كتبت – سهير بشناق -يشتركون بذات الالم والمعاناة لكنهم هم القادرون على البحث عن الامل والتمسك به والدفاع عن مستقبلهم لانهم عاشوا وحيدين لم يكن في حياتهم سوى ذكريات مؤلمة لحياة لم تمنحهم الامن النفسي والعاطفي فتكسرت امالهم بمستقبل افضل عنوانه التعليم الى ان تم تاسيس صندوق الامان لمستقبل الايتام بمبادرة من جلالة الملكة رانيا العبدالله ليعود الامل من جديد بنفوس الايتام ويتمكن الصندوق من استبدال الالم والضياع بالفرح والتفاؤل والاستقرار ما دام العلم رفيقهم ومصدر استمرارهم .
بالامس واثناء لقاء جلالة الملكة رانيا العبدالله لعدد من المنتفعين من صندوق الايتام وبرامجه و اعضاء مجلس امناء صندوق الامان لمستقبل الايتام ورئيس رابطة طلبة الصندوق وممثلي دور رعاية الايتام في محافظات المملكة لم تتمالك جلالتها والمنتفعون من الصندوق دموعهن فكانت الكلمات ووصف الحال لحياتهن الماضية وشعورهم بالاسى لعدم قدرتهم على ايجاد من يساعدهم لاستكمال تعليمهم كانت جميعها محزنة تدمي القلوب لكنها بذات الوقت لا تلبث ان تتحول الى دموع فرح واعتزاز بالانجازات التي حققها المنتفعون شبابا وفتيات باصرارهم على العلم واستكمال حياتهم بالية صحيحة من خلال صندوق الامان الذي تمكن من توفير فرص حقيقية لعدد كبير منهم لاستكمال تعليمه ليستمر الصندوق بعمله وتحقيق اهدافه مع هؤلاء الايتام .
جلالة الملكة رانيا العبدالله ريئسة مجلس امناء الصندوق اكدت بعد استماعها لتجارب المنتفعين على ان التعليم هو السلاح الذي يتسلح به اليتيم من اجل الانخراط والمساهمة بفعالية في المجتمع وبما يؤمن له عيشا كريما فيه.
وخاطبت جلالتها المنتفعين الذين سردوا لجلالتها قصص نجاحهم التي بحثوا عنها لايمانهم بان سوء اوضاعهم الاسرية والحياتية يجب ان لا تكون عائقا امام تقدمهم ونجاحهم خاطبتهم قائلة : « اشعر دائما بالحماس والتفاؤل عندما استمع لكم فانتم نموذج للارادة والشجاعة وتخطي العقبات والاعتماد على النفس».
وقالت جلالتها:» قبل عدة سنوات أطلقت صندوق الأمان لإيماني بأن اليتيم يجب أن لا يُيَتم مرتين. مرة يُتم السند العائلي؛ وبعدها يُتم المجتمع.لأن يُتم الأبوين أو ظروفهما قضاء وقدر، لكن يُتم المُجتمع هو مسؤولية كل فرد فيه.»
واضافت «كلي فخر بالأرقام التي سمعتها، وبتَزايُد عدد المستفيدين من مئة إلى أكثر من 1600، وبتزايد عدد الداعمين أيضا، كما ان أكثر الأشياء التي أسعدتني هو تكرار سماع بأن صندوق الأمان أعطى الشباب والشابات دافعا للعمل الجاد والدراسة.»
واعربت جلالتها عن فخرها بارادة منتفعي صندوق الامان القوية وعملهم الجاد، وبما تقوم به رابطة طلبته (كلنا الامان) مؤكدة على ان طلبة وخريجي الصندوق هم اكثر الناس تفهما لواقع الايتام والاقدر على التأثير في الجيل القادم من خلال تواصلهم وانشطتهم التطوعية داخل دور رعاية الايتام الايوائية وغير الايوائية.
وفي بداية اللقاء الذي اتسم باجواء انسانية وصراحة فبدأ الايتام يحادثون جلالتها وكانهم يحادثون انفسهم ويستعرضون محطات حياتهم ... استعرضت المديرة التنفيذية للصندوق مها السقا البرامج التي ينفذها الصندوق الذي تأسس عام 2006، وبدأ كحملة أطلقتها جلالة الملكة رانيا العبدالله في رمضان عام 2003، لضمان مستقبل الأيتام بعد وصولهم الى السن القانونية وخروجهم من دور الرعاية.
ويستفيد من الصندوق وهو مؤسسة غير هادفة للربح، مستقلة وغير حكومية، مجموعة الشباب والشابات الأيتام الفقراء في أنحاء المملكة ممن يعيشون ضمن أسرة ممتدة ويتلقون الدعم من إحدى جمعيات رعاية الأيتام لمدة سنة على الأقل.
