في البداية.. قد تتبادر إلى أذهانكم معان أخرى عندما تسمعون شخصًا يوصف بأنه خروف..!دعكم من الإنسان الخروف الذي يحب النوم مبكرًا، ودعكم من الإنسان الخروف، الذي ينسى الأشياء بسرعة!هذه النظرية تتحدث عن نوع آخر من الخرفان..!هناك جزآن من هذه النظرية، تمامًا مثل جزئي نظرية التكامل، حفظها الله لطلاب الثانوية العامة:الجزء الأول:الأشخاص الذين يتصرفون كـ«الخرفان».. عفوًا.. أعني «الخراف»..الجزء الثاني:الأشخاص الذين يُعاملون كـ«الخراف»..الجزء الأولالأشخاص الذين يتصرفون كالخراف..لا يوجد الكثير من الكلام عنهم، لأنهم معروفون ومنتشرون، بل إن أغلب الناس كذلك.مجرد «خراف» تتبع من يقودها، وتهلل لقائدها الذي يتكلم، دون أن تكلف نفسها عناء التفكير جيدًا فيما يقول.. يكفي أنه القائد المنتظر، ويكفي أنهم «خراف»!وقد ذمّ الرسول [ في أحد الأحاديث الشريفة، الشخص الإمعة الذي يُسيء إذا أساء الناس، ويُحسن إذا أحسن الناس..الشخص الخروف الذي ليس هو أكثر من تابع ـ ولو فكريًا ـ لغيره دون إرادة للتفكير المستقل.. والذي يتصرف على هوى الجو والناس المحيطين من حوله، ناسيًا أنه إنسان بعقل وإرادة، وليس خروفًا..!الجزء الثانيماذا تقول لو أن زميلك في السكن أتى ليخبرك بلهجة تقريرية أنه أنهى عقد إيجار الشقة المفروشة التي تسكنان فيها خلال مدة دراستكما، وسيتم تسليمها اليوم، وأن عليك أن تلملم أغراضك، لتبحثا عن سكن آخر؟أو أن صديقك العزيز أتى ليخبرك بلهجة طيبة وبريئة أن ترتدي ثيابك الآن لكي تصطحبه في زيارة، قد أخبر أصحابها مقدمًا أنك ستأتي معه وهم ينتظرونك كضيف شرف؟أو أن زوجكِ أتى ليخبرك أنه دعا زملاءه للعشاء اليوم، ووعدهم بالأكلة الفلانية التي تجيدين صنعها؟أو أن مديرك أخبرك بأنه تقرر نقلك لإدارة أخرى أو لفرع آخر، وما عليك إلا التنفيذ؟تخيّل نفسك في كل هذه المواقف، وأخبرني ماذا ستفعل؟ستثور طبعًا، ستصرخ وتصرخ وتملأ الدنيا احتجاجًا..لماذا لم تأت لأخذ رأيي أولاً؟ لماذا لم تستشرني قبل أن تتكلم بلساني؟ «افرض أني مشغول، كيف تجرؤ على تقرير شيء لا تعرف عنه أي شيء..!» وأشياء من هذا القبيل.وسيتحمل الطرف الآخر كل هذا، وبابتسامة أيضًا..! لأنه ببساطة لم يعد هناك مجال للتراجع من قبلك..!يا «خروفي» العزيز..! ليس أمامك مجال للخيار بما يكفي ـ للأسف ـ ستهدأ بعد لأي، ولأنك ابن حلال مصفي، ولأنك ناضج ستمتنع من تكسير رأس الطرف الآخر، أو إحراجه وإحراج نفسك، ولأنه من الصعب التراجع فعلاً، ستقبل أن تنفذ ما وضعت فيه دون معرفتك، وأنت تكاد تنفجر، لكنك لن تملك نفسك من الشعور بشعور الخروف «وأنت ذاهب..!».هناك حبل غير مرئي حول عنقك، وزميل الكفاح صاحب الورطة التي أوقعك فيها ينظر إليك ببراءة، يمسك بهذا الحبل في يده (ربما دون أن يعلم أنه يمسك به) وعندما تسير لتنفيذ رغبته، سيكون أمامك يسحب الحبل، وأنت تجرجر قدميك خلفه كأحلى «خروف»..!ماذا لو أنك كنت جالسًا مع اثنين، تنقل البصر بينهما في غباء، وأنت تسمعهما يتحدثان عنك! عن شؤونك أنت!ويتناقشان في الموضوع في جدية وحماسة، دون أن يخطر ببالهما أن يشركاك في الحديث!يتحدثان عنك وكأنك غير موجود، يتحدثان بصيغة الغائب، وكأن النقاش لو انتهى وتم فيه تقرير المصير، ما عليهما إلا أن «يبلغاك» بهذا ـ إن أبلغاك من الأساس! ويعطياك القرار جاهزًا (بل تجد نفسك تحت الأمر الواقع) بعد أن تم البحث فيه جيدًا من قبلهما..ماذا عن رأيك أنت؟!وهل للـ«الخراف» رأي؟!لست خروفًا..!يا للأسف..!لو كنت خروفًا سيجنبك هذا وقع الإهانة وأنت تستمع لمن يتحدث عنك في وجودك بصيغة الغائب..!أليست «الخراف» الأولى أفضل..؟البرهانلابد لكل نظرية من برهان طبعًا، وبرهاننا هو: انظر حولك، وسترى البرهان..!هناك نظريات عدة تقبل دون برهان، وقربية لنظرية الخروف.. منها نظرية الخروف ـ كبش الفداء.. ومنها نظرية القطيع..نظرية كبش الفداءقريبة ولكن من بعيد لنظرية الخروف..كبش الفداء غالبًا ما يكون من «أسمن» و«أفضل» ما في القطيع..ولأنه من أفضل «الخراف»؛ لن يعترض على أن يكون شهيد التضحية لأمر أو خطأ عام وقع فيه الجميع..سيكون عبرة لمن اعتبر لبقية الخراف..الغريب أننا لو أخذنا الموضوع من وجهة نظر منطقية فإن «الخراف» المشاكسة و«الهزيلة» في كل شيء تستحق الذبح أكثر!ولكنها قوانين نظرية «كبش الفداء» الصارمة (لسنا في نظرية التكامل في الرياضيات حتى نتبع المنطق ـ للأسف ـ!)لا بد أن يكون كبش الفداء من «أفضل» ما في القطيع..!نظرية القطيع هناك مجموعة من الخراف تتبع للراعي، وعليها أن تمشي في اتجاه محدد لها سلفًا، وفي حدود معينة للمرعى، وإذا حاول أحد الخراف أن يمشي خارج القطيع مبتعدًا، يقوم كلب الراعي بما يلزم، يتبعه ويلحق به، وينبح في وجهه حتى يخيفه، ليعود إلى القطيع مرة أخرى..وخير خراف هذا القطيع هو أكثرها طاعة و«تبعية» وسينعم بحب الراعي والبعد عن المشكلات..هذا قطيع والأمر ليس فوضى، حتى يتفرد كل خروف برأي مستقل في أفضل الأماكن ليرعى منها..!ملاحظةالمشكلة أن ما ينطبق على الخراف لا يصح أن ينطبق على الإنسان..!استنتاجمن قال إن ما ينطبق على الخراف لا يمكن أن ينطبق على الناس..!! بالعكس.. ممكن جدًا..!ومطلوب من خراف القطيع في هذه الحالة ـ بالإضافة إلى مهمات قطيع الخراف العادية ـ أن يفرحوا إن كان الراعي سعيدًا، ويحزنوا إن كان الراعي حزينًا، وأن يغضبوا إن كان الراعي غاضبًا..! وأن يصفقوا لكل كلمة يقولها..!نصيحة.. أقصد نتيجةلا تكن إن كنت إنسانًا وتريد أن تبقى كذلك، وكنت مستعدًا لدفع الثمن، خروفًا..وإن كان كل ما تريده من الدنيا هو الهدوء وراحة البال، والبعد عن المشكلات، كُن خروفًا..!مسائل حسابية(1) هل تفضل أن تكون خروفًا؟ـ نعم.. لا أحب وجع الرأس، تكفيني هموم الحياة..ـ لا.. مهما كان الثمن..ـ أحيانًا.. حسب الظروف..!(2) من نظرية «الخروف/الجزء الثاني؛ ماذا يذكرك الشخص الخروف (على الرغم منه) الذي يرى من يتناقش في أمره وكأن لا وجود له، ولا اعتبار لرأيه؟ـ يذكرني بنفسي..! ـ يذكرني بالإهانة مجسمة..!ـ يذكرني بدول العالم الثالث..!(3) برأيك، ماذا يعتبر كبش الفداء؟ـ مسكينًا.. أشفق عليه، ولكني لا أحب أن أكون مكانه..ـ أحبه.. لأن كل المشكلات وقعت على رأسه، ولن تقلقنا السكين بعد الآن..!ـ لن تضيع تضحيته سدى..ـ رائع.. على الأقل كبش الفداء ليس خروفًا..(4) أحسب نهاية الخروف، إن كان لها وجود..!ـ تؤول إلى قيمة «الصفر»..!ـ تؤول إلى المالانهاية السالبة..!ـ النهاية اليمنى لا تساوي النهاية اليسرى، إذن، النهاية ليس لها وجود..ü ü üبعض الإجابات ليست في «آخر» كتاب الرياضيات، وكما هي العادة للأسف (لا مجال للغش إذًا!)ستكون الاجابة في «آخر» ..الحياة.!
المفضلات