هل الإعتصامات "سيرة وانفتحت" في الشارع الأردني ؟؟.. بقلم: م . سالم أحمد عكور
بقلم: م . سالم أحمد عكور
بات الوضع في الشارع الأردني كساحة مفتوحة أمام كل من له مطلب خاص أو عام بأن يشارك أو يقيم مسيرة أو اعتصام وقت ما يشاء وفي أي مكان يشاء وخاصة بعد أن أعفيت هذه الفعاليات من الحصول على الموافقات الأمنية المسبقة والاكتفاء بإعلام الجهة المعنية بهذه الفعاليات ..!!
لذلك بات الوضع أقرب من " الموضة " عند بعض الغاوين في إثارة أجندات جوارية تدور في بعض الدول العربية المجاورة ونقل ذاك الوضع المتأزم إلى الشارع الأردني عبر فئة العاطلين عن العمل الذين وجدوا في هذه التأزمات تفريغاً لبعض الشحنات القهرية التي ولدها تردي الوضع الاقتصادي وتفاقم بعض حالات الفساد في مؤسساتنا الوطنية ..!!
قد نقتنع بقيام هذه الفئة من العاطلين عن العمل بمطالبات شرعية وانسانية تخرجهم من وضعٍ اقتصادي حرمهم متعة الحياة بشكلها الانساني والاجتماعي بعيداً عن التسييس ، ولا تؤخذ وكأنها سيرة وانفتحت ولا بد من اقتناصها واستغلالها قبل أن تكون سيرة وأغلقت . المطالبات في هذا القالب " الاجتماعي والانساني " مشروعة دستورياً ، وأمر صحي ، بل صحي جداً إذا أردنا تطبيقاً صحيحاً ومنطقياً للوضع الديموقراطي المنشود الذي يقودنا إلى مزيداً من الأمن والإستقرار بكل نواحيه .. ولأن تفاقم المشكلات الاجتماعية والانسانية في المجتمعات تقودها إلى حافة الانهيار
، لا بد من استباق نتائجها الوخيمة ، وإدراكها بكل وسائل الوقاية قبل ولوجنا إلى حالة لا يمكن السيطرة عليها ..!!
أما الإعتصام من أجل الإعتصام ولفت الأنظار ، أو التظاهر من أجل تقليب الفكر والرأي الشعبي على استقرار الوطن وكينونته ، أو القيام بمسيرات مُسَيّسة معلومةٌ أغراضها ومآربها الدنيئة فهي مرفوضة ، بل لابد من التعامل معها بصورة حازمة جداً وخاصة عندما يتطور الأمر إلى الإضرار بمقدرات الوطن ، والمساس بأمن واستقرار الوطن والمواطن الذي منذ أمد طويل ونحن نحسد عليه عربياً واقليمياً وعالمياً ، وهذه الصورة المشرقة لا بد من أن تبقى بذات النصاع الذي استقر في أعين العالم أجمع عن الأردن وشعبه ..!!
إن استباق الأحداث ، والتسارع في وتيرة المطالبات واتساع رقعتها ، وعدم إعطاء الفرصة الكافية والوقت اللازم الذي تتطلبه التعديلات الدستورية وبعض القوانين والتشريعات التي أمر بها " جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين أمد الله بعمرة " بكل شفافية ووضوح من أجل الاصلاح ، قد توصلنا إلى طريق مظلم لا يُمَكِّنْ مَنْ أوكلت إليهم مهام هذه التعديلات من العمل بصورة جيدة ، أو الخروج بمخرجات وصيغ تكون مقبولة لدى السواد الأعظم من السياسيين والمواطنين ، لأنها لم تأخذ الوقت الكافي من الدراسة المتأنية والتحليل المنطقي قبل إقرارها أو عرضها على
مجلس الأمة ، ثم نبدأ على إثرها بالإعتراض والتهجم العشوائي على القائمين على هذه التعديلات والإنكار عليهم جهودهم التي يبذلونها من أجل الوصول إلى مخرجات قد تُرّضي كل ألأطياف السياسية والشعبية التي تعيش على مقدرات هذا الوطن ..!!
صفة " الكمال " هي لله وحده ، فلا شريك له بهذه الصفة ، و كما أن الإنسان قد يصيب في قراراته ، فهو أيضاً قد يخطئ ، فكلنا معرضون للخطأ والصواب ، وما يساعد على ازدياد نسبة الصواب هو التأني ، والتسرع يساعد على ازدياد نسبة الخطأ كذلك ، فعندما أُطلق مفهوم " المطبخ " على العديد من الأنشطة المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحفية ، هو دليل على أن هؤلاء النشطاء يحظرون عبر اجتماعاتهم وندواتهم لوجبة شهية تطبخ على نارٍ هادئة ، لأنهم يعلمون إن استعجلوا " الطبخ " بالمؤكد سيكون مذاق قراراتهم مزّاً لا يُستساغ ..!!
لذلك .. دعونا ننتظر مخرجات الاصلاح بتأني ، وإعطاء القائمين عليها العمل برحابة صدر وارتياح ، دون مزيداً من الظغوطات التي لن توصلنا إلاّ إلى طريقٍ مسدود .. رغم أننا نعلم ، إننا نريد العنبَ ولا نريد قتل الناطور ..!!
المفضلات