وبلغ عدد الايتام المستفيدين من خدمات الارشاد وورش العمل التي يقدمها الصندوق نحو 4537 يتيما ويتيمة، في حين وصل عدد المنتفعين التراكمي ممن استفادوا من البرامج التعليمية الجامعية وكليات المجتمع 1664 منتفعا ومنتفعة، وبلغ عدد خريجي البرامج التعليمية التراكمي 805 ايتام، وساعد الصندوق 280 يتيما ويتيمة لاجاد فرص العمل لهم.
وتحدث رئيس رابطة( كلنا الامان) لطلبة صندوق الامان عن بداية تأسيس الرابطة التي جاءت بعد اجتماعات مع عدد كبير من منتفعي الصندوق سواء كانوا من الطلبة او الخريجين وبعدها تم وضع اسس للعمل شملت على رؤية ورسالة الرابطة واعتبار العضوية فيها اختيارية وبعد ذلك عقد اول اجتماع للهيئة الادارية ضم 150 منتفعا من جميع المحافظات واجريت انتخابات فاز فيها 12 عضوا هم مجلس الرابطه حيث تم اختيار الرئيس ونائبه وامين السر وسكرتير المجلس والاعضاء.
واشار الى ان الرابطة على تواصل مع الايتام المنتفعين وكذلك مع ادارة صندوق الامان بهدف تفعيل دور الشباب والشابات الايتام في خدمة مجتمعاتهم بالتطوع والعطاء ومساعدة بعضهم من حيث تبادل الخبرات والمعارف.
ولان اللقاء كان للأيتام المنتفعين من الصندوق فكلماتهم كانت كبيرة بحجم طموحاتهم وانجازاتهم لم تخل من الالم والقهر فدموعهم التي كانت تقاطع كلماتهم كانت لاكبر دليل على مدى قهرهم من الحياة التي عاشوا بها لكنهم بذات الوقت لم ينكروا ما تمكنوا من تحقيقه وقيمته من خلال دور صندوق الامان الذي ارادته جلالتها للأيتام ليكون من يقودهم لمستقبل افضل من خلال العلم والمعرفة .
احمد – 26 – عاما - احد المنتفعين من خدمات صندوق الامان لمستقبل الايتام يدرس حاليا باحدى الجامعات تحدث عن تجربته قائلا : لم تكن حياتي سهلة فقد نشات بدور الرعاية بعد وفاة والدي وبقيت بها إلى أن اصبح عمري 18 عاما فوجدت نفسي في مواجهة العالم الخارجي دون اية تهيئة لاستقباله والتعامل معه خاصة واني توقفت عن الدراسة وانا في الصف العاشر فلم اكن املك اي سلاح في حياتي كالشهادة الاولية .
واضاف : واجهت الحياة بعد عمر الثامنة عشرة بصعوبة عملت لكن حلم التعليم كان دائما يرافقني الى ان سمعت عن صندوق الامان لمستقبل الايتام بمبادرة جلالة الملكة رانيا العبدالله فلجأت اليهم وساعدوني لاستكمال تعليمي فحصلت على شهادة الثانوية ثم التحقت بالجامعة ولا زلت على مقاعد الدراسة .
ويقول احمد : ان التنشئة في دور الرعاية من الجوانب الاساسية كتوفر الماكل والمشرب جيدة لكنهم لا يهتمون بالجوانب النفسية والتأهيلية فانا لم اكن متفوقا بالمدرسة وكانوا دائما يقنعوني باني اعاني من مشكلة بطء التعلم لكن عندما لجأت لصندوق الامان وجدت من يتفهم ويسمع ويساعد لنصل بنهاية الامر الى النجاح واستكمال تعليمنا الذي هو اساسي في الحياة .
احمد الذي يعتبر تجربته بدور الرعاية حافزا له لتحقيق ما يريده فاحلامه ليس لها حدود لانه يؤمن بان الانسان بعمله وعلمه وان هناك اشياء بالحياة لا يستطيع الانسان ان يغيرها لكنه لا يزال يمتلك خيارات عديدة بحياته للشعور بمعنى النجاح
عمر شاكر 29 عاما – احد المنتفعين من صندوق الامان قال : لقد انهيت دراستي وكانت تجربتي من الصندوق من خلال دورات تدريبية وفرها لي الصندوق مؤكدا على ان دور الصندوق كبير وهام في حياة الايتام .
فيروز من محافظة الزرقاء – مهندسة برمجيات – اشارت الى عمق تجربتها مع صندوق الامان الذي ساعدها على استكمال تعليمها مشيرة الى ان اطفال دور الرعاية يحتاجون للتوجيه ويعانون من مشاكل تعليمية بسبب عدم الاهتمام بالجانب التعليمي بشكل كبير مما يضعف قدراتهم التعليمية عند خروجهم من دور الرعاية
تجارب الايتام كانت جمعيها مؤثرة وكلماتهم لم تكن لتمر بالنفس دون ان تترك الما لكن ما وصفته نورا احدى خريجات دور الرعاية ومنتفعة من صندوق الامان كان وصفا ابكى الحضور وعلى راسهم جلالة الملكة رانيا العبدالله التي تاثرت لكلمات جميع من تحدث من منتفعين ومنتفعات من صندوق الايتام وهم يتوقفون لحظات يمسحون دموعهم عن وجوههم ويعودون للحديث بصوت حزين يرتج الما .
نورا التي عاشت ثمانية عشرة عاما في دور الرعاية تنتقل من واحدة لاخرى كانت ترغب دائما برؤية ما خلف اسوار دور الرعاية لكنها كانت تشعر بالخوف من المجهول فهي لم تر سوى دور الرعاية ووجوه المشرفات فالحياة بالنسبة لها غريبة مجهولة يعتريها خوف من الاخرين
لكن تجربتها مع صندوق الامان كانت الاجمل في حياتها لتمكنها من استكمال تعليمها .
نورا التي قالت لجلالتها والدموع تنهمر من عينيها : يد واحدة لا تستطيع ان تصفق او ان تحقق شيئا مهما رغبت بذلك فيدك كانت المساعد الاكبر لنا والتي اخذت بايدينا الى الامان فصندوق الامان بمثابة نور الشمس التي سطعت من وسط الظلام وانارت حياتنا وايامنا .
واكدت نورا على ان صندوق الامان ليس مجرد صندوق داعم للأيتام من خلال التعليم بل ان النفوس الطيبة التي تديره وتقف خلفه وطريقة تعاملهم مع الايتام تعني الكثير لكل يتيم له تجربة مع الصندوق فهم يقدرون ويتفهمون ثم يساعدون .
رشا – فتاة اخرى منتفعة من الصندوق عاشت في دور الرعاية وهي من عمر العام بعد تخرجها من دور الرعاية ووصولها سن الثامنة عشرة تعبت في حياتها فعملت وحاولت العيش لكن العيش دون تعليم يبقي الانسان ضعيفا .
فكان لها تجربة مع صندوق الامان الذي ساعدها للحصول على شهادة البكالوريوس وهي الان تسعى للحصول على الماجستير بعد ان تقدمت لذلك
قصص المنتفعين كانت كثيرة وجميعها لا تخلو من المعاناة التي لن تبقى معاناة طوال العمر بل اصبحت قصص نجاح فمن نورا ورشا الى وجيه الى عبير وجميعهم تحدثوا عن تجاربهم مع الحياة ومع صندوق الامان الذي ساعدهم وقدم لهم اهم ما يمكن للأنسان ان يحصل عليه بالحياة وهو التعليم .
مديرة مبرة الحسين بمحافظة اربد فريال جراح اكدت على اهمية تجربة صندوق الامان بمساعدة المنتفعين من دور الرعاية باستكمال تعليمهم واعتبرت ان التعليم اساسي في حياتهم لافتة الى ان الشباب والفتيات الايتام عندما يكونون متفوقين ولا يجدون من يساعدهم باستكمال تعليمهم يشعرون بالاسى والاحباط . مؤكدة على دور الصندوق في رعاية الايتام لاستكمال تعليمهم ومشيرة الى ان اطفال دور الرعاية لتجنيبهم المعاناة والالم النفسي عليهم ان يبقوا في دار واحدة لوصولهم لعمر الثامنة عشرة لا ان يتنقلوا من دار الى اخرى .
وفي نهاية اللقاء قدم الايتام هدية تقديرية لجلالتها تمثلت في « قميص « مكتوب عليه كلمات موجهة لجلالتها وهي « بمبادرتكم بدأنا وبمتابعتكم وصلنا وبجهودكم نجحنا «
وهي كلمات تعبر عن كل يتيم مدت له يد الخير فساعدته على ان تكون ايامه القادمة افضل فصندوق الامان لا يستطيع ان يمحي ذكريات مؤلمة لهؤلاء الايتام لكنه تمكن بمتابعة جلالتها وحرصها الدائم على مستقبل الايتام تمكن من ان يكون منارة امل لهم وتسليحهم بالعلم والمعرفة وهي كل ما يحتاجونه ليتخطوا معاناتهم ويحققوا نجاحاتهم ويشعروا بالامن الحقيقي والنفسي في كل خطوة يقومون بها .