صحافة عربية وعالمية
لبنان.. حمداً أن تخلصنا
في أحيان بعيدة فقط يمكن القول والكتابة بأن بالفعل «السلاح الافضل للصحفيين والسياسيين هو الذاكرة القصيرة للقراء والناخبين».
اليوم هو اليوم. غدا ستحل ذكرى العشر سنوات على خروج الجيش الاسرائيلي من جنوب لبنان وها نحن نعدد كل نواقص الانسحاب «العاجل»، «الهلع»، «السخيف»، من ذاك الحزام الدموي اياه.
حزب الله يمكنه أن يقيم عشرة متاحف ولن يجديه شيء. القرار بالخروج من لبنان كان قرارا اسرائيليا فقط ومحاولاته ملاحقة قواتنا فشلت تماما. صحيح ان حرب لبنان الثانية كانت من ناحيته نجاحا جزئيا، ولكن القرار بالانسحاب قبل عشر سنوات كان قرارا سليما لا يوجد شخص فهيم يندم عليه.
فقط – فقط؟ عشر سنوات مرت، وها نحن ننسى الآلاف الذين كل نبأ في نشرة الاخبار في الراديو أنقصت لهم نبضة في القلب: القتلى، الجرحى، الكمائن، العبوات المتفجرة والألغام وبالاساس السؤال الملح – بحق الجحيم، ما الذي نفعله في جنوب لبنان؟
الخطأ الاول والاساس ارتكبه شمعون بيرس، اسحاق رابين واسحاق شامير في 1985 مع انسحاب الجيش الاسرائيلي من جبال الشوف (اتذكرون؟) بحمدون (أتذكرون؟) الى ضفاف نهر الاولي (اوه، صحيح!) وبعد ذلك الى ما سمي في حينه «الحزام الامني».
لماذا بيرس، رابين وشامير لم يأمروا بالانسحاب حتى الحدود الدولية؟ من كان يحتاج «الحزام الامني»؟ اليوم، بعد 25 سنة، يمكن لنا ان نخمن فقط: دولة اسرائيل والجيش الاسرائيلي، معا وكل على انفراد، غير مستعدين لان يتنازلا عن مظهر النصر. الانسحاب الى الخط الدولي كان سيفسر في حينه كانسحاب «هلع»، كانتصار لبناني. حسنا، ونحن لا يمكننا ان نسمح بذلك لانفسنا.
عندها قاموا واكتفوا «بالحزام الامني». اذكر زيارة لرابين الى حدود ذاك الحزام بعد يوم – يومين من الانسحاب من الأولي. على الصخور، التلال، اهتززنا في طريق غير طريق ووصلنا اخيرا الى نصف دزينة جنود في رأس جبل يطل على قرية لبنانية معادية. لم تكن لهم استحكامات، لم يكن لديهم طعام وماء، لا شيء.
«أنتم سترون»، قال في حينه رابين، «الوضع سيجبرنا على ان نشق هنا طريق، ان نقيم استحكامات، ان ندير قوافل لوجستية». اذا لماذا لم يمنع رابين ذلك؟ هذا هو سبيل السياسيين، والان بات متأخرا جدا أن نسأله.
عشر سنوات على الخروج من لبنان. متوسط 25 قتيل وعشرات الجرحى على مدى 18 سنة زائدة واسئلة، اسئلة، اسئلة: ما الذي لا نزال نفعله في لبنان؟ عمن يدافع الجيش الاسرائيلي؟ عن بلدات الشمال؟ في النهاية دافع الجنود فقط عن انفسهم والكثيرون، الكثيرون جدا، دفعوا لقاء ذلك الثمن بحياتهم. كان ينبغي ان نخرج من لبنان (مثلما كان ينبغي ان نخرج من غزة وغوش قطيف، ولكن هذه باتت قصة اخرى) وحسنا ان وجد من في نهاية النهايات، مثلما هو الحال دوما متأخر جدا، ليتخذ القرار الشجاع هذا. يمكن ان نكره وان نشتم ايهود باراك لألف سبب. ليس على القرار للخروج من لبنان. هوي، لبنان، لبنان، الحمد اننا تخلصنا منك ومن عقابك.
ايتان هابر
يديعوت الاسرائيلية
المفضلات