساس العام والثقة بالدولة ومؤسساتها ما يزال بحاجة الى بناء ثقة وتعزيز ثقة بسبب غياب الشفافية احيانا وعدم الحسم في تطبيق القانون واعطاء الصلاحيات المطلقة لبعض كبار المسؤولين واستحداث مؤسسات وهيئات مستقلة بموازنات ضخمة وسرعان ما تختفي هذه المؤسسات باشخاصها دون مساءلة او محاسبة ومن هنا اقول ان الشفافية وقوة القانون هما خط الدفاع الاول ضد الفساد.
ومراجعة مع كتب التكليف السامي تبين ان جلالة الملك في كل رسالة وكتاب تكليف سامي يؤكد ويوجه الحكومات على ضرورة تطبيق العدالة في توزيع مكتسبات التنمية وضرورة البحث عن اسباب الفساد وليس الاكتفاء بمعالجة بعض اثار الفساد وضرورة محاسبة الفاسدين والمفسدين والمتنفذين والمنفذين لجرائم الفساد وقلما نجد اي رسالة ملكية وكتاب تكليف سامي لاي حكومة يخلو من هذا الطلب ولكن وللاسف نجد ان الاستجابة ضعيفة ولو عدنا نجد ان الاردن بذل جهدا طيبا في مجال التشريعات الخاصة بمكافحة الفساد حيث قام بتشريع قانون مكافحة الفساد عام 2006 وقانون مكافحة الاموال عام 2007 وقانون حق الحصول على المعلومة 2007 وقانون اشهار الذمة المالية 2007 وقانون ديوان المظالم 2008.
ان خط الدفاع الاول ضد الفساد يتطلب رفع شعار «شفافية المسؤول وشفافية المواطن بدلا من ضبابية المسؤول وشفافية المواطن» اي الشفافية المتبادلة وتطبيق قوة القانون بدلا من قانون القوة والاحتواء والحوار بدلا من الاستقواء على المواطن وتطبيق قوة المنطق والاقناع وان يكون المسؤول يمارس قوه النموذج وليس نموذج القوة وان نرسخ مفاهيم المواطنة المقرونة بالفعل والقدوة وتوحيد المرجعيات الادارية والتقليل من الهيئات والمؤسسات الخاصة التي احيانا تكون في المنطقة الرمادية وهذا يؤدي الى تشوهات ادارية نحن بغنى عنها وان تتواصل الحكومة مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والنواب والمواطنين القادرين على مكافحة الفساد والقادرين على تشخيص المعاناه واعادة بناء وتعزيز الثقة بمؤسساتنا العامة والخاصة.
د.صالح لافي المعايطة
المفضلات