" اعرض عن الجاهل السفيه .... فكل ما قاله فهو فيه "
وإن سبك أو شتمك أو قال عنك ما ليس فيك
أعرض عن الجاهل السفيه فإن مجاراته " ندمٌ و عبءٌ بعد ذاك وخيمُ "
فإذا " جريتَ مع السفيه كما جرى ............ فكلاكما في جريه مذمومُ "
اعرض عن الجاهل السفيه :
و " لا تتَّبعْ سُبُل السفاهةِ و الخنا ...... إن السفيهَ معنفٌ مشتومُ "
اعرض عن الجاهل السفيه حتى لا تلحقك معرة الجاهلين
وقل له " كل إناء بما فيه ينضح "
اعرض عن الجاهل السفيه حتى لا تتأذى بجهله وسوء خلقه
" فمنزلة السفيه من الفقيه...........كمنزلة الفقيه من السفيه "
اعرض عن الجاهل السفيه حتى لا تنحدر اخلاقك إلى ما هو واقع فيه
" فـإن كلمته فرجـــــــت عنه ......... وإن خليـــــته كمـــداً يمـــــوت "
اعرض عن الجاهل السفيه ففي الإعراض عنه
" شرف ، وفيه أيضاً لصون العرض إصلاح "
اعرض عن الجاهل السفيه وقل له :
" سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ " القصص55
لما سئلت أمنا عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ولعن الله من تكلم فيها
عن خلق رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قالت :" كانت خلقه القرآن "
وعنها رضي الله عنها : " أن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
كان يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم يتأول القرآن " أي يفعل
ما يأمره به القرآن
فالواجب على المسلم أن يتحلى بأخلاق القرآن وأن يمتثل لأوامره وأن يجتنب نواهيه
عليه أن يتمسك بالآداب التي حث عليها ولنتدبر معاني الكلمات والآيات الكريمة
ولا نمر عنها مرور الغافلين نقرأ بألسنتنا من دون أن نعمل بجوارحنا
فقد أرشدنا القرآن إلى كيفية التعامل مع الجهلة والسفهاء ومع هذا وذاك
نغفل عن تعاليم القرآن وآدابة التي حثنا عليها كما كان رسولنا صلى الله
عليه وسلم يعمل بها ، فبين لنا الطريق المثلى والعمل الأصوب والأسلم السديد
للتعامل مع ذلك الصنف من الناس فإن أخذنا بتعاليم القرآن فزنا ونجحنا
وكان التوفيق والسداد حليفنا وإن غفلنا عن تعاليم ديننا خسرنا اشياء
كثيرة وأمور عظيمة ، فالقرآن الكريم قد ارشدنا إلى كيفية التعامل مع
السفهاء والجهلة فما علينا إلا أن نتدبر آياته ونفهمها ونقف عند معانيه
ولا يكون هم أحدنا آخر الصفحة
وأنا اكتب هذا الكلام ليكون لي هداية وتذكيرا
حتى لا أقع بالزلل فقد ابتلاني الله في سفهاء جهلاء سبوني
وشتموني وكذبوا عليّ وقالوا عني ماليس بي ، فدافعت عن نفسي من كذبهم وخبثهم
إلا أن الشيطان انساني الإعراض عنهم فأخذت بمجاراتهم في سفاهتهم وندمت على ذلك
فقد شغلت بهم وانحدرت بمجاراتهم إلى شيء من الفاظهم وأخلاقهم
فكتبت هذا حتى يكون تذكرة لي أولا ولإخواني ثانيا نسأله أن يثبتنا
وأن يعنينا على أنفسنا وأهوائنا وأن يبعد عنا مجاراة هؤلاء السفهاء
قال تعالى : {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }الأعراف199
قال الإمام القرطبي رحمه الله :
هذه الآية من ثلاث كلمات ، تضمنت قواعد الشريعة في المأمورات والمنهيات
فقوله : "خذ العفو" دخل فيه صلة القاطعين ، والعفو عن المذنبين،
والرفق بالمؤمنين، وغير ذلك من أخلاق المطيعين.
ودخل في قول : "وأمر بالعرف" صلة الأرحام، وتقوى الله في الحلال والحرام،
وغض الأبصار، والاستعداد لدار القرار .
وفي قوله : " وأعرض عن الجاهلين" الحض على التعلق بالعلم ،
والإعراض عن أهل الظلم، والتنزه عن منازعة السفهاء، ومساواة الجهلة
الأغبياء، وغير ذلك من الأخلاق الحميدة والأفعال الرشيدة . انتهى
فإذا اقمت الحجة وبينت فأعرض ولا تلتفت إليهم
قال رحمه الله : " وأعرض عن الجاهلين" أي إذا أقمت عليهم الحجة وأمرتهم
بالمعروف فجهلوا عليك فأعرض عنهم ؛ صيانة له عليهم ورفعا لقدره
عن مجاوبتهم . وهذا وإن كان خطابا لنبيه عليه السلام فهو تأديب لجميع خلقه. انتهى
كما أن في الإعراض عنهم وتغافلهم خيرا كثيرا
جاء عن الشافعي قوله : "الكيس العاقل؛ هو الفطن المتغافل"
وجاء عن عثمان بن زائدة ، قلت للإمام أحمد: " العافية عشرة أجزاء
تسعة منها في التغافل " فقال : " العافية عشرة أجزاء كلها في التغافل "
يقول سيد قطب رحمه الله في ظلال القرآن :
"
وأعرض عن الجاهلين " قال رحمه الله : " والإعراض يكون بالترك والإهمال ;
والتهوين من شأن ما يجهلون به من التصرفات والأقوال ; والمرور بها
مر الكرام ; وعدم الدخول معهم في جدال لا ينتهي إلى شيء إلا الشد والجذب ,
وإضاعة الوقت والجهد وقد ينتهي السكوت عنهم , والإعراض عن جهالتهم
إلى تذليل نفوسهم وترويضها , بدلاً من الفحش في الرد واللجاج في العناد .
فإن لم يؤد إلى هذه النتيجة فيهم , فإنه يعزلهم عن الآخرين
الذين في قلوبهم خير . إذ يرون صاحب الدعوة محتملاً معرضاً عن اللغو
, ويرون هؤلاء الجاهلين يحمقون ويجهلون فيسقطون من عيونهم ويُعزلون !.انتهى
عافانا الله وإياكم من السفهاء والجهلاء وجعلنا من المعرضين عنهم
وعن سوء اعمالهم وفحش أقوالهم وجعلنا الله وإياكم ممن
يستمعون القول فيتبعون أحسنه
بقلم احمد بوادي
المفضلات