علينا ان نعلم انه لا تأجيل ولا تأخير في السعي نحو مرضاة الله - سبحانه - ، فعلينــا ان نبدأ منذ هذه اللحظة ؛ أي منذ لحظة العودة الى الوعي ، واليقظة الروحية ، كأن نعمل على مشاركة اخواننا في همومهم ، والمساهمة في رفع المشاكل عنهم ، والسعي في قضاء حوائجهم ، والمبادرة الى السؤال عن حاجاتهم واحوالهم ، فقد لا نعلم ان بعضهم قد يبيت الليالي على الجوع ، ويصبح وهو يتحسر على رغيف العيش ، " ، فان لم يكن بامكاننا قضاء حوائج اخواننا فلنظهر لهم الحب على الاقل ، ولنتبسم في وجوههم ، وندخل السرور والبهجة الى قلوبهم .
ولنعلم في هذا المجال ان القضية ليست قضية مال او نفس ، فالله - جل شأنه - غني عن العالمين ، بل ان المهم هو استئصال حالة الشح والبخل من النفس ، هذا الشح الذي اصبح مرضا اصاب الكثير منا ، ونحن بحاجة الى علاجه ، وتدريب النفس وترويضها بالصلاح والطاعة .
فلنحــاول ان نميت فـي انفسنا تلك الحالات النفسية القبيحة كالشــح ، والانانية ، والكبرياء ، والغرور ، ولنكن كرماء ، متواضعين لله ، وان لا نكتفي بما نعمله من الصالحات والخيرات لمجتمعنا ، وامتنا ، ولنبتعد كل البعد عن الاخلاقيات الفاسدة التي تؤدي الى الانحراف ، والضلال كالغيبـــة والكذب والنميمة والاحتيال .. ولنكن محبين لاخواننا ، مظهرين التودد لهم.
ثم وايانا والابتلاء بآفة الحسد ، هذه الافة الاجتماعية التي لو شاعت فانها ستؤدي بالمجتمع الى الانهيار والاضمحلال ،
فهي ليست مسألة هينة بل انها تمثل حالة عميقة الجذور في القلب ، تكدر النفس الانسانية وهي آخر ما يستأصل من الصفات السيئة في القلب والنفس ، وهذا الاستئصال يكون من خلال حب الاخرين ، وتمني الخير لهم ، والبذل من اجل سعادتهم بعد غلق المنافذ والابواب التي قد يدخل من خلالها الشيطان الى النفس ، فيبث وساوسه ، ويفسد القلب ، ويميت الروح المحبة للخير في اعماق الانسان .
ولنحاول من الان فصاعدا ان نتعب انفسنا ، واجسامنا في الله ولو لساعة واحدة من ساعات يومنا البالغة اربعا وعشرين ساعة ، ولنؤد في هذه الساعة عملا يعرق له جبيننا وذلك من اجل راحة المؤمنين ، وتسهيل امورهم ، وقضاء حوائجهم .
وما اجمل وقع مثل هذا العمل في النفس ، واعظم اجره عند الله - سبحانه وتعالى - مهما كان بسيطا ، ومهما بدا صغيرا ، بدل ان نصرف الساعات الطويلة في ممارسة الاعمال التي لا تجدي نفعا كبيرا ، والـتي نـقـوم بـهـا لالهـاء انـفسـنـا ، وقـضـاء اوقـات فـراغـنـا لا مـن اجل الله
ان تلك الخطوات البسيطة التي ذكرنا قسما منها فيما سبق هي درجات علينا ان نرتقيها نحو السمو ، والتكامل ، والاقتراب من الحقيقة العليا ، وهي تبعث في القلب حالات الطمأنينة ، وتقوي الايمان وتدعمه وتوثق عراه ، ثم تتبعها بعد ذلك سلسلة من الاعمال اكبر واعظم واكثر عمقا ترفعنا الى السمو العقلي .
منقول
المفضلات