بدلا من مشاهدة افلام الكرتون وشخصيات لطالما احبها الصغار وقضوا اوقاتا امام التلفاز يشاهدونها اصبحت احداث غزة ومشاهد الاطفال وهم ينزفون ويصرخون ويتالمون هي الاساس في حياة الاطفال في هذا الوقت.حرب غزة والدماء النازفة والقلوب التي تحترق والاسر المشردة والجوع وعذاب الاطفال ، اصبحت عوامل مشتركة بين الاطفال في اختلاف مراحلهم العمرية وبين اسرهم فلم تعد هذه المشاهد ممنوعة عليهم خاصة وان شاشات التلفاز تبقى مفتوحة على قنوات الاخبار وهي محط انظار جميع الاسر هذه الفترة.
الا ان احداث غزة وهذا الدمار والهجوم الوحشي على هؤلاء الاطفال الابرياء اصبح حديث الاطفال في جميع اوقاتهم قبل دخولهم قاعات الامتحانات وهم يتحدثون الى اصدقائهم وهم يلعبون بحيث تحولت حياتهم الى مسلسل مستمر لاحداث غزة بما فيها من تفاصيل مؤلمة.
بعض الاسر اعتبرت ان الحالة التي اصبح عليها اطفالهم هي حالة غير مرضية فالاطفال يخافون ويصرخون ليلا ويصرون على الذهاب للنوم عند ابائهم وامهاتهم طلبا للأمان وبعدا عن الاحلام المخيفة التي يحلمون بها جراء مشاهدتهم لهذا الالم. بعض الاطفال اصبح حلمهم الذهاب الى غزة ومساعدة اطفالها فلم يعد هناك فرح حقيقي في حياتهم بالرغم من طفولتهم وما تمليه هذه الكلمة من معاني عديدة كالامن و الفرح و الابتعاد عن الخوف. تاثيرات متابعة هذه المشاهد عبر شاشات التلفاز بالنسبة للصغار تاثيرات كبيرة وقد تتعدى مرحلة التوعية بما يحدث واشراكهم بهموم الكبار فهي قد تقودهم الى عالم مليء بالخوف لينشا عندهم صراع داخلي بين صورة العالم الذي اعتادوا عليه وبين ما يرونه الان.
الدكتور محمد الحباشنة اخصائي الطب النفسي اعتبر ان مشاهدة الاطفال لاحداث غزة امر غير سليم ويترك اثارا سلبية عليهم.
واضاف ان ما يشاهدونه الان هو صدمة حقيقية لا تتناسب مع تطورهم المعرفي فالاسر اعتادت على منع اطفالها من مشاهدة المسلسلات التي يبلغ عليها طابع العنف خوفا من تاثرهم بها فكيف يسمحون لهم بمشاهدة هذه المناظر التي تعتبر اكثر عنفا واكثر الما ؟. واشار الحباشنة الى ان ما يتعرض له الاطفال حاليا هو شعور ما بعد الصدمة فرؤيتهم لهذا العنف وتعرض اطفال بعمرهم لهذا العذاب يصيبهم بصدمة نفسية كبيرة تتمثل في القلق وعدم رغبتهم بتناول الطعام والخوف بالليل خاصة وان الفكرة الطبيعية لديهم بان العالم آمن تتغير تبعا لما يرونه.
وبين الحباشنة ان رؤية الاطفال لهذه المشاهد ومتابعتها بشكل مستمر كما يفعل الكبار يعزز عندهم فكرة ان الموت اصبح سهلا وان تعرض الاطفال لهذا العذاب امر ممكن بهذه الحياة مشيرا الى ان كثيرا من الاسر اصبحت تشكو من تغير سلوك اطفالهم بعد احداث غزة كزيادة اعراض التبول الليلي المرتبط بالقلق والخوف عند اطفال.
اضافة الى عوارض اخرى غير مرضية خاصة في فترة الامتحانات فالقلق والاضطراب والخوف جمعيها اعراض مرتبطة بما يرونه من احداث مؤلمة لا تتناسب مع اعمارهم و لا مع ادراكهم المعرفي .
واشار الحباشنة ان للأطفال الحق في الحصول على المعلومات حول ما يدور حولهم لكن هذا الحق يجب ان يقتصر على المعلومة فقط وهذه مسؤولية الاهل بعدم ترك اطفال يشاهدون ما يحدث ويراقبون عذاب الاطفال ودمائهم لانهم لا يستطيعون فعل شيء لكنهم يخزنون في اعماقهم كل ما يشاهدونه مما يترك اثرا سلبيا على حياتهم.
وبالرغم من الاثار السلبية التي يتاثر بها الطفل نتيجة مراقبته لما يحدث الا ان معظم الاسر لا تتوقف عند هذه الامور كثيرا وتعتقد ان ترك الحرية لاطفالها لمتابعة هذه الاحداث المحزنة امر طبيعي يعرفهم بما يحدث بالعالم وبعذاب الاطفال الاخرين متجاهلين التغيرات التي تحدث لدى الاطفال ومشاعر الخوف والقلق التي يعيشونها نتجية سماع صوت صراخ طفل او مشاهدة دمه وهو ينزف. الحديث عن احداث غزة رافق الاطفال الى قاعات الامتحانات فالمعلمات في المدارس اكدن ان الطلاب والطالبات خاصة في الصفوف ( الرابع و الخامس والمراحل الابتدائية الاولى ) يتحدثون عن ما يشاهدونه وكانهم كبار.
فاصبحت كلمة الموت تترد على السنتهم ويتبادلون الاحاديث حول العدو ورغبتهم الكبيرة بوقف القتل عن اطفال غزة.
فمسؤولية منع الاطفال من متابعة هذه المشاهد المليئة بالاسى والعنف هي واجب الاسر تجنبا من احداث اضطرابات نفسية وتغير سلوكيات اطفالهم الى الاسوأ خاصة خلال فترات الامتحانات التي بطبيعتها تحمل القلق معها.
حق الاطفال بمعرفة ما يحدث لا يمكن تجاهله لكن تركهم يشاهدون كل هذا العذاب خاصة فيما يتعلق باطفال غزة امر غير منصف لهم و لاعمارهم و ولادراكهم العقلي. فهذه يعبرون عن خوفهم من هذه المناظر بسلوكيات كثيرة قد يجهل الاهل سببها وحدوثها لاطفالهم لكن ترقبهم وبقائهم ساعات طويلة برفقة الكبار امام شاشات التلفاز هي سبب التغيرات التي تحدث لهم وتؤذيهم.
المفضلات