التفكك الأسري وغياب الحوار وراء تغيب الفتيات عن منازلهن
التفكك الأسري وغياب الحوار وراء تغيب الفتيات عن منازلهن
06-03-2016
شهدت الاعوام الاربعة الماضية تزايدا واضحا في نسب الفتيات المتغيبات عن المنازل وهي قضية اجتماعية يصنفها الاخصائيون الاجتماعيون بانها «حديثة « على المجتمع تشمل الفتيات دون سن الثامنة عشرة اللواتي يتغيبن عن منازلهن لفترة زمنية تتراوح من يوم الى اسابيع دون علم الاسرة عن مكان تواجدهن.
وتشكل هذه القضية اهتماما من قبل وزارة التنمية الاجتماعية ودار الوفاق الاسري التابعة للوزارة والمعنية باستقبال النساء المعنفات وهؤلاء الفتيات كونها تؤثر على مستقبل القاصرات اللواتي قد يتسبب غيابهن بتعريضهن لمخاطر عدة واستغلال من قبل الاخرين عوضا عن مشاعر الخوف التي تنتاب الاسر لغياب بناتهن والمشاكل الاسرية التي تترتب على هذا السلوك فيما بعد.
مديرة دار الوفاق الاسري سمر صبحا قالت ان الدار استقبلت منذ بداية العام الجاري الى الان تسع حالات لفتيات متغيبات تتراوح اعمارهن من 14-19 عاما في حين وصل عدد المتغيبات خلال العام الماضي مئة حالة معتبرة ان قضية التغيب من القضايا الاجتماعية الهامة بالرغم من عدم اعتبارها ظاهرة مجتمعية.
واضافت ان هؤلاء الفتيات يشتركن بذات المرحلة العمرية ونسبة كبيرة منهن منقطعات عن الدراسة لا يذهبن للمدارس بعد الصف السادس حيث يعيش اغلبهن باسر تعاني من التفكك الاسري وغياب الام فتعيش الفتاة في حالة من العزلة ويتم تحميلها مسؤولية الاعتناء باشقائها الاصغر منها بالرغم من انها لا تزال طفلة مشيرة الى ان هذه الاسباب وغيرها من انعدام الحوار بين الفتيات واسرهن تدفع بهن للتغيب عن المنزل.
ولم تقلل مديرة الدار من خطورة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الفتيات دون توعية سليمة باستخدامها مما يعرضهن لاستغلال من قبل الاخرين وانجراف وراء علاقات تكتشف الفتاة بعد خروجها من منزلها بانها علاقات كاذبة هدفها الاول والاخير استغلالها اسوأ استغلال مشيرة الى ان الفتيات يخفن الرجوع لاسرهن خوفا من العقاب فيلجأن الى الجهات المعنية بحمايتهن.
واشارت صبحا الى ان هناك تاثيرات سلبية للمسلسلات التركية على تفكير الفتيات بهذا العمر حيث ترغب الفتاة بتقليد ما تراه وتعتقد بان الحياة تبدا وتنهي عند قصص الحب التي تدور حولها هذه المسلسلات.
ونوهت صبحا الى ان الضغوطات الاسرية التي تعيشها بعض الفتيات من قبل اسرهن من خلال فرض قوائم من الممنوعات الشديدة لتشعر الفتاة انها في سجن بدلا من اسرة مسؤوليتها الحفاظ على بناتها ودرء المخاطر التي قد تعترضهن بطريقة عقلانية تقوم على مبدا الحوار والثقة قد تؤدي بهن الى التغيب عن المنزل.
بدورها اعتبرت الاخصائية في الشؤون الاسرية ومديرة دار الوفاق الاسري سابقا زين العبادي ان غياب الحوار والتواصل بين الفتيات بمرحلة المراهقة وبين امهاتهن وابائهن الحاضرين باجسادهم والغائبين فكريا وتواصلا سبب لتغيبهن عن اسرهن.
واكدت العبادي ان خروج الفتاة بمثل هذا العمر من منزل ذويها وتغيبها سلوك غير اجتماعي ويتنافى مع العادات والتقاليد الاسرية والمجتمعية مما يتطلب تعزيز لغة الحوار والتفاهم بين افراد الاسرة وبناتهن وعدم تركهن بمفردهن فترات طويلة سواء كن يستخدمن مواقع التواصل الاجتماعي او الخروج برفقة صديقاتهن دون العلم المسبق بطبيعة هؤلاء الصديقات ومدى الوثوق بهن مؤكدة ان تاثير الصديقات على بعضهن البعض يكون كبيرا في هذه المرحلة العمرية في ظل انعدام لغة الحوار والتواصل بين الفتيات واسرهن خاصة الامهات اللواتي عليهن ادراك حجم مسؤولياتهن اتجاه بناتهن في هذه المرحلة العمرية والعمل على بناء علاقة صداقة فيما بينهن لتشعر الفتاة بالراحة والاطمئنان وتتمكن من البوح لوالدتها بكل ما يجول بفكرها.
الناطق الاعلامي في وزارة التنمية فواز الرطرورط قال ان نسبة الفتيات المتغيبات من مجمل النساء اللواتي تستقبلهن دار الوفاق الاسري ومنذ تاسيسها في عام 2007 بلغت 15% في حين يتراوح عدد النساء المعنفات سنويا بين 500 – 900 امراة.
وبين الرطرورط ان نسبة تغيب الفتيات التي تعاملت معها دار الوفاق شهدت ارتفاعا من عام 2011 الى عام 2013 في ظل وجود اسباب عديدة للتغيب منها الضغوطات النفسية والاجتماعية التي تعيشها الفتاة داخل اسرتها كاجبارها على الزواج من شخص لا تريده او بسبب غياب الحوار بينها وبين افراد اسرتها.
مؤكدا ان عدم وجود الام بالاسرة اما بسبب موتها او الطلاق وعدم رعايتها لاطفالها وابتعادها عنهم يسهم في خلق اجواء اسرية غير سوية تتاثر بها الفتيات بشكل كبير لحاجتهن لوجود الام والاستفادة من توعيتها ومراقبتها لبناتها التي لا يمكن لاحد ان يحل مكانها الا بحالات معينة تاخذ الاسر البديلة من الجدات والخالات دورا هاما بحياة الفتيات.
ويؤكد الاخصائيون الاجتماعيون اهمية هذه القضية وضرورة متابعة نسبها ومعالجتها من خلال التوعية والارشاد المستمر من الاسر ومن قبل ادارات المدارس لتتمكن الفتيات بهذه المرحلة العمرية من تخطيها بوعي وامن نفسي واسري معتبرين ان الحوار الاسري والثقة المتبادلة بين الفتيات والامهات طريق لتجنب مثل هذه الظواهر الاجتماعية السلبية التي في حال حدوثها قد تدفع الفتاة ثمنا باهظا كان يمكن تفاديه بمساعدة ودعم اسرتها وعدم تركها وحيدة.
المفضلات