أبواب
اكمل البناء وأتم البناء
هناك ازواج من الكلمات لا نفرق بينها عند الاستعمال، نقول اكملتُ بناء المنزل واتممت بناء المنزل، ونقول: جاء المسافرون وأتى المسافرون، ونقول الطريق واضح والسبيل واضح، إن العرب فرقوا بينها، واعطوا معاني لها، وقد وجد العرب ان اكمل لها استعمال واتم لها استعمال آخر، كما وجدوا ان للازواج الاخرى معاني أُخرى متنوعة، ولا أريد في هذه المقالة التشدد في لغتنا، فان وصول المعاني الى الناس هو الغرض الاسمى، ولكن هذا لا يمنع ان نحيط بشيء من مستويات اللغة، فنعرف ان هذا اجود من هذا، وما أجمل اللغة اذ تنزل للجماهير.
اما كلمة (اكمل) فيبدو انها هي الاهم، فاذا كنت تريد الحديث عن الفرائض والاسس والاصول فالاولى ان نأخذ بالفعل (اكمل)، واذا اردت ان تتحدث عن الفروع والنوافل والثانويات فخذ الفعل (أتَمَّ)، قال سبحانه «اليوم اكملتُ لكم دينكم واتممتُ عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا»، كان ذلك يوم الحج الاكبر يوم حجة الوداع، تلقى الرسول (صلى الله عليه وسلم) بان الفرائض اكتملت، وقال بعض المفسرين، هناك نزل آخر حكم شرعي. واما «واتممتُ عليكم نعمتي، فقد تمت النعمة بالطمأنينة والامن والسير من مدينة الى مدينة دون خوف.
ومثل ذلك الفعلان جاء واتى، ونستطيع ان نميز بين هذين الفعلين بالنظر في الآيات التي تضمنتها، قال سبحانه «ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم»، الذي جاء شيء ملموس، وهو الكتاب، وقال سبحانه «ولمن جاء به حمل بعير» والحمل يكون شيئا ماديا ملموسا، واما الفعل (اتى) فلا يأتي للملموس او المحسوس فيما يقولون بل يأتي مع الشيء المعنوي، قال سبحانه «اتاها امرنا ليلا او نهارا» وكلمة الامر شيء معنوي، وقال سبحانه في سورة الحجر «واتيناك بالحق وانا لصادقون» آية64، ومثل ذلك قوله تعالى «اتى امر الله فلا تستعجلوه» اتى جاءت مع اشياء معنوية، فذلك هو الفرق، جاء للاشياء المادية، واتى للاشياء المعنوية، ما أجمل ان يتذوق العربي لغته.
د. كامل جميل ولويل
المفضلات