جفاف وحرائق هنالك.. وأمطار وسيول هناك، وما بين هذين المشهدين المأساويين يقف الإنسان عاجزا أمام جبروت الطبيعة وتحولاتها المفاجئة المميتة، وربما تمردها على ما يفعله البشر بها، تارة باسم العلم والتقدم، وتارة أخرى باسم الكشف عن أسرارها وكنوزها. لكنهم في كل الأحوال يتجاهلون دمعتها وأنينها، حتى تفاجئهم بثورتها وغضبها، في مشاهد كارثية تطيح بالأخضر واليابس، ولا يملك البشر إزاءها إلا رفع الأكف إلى السماء.
مشهدان متنافران، لا يجمع بينهما سوى شبح الكارثة، عرضتهما شاشات الفضائيات الإخبارية على مدار الأيام الماضية. أحدهما توارت تفاصيله خلف سحب الدخان وألسنة النيران، والآخر تكاد صوره ومشاهده تنضح ماء عبر أجهزة التلفاز وأوراق الصحف.
جغرافيا، لا يحول البعد المكاني بين حرائق روسيا وفيضانات شبه القارة الهندية، دون وجود عوامل مشتركة بين المشهدين. فملاحظة ملامح وعيون الأشخاص في المشاهد المختلفة تعكس النظرات ذاتها، نظرات الخوف والهلع من المجهول، وأي مجهول أقوى بطشا من يد الطبيعة الغاضبة.
روسيا التي اعتاد سكانها أن تكون درجات الحرارة فيها أدنى من الصفر المئوي أغلب أوقات العام، ارتفعت حرارة مناخها لتفوق الأربعين درجة مئوية، وهي أعلى حد تصل إليه خلال الألف سنة الأخيرة، بحسب تصريحات ألكساندر فرولوف مدير مكتب الأرصاد الروسي لوكالة أنباء «ريا نوفوستي»، الذي قال: «لدينا سجلات مناخية تمتد عبر الألف عام الماضية، من الممكن أن نقول إن الأراضي الروسية لم تشهد حدثا مماثلا من حيث الحرارة والجفاف، الذي أدى إلى كارثة الحرائق».
فرولوف لم يكتف بتصدير دهشته للعالم، بل صرح في سياق متصل بأن إنتاج روسيا من الحبوب سوف ينخفض بمقدار الثلث، مقارنة بالعام الماضي. وبدوره، أعلن رئيس الوزراء فلاديمير بوتين عن حظر تصدير القمح الروسي حتى نهاية العام.
وعلى الفور، ارتفعت أسعار القمح عالميا لتسجل مستوى قياسيا لم تبلغه منذ أكثر من ثلاثة عقود في سوق المبادلات الزراعية وبورصة المواد الأولية بشيكاغو، مهددة بحدوث مجاعة عالمية.. ولم لا، وروسيا تعتبر ثالث أكبر منتج ومصدر عالمي للحبوب.
حرائق الغابات أثرت على مناحي الحياة كافة في روسيا، فمتوسط عدد الوفيات اليومية تضاعف ليصل إلى نحو 700 شخص في العاصمة موسكو، بدلا من 360 في المعتاد، بحسب تصريحات آندريه سيلتسوفيسكي مدير الصحة في العاصمة الاثنين الماضي لوكالة الصحافة الفرنسية.
ففي ظرف أسبوعين تشرد ما يقرب من نحو 15 مليون باكستاني جراء السيول والفيضانات والانهيارات الأرضية الطينية والأمطار الغزيرة التي بدأت في نهاية يوليو (تموز) الماضي، واعتبرت الأسوأ من نوعها على مدى القرن المنصرم، وخلفت حتى الآن ما يناهز الألفي قتيل، لتوجه باكستان نداء استغاثة إلى المجتمع الدولي لإعانتها في محنتها.
وتعتبر شبه القارة الهندية ضيفا دائما على موائد الكوارث الطبيعية، بين موجات من الجفاف والمجاعة أو السيول والفيضانات، إضافة إلى ما يثقل كاهل باكستان على وجه الخصوص من مشكلات أمنية تتصل بالإرهاب، جعلتها تصنف ضمن أفقر دول العالم قاطبة.
كما نالت دول أوروبا الوسطى حظوظها في موجة الفيضانات العالمية، حيث أوردت وسائل إعلامية أخبارا عن أحوال عاصفة وأمطار غزيرة تسببت في فيضانات وخسائر مادية وبشرية في بولندا وألمانيا وتشيكيا وليتوانيا على مدار الأسبوع الأخير، كما أدى انهيار سد على نهر نيسي الحدودي بين ألمانيا وبولندا إلى تفاقم الأوضاع هناك. بينما اندلعت حرائق الغابات في أراضي البرتغال في شبة جزيرة أيبيريا، ويحاول أكثر من 500 إطفائي جاهدين مكافحتها.
كما أدت الانهيارات الأرضية الطينية، الناجمة عن السيول، شمال غربي الصين إلى وفاة ما لا يقل عن 700 شخص وما زال أكثر من ألف شخص في عداد المفقودين بحسب آخر تقرير لكريس هوغ مراسل «بي بي سي» في إقليم غوانزو الصيني في العاشر من أغسطس (آب) الحالي.
وفي وقت سابق، أعلنت وكالة «ناسا» الفضائية عن انفصال كتلة جليدية يقدر حجمها بنحو 250 كيلومترا مربعا عن نهر بيترمان المتجمد بالساحل الشمالي الغربي لجزيرة غرينلاند في الخامس من أغسطس الحالي، واتجاهها صوب الساحل الكندي، لتصبح أكبر جبل جليدي منفصل بالمحيط الشمالي المتجمد منذ عام 1962، بحسب علماء جامعة ديلاوير الأميركية، الذين أرجعوا حدوث الأمر إلى التغيرات المناخية.
إدانات التغيرات المناخية المتتالية من قِبَل العلماء بالتسبب في الكوارث الطبيعية تشير بطرف خفي إلى إدانة البشر أنفسهم بالضلوع، ولو بنسبة قليلة، في تلك الكوارث. فالاحتباس الحراري تسبب بشكل أو بآخر في ذوبان الجليد القطبي، وارتفاع منسوب المياه بالبحار والأنهار، وتبدل حزم وتيارات الرياح حول الكرة الأرضية. وهي أمور يؤدي اختلالها لاحقا لزيادة معدلات الفيضانات والسيول أو الجفاف والحرائق، وقد تتسبب في حدوث الانهيارات الأرضية والزلازل والبراكين.
أنتهى النقل
هذه المصائب ليست غضب الطبيعة ، وانما هي غضب من الله نتيجة لما أصاب الإنسان بعد أن حاد على الفطرة التي
خلقه الله عليها لعبادته والإصلاح واعمار الأرض .
لقد انحرفت الإنسانية وأصابها الغرور والأنانية والغطرسة والإنحراف الأخلاقي والبعد بل الكفر بالله ..
نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيآت أعمالنا ...
اللهم يالطيف ألطف بنا ما جائت به المقادر انك سميع مجيب الدعاء
المفضلات