بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
أرجو قراءة هذا النقل العلمي بتروي :
موضوع ( المظاهرات ) - جُملةً - ودعوَى إدخالِهِ في باب ( الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكَر ) - كما زَعَمَ بعضُهُم ! - ؛ فهو ليسَ كذلك - ألبتَّةَ -
بل هو غفلةٌ عن قاعدةِ الشَّرع الحكيم في تمييز ( المصالح المُرسَلَة ) - الحَقَّة - مِن ( البِدَع ) المُحدَثَة - الباطِلَة - كما قرَّرَهُ شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّةَ - رحِمَهُ اللهُ - في كتابِهِ « اقتِضاء الصِّراط المُستقيم »
حيث بيَّنَ - رَحِمَهُ اللهُ - : " أنَّ أيَّ أمْرٍ حادِثٍ ذي صِلَةٍ بالعِبادةِ قامَ المُقتَضي لِفِعْلِهِ في عصر النُّبُوَّةِ ، ثم لمْ يُفعَل : فهو بدعةٌ .. "
فالغفلةُ عن إعمالِ هذه القاعدة الشرعيَّةِ - ومَثيلاتِها - يُوقع في دعاوَى عريضة ، ومذاهب فقهيَّة فاسدة !
بل الواقعُ - في هذا - سارٍ على مِثلِ معنى قولِهِ تعالى :
{ وإذا قيلَ لهُم لا تُفسِدُوا في الأرضِ قالُوا إنَّما نَحنُ مُصلِحُون }
فليسَت كُلُّ مُطالبةٍ بالإصلاحِ مَعروفاً ! وليسَ كُلُّ نَهْيٍ عن الإفسادِ حقًّا !
والعبرةُ - أوَّلاً - بالحقائقِ والبيِّنات ، ثُمَّ بالنَّتائجِ والثَّمَرات ، والمصائرِ والمآلات
ثانياً - { لو كانُوا يعلَمُون } . .
وفتوَى أئمة العِلم الرَّبَّانِيِّين في هذا الزمان - جميعاً - الإمام الألباني ، والإمام ابن باز ، والإمام ابن عثيمين رحمهم الله أجمعين :
على تحريمِ هذه المُظاهَرات ، وما يتبعُها من فوضَى ، وفِتَن ، ومِحَن - حتَّى لو ادُّعِيَ سِلميَّتُها !
بل يَرَى كُلُّ ذي بَصَرٍ وبصيرةٍ آثارَ هذه المُظاهَراتِ السَّيِّئةَ في عددٍ مِن البُلدان العربيَّة هُنا ، وهُناك ، وهُنالك ، و( مَن رَأَى العِبرةَ بأخيهِ فلْيَعْتَبِر )
فالأمرُ كما قال الصَّحابيُّ الجليلُ ابنُ مسعود رضيَ اللهُ عنه :
« السَّعيدُ مَن وُعِظَ بغيرِهِ »
فكيفَ الشَّأنُ إذاً بمَن لم يتَّعِظْ حتّى بنفسِهِ ؟ !
بل تَراهُ يدعُو غيرَه إلى الوُقوع في الحُفرةِ التي أوْبَقَ فيها بعضُهُم نفسَه - بنفسِهِ - دُونَ وازِع ، ولا رادِع !
يا عُقلاءَ الأُمَّة ولا أقُولُ : عُلماء ! ...
العلمُ أمانةٌ ، ورسالةٌ ، ومسؤوليَّةٌ ؛ ليس العلمُ هَدْراً للنُّفوسِ ، ولا تثويراً للعواطِفِ ، ولا إيقاعاً للأمَّةِ في المِحَن والفِتَن ، ولا جرًّا لها إلى مستقبل مجهول ، بفعلٍ غير معقول ، وقولٍ غيرِ مقبول . . .
وهذا التَّأصيلُ كُلُّهُ ينبغِي أن لا يتعارَضَ ألْبَتَّةَ مع الدَّعوةِ إلى الإصلاحِ ، ونَقض الفَساد ؛ فاللهُ تعالى يقولُ :
{ ولا تُفسِدُوا في الأرضِ بعدَ إصلاحِها }
ويقولُ سُبحانَهُ :
{ إنْ أُريدُ إلا الإصلاحَ ما استطعتُ وما توفيقي إلا بالله عليه توكَّلْتُ وإليه أُنيبُ } .
{ واللهُ يعلمُ المُفسِدَ مِن المُصلِحِ }
وهو سُبحانَهُ المُستعانُ ، وعليه التُّكلان .
انتهى النقل .............
والحمد لله رب العالمين
المفضلات