وليد سليمان - كنا نسير في مكان شعبي في العاصمة عمان ، حيث الحركة والنشاط وأصوات الباعة والسيارات ..
عندما إلتفت أحد الأصدقاء الذي يسير معنا قائلاً : هيا .. يلاّ .. لنأكل كرابيج الحلب الساخنة.
- ماذا؟!
هناك عدة أشخاص يتجمهرون حول محل صنع الكرابيج الشهية المنظر ، وهي تُقلى بالزيت ومن ثم تغطس بالقطر الحلو
ومن ثم بيعها ليأكلها المشترون على الواقف سريعاً !
استمتعنا حقاً بتذوق وإلتهام كرابيج حلب !
هذه الحلوى الشعبية التي أصبحت دارجة ومنتشرة جداً في مدينة عمان منذ عدة سنوات .... حتى تم افتتاح الكثير من المحلات المتخصصة فقط بصنع هذه الحلوى الشهية ، والتي يُفضل أكلها وهي طازجة.
وفي مشهد لا تخلو منه بعض الحارات والأحياء الشعبية ، ان نشاهد بائعاً متجولاً يبيع كرابيج الحلب ، وذلك بحمله سدر معدني كبير ومن فوقه أكوام منتظمة من الكرابيج التي يغطيها بقطعة كبيرة من النايلون الشفاف لبيعها للأطفال وللكبار أيضاً، في تلك المناطق وهو ينادي: كرابيج حلب حلوة و زاكية الكرابيج.
ورجوعاً إلى صديقنا الذي عزمنا على الكرابيج قال: يلاّ ثنُوا!
فقلنا لا نستطيع يكفي واحداً فقط. فقال يبدو إنكم مش أكِّيلة!؟ وتابع موضحاً وحاثاً لنا : إن أخي ورفاقا له يخرجون كل يوم من الجامعة ويتبارون عند بائع آخر للكرابيج أيهم يستطيع أكل اكبر كمية من الكرابيج!؟ فمنهم من يأكل ثلاث حبات وآخر أربع .
اندهشنا من ذلك وسمعنا بائع الكرابيج يتدخل قائلاً:
-نعم هناك لدي زبائن دائمون يأتون يومياً لأكل ثلاث أو أربع حبات دفعة واحدة.. وهناك آخرون يأكلون حبة واحدة ويستكفون بها.
وكذلك يوجد بعض الزبائن من يأخذون كمية كبيرة لأفراد أسرهم حيث نضع له الكرابيج في ورق وأكياس خاصة.
وعن سبب تسمية هذه الحلوى بهذا الاسم ردّ البائع قائلاً:
لا أدري بالضبط!،لكن ربما لأنها طويلة الشكل ولأنها أول ما ظهرت قديما ظهرت في مدينة حلب والله أعلم .
إقتنعنا إلى حد ما بهذا التفسير الذي فيه تحليل منطقي. أما الحلوى الأخرى والآخذة بالانتشار أكثر من السابق فهي حلوى الدحدح الأردنية والتي ربما هي خاصة بنا فقط ولا تعرف في البلاد العربية الأخرى.... ولكن يوجد لها شبيه بالمكونات وتسمى عند الآخرين بالنواعم .
وقديما في مدينة عمان أذكر في مرحلة أوائل السبعينيات ان بائعاً وحيداً فقط هو من كان يصنع ويبيع هذه الحلوى «الدحدح» مساءً وهو يقف بعربته الخشبية في أول مدخل شارع بسمان قبالة جامع الحسيني.. وكان بائع الدحدح ذا صوت جهوري وهو ينادي على حلواه قائلا: « دحدح .. جيبو.. دحدح» وربما هي عبارة ليس لها معنى محدد، انما لفظة لجذب انتباه المارة في الشارع.. لكن هذه الحلوى مع السنين اكتسبت هذا الاسم (الدحدح).
وهده الحلوى تصنع من السميد والسمن والقرفة وتخبز في الفرن في سدر كبير ثم يرش على وجهها أنواع من المكسرات والزبيب وجوز الهند.... ويمكن شراء قطعة صغيرة منها يضعها البائع في ورقة لأكلها وأنت تسير في الشارع ، أو شراء صحن صغير منها في قالب جاهز ومغلف لأخذه إلى البيت لإطعام أفراد الأسرة من حلوى الدحدح بعد تقطيعها إلى قطع صغيرة بالسكين مثلا.
وحدثنا أحد باعة الدحدح بقوله :ان لدى هذه الحلوى الباردة أو الساخنة زبائن كثرا، يحبونها ويشترون منها يوميا، أو كل يوم عدة مرات بكميات قليلة ،أو أخرى عائلية.
ومنهم من قال: أنهم يشترون الصحون الجاهزة المغلفة فيها لإرسالها كهدايا إلى بعض الأقارب الذين يطلبونها بالاسم من عمان، وهم يعملون في دول الخليج مثلا.
وكثيراً ما حاولت سيدات البيوت تقليد هذه الحلوى بصنعها في مطابخهن، لكنهن يؤكد ان الجاهز منها من السوق أضبط وأجمل وأشهى من دحدح المنزل .
والحلوى الشعبية الأخرى الشهيرة جدا كذلك ... والتي مازال الإقبال عليها كبيرا هي حلوى الهريسة أو النمورة كما يسميها البعض .
ورغم إن الهريسة هي حلوى قديمة جدا ومعروفة ، منذ عشرات السنين الا أنها مازالت مطلوبة ومتداولة للشراء والأكل من أفراد كثيرين جدا، يشتاقون إليها من فترة إلى أخرى ، لأن شكلها وطعمها لذيذ لا تقاومه النفس.
وباعة الهريسة منهم من لديه محلات خاصة بالحلويات من ضمنها صنع الهريسة ومنهم من يبيع الهريسة فقط .. ولكن بطريقة البائع المتجول في الشوارع على عربة بعجلات ، أو يحمل سدره ومنصبه الخشبي ليضع عليه سدر الهريسة في عدة أماكن يقف فيها للاستراحة والبيع في شوارع وأسواق عمان .
هذه هي الأنواع الشعبية جدا من حلويات عمان المنتشرة بكثرة هنا وهناك حتى في بعض المناطق الراقية في عمان.
لكن الحلويات الشعبية لا تقتصر على ما ذكرناه من كرابيج حلب والدحدح والهريسة فقط .. فهناك أيضا العديد من الحلويات العربية الشهيرة المتداولة بكثرة لكن لابد لها من حالات ثابتة, ولا ينفع معها ان يبيعها البعض متجولاً بالعربات أو المناصب والسدور... ومن مثل ذلك نذكر: الكنافة, القشطة بالعسل, العوامة ,التمرية , المشبك, أصابع زينب, وأقراص جوز الهند الصغيرة,والراحة (الحلقوم)المرشوش عليها مسحوق السكر الناعم .
منقول عن الراي
المفضلات