عمان ـ ريحان الروابدة وفرح عبندة- «لا عيب في العمل مهما كانت طبيعته «، بهذه الكلمات يفند سعيد المدلل، (25) عاما، عزوف بعض الشباب عن الانخراط في الاعمال المهنية، في ظاهرة باتت تعرف بـ»ثقافة العيب».
يقول المدلل في حديث الى «الراي» إن «العيب فيمن لا يبحث عن عمل شريف ليؤمن لقمة عيش كريمة له ولأبنائه».
ويضيف، بينما كان موجودا في صالة المطعم يشرف على موظفي الصالة، إن العمل في بعض المهن «متعب خصوصا مع عدم تقبل كثير من الأردنيين العمل فيها»، لكنه يستدرك إن هذه الاعمال «ممتعة للغاية».
ويقول:» مهما كان هناك من صعوبات في العمل إلا أن الإرادة الصلبة عند أي شخص تستطيع أن تأخذ بيده ليتغلب على ثقافة العيب ليعمل بكد وأمانة في أي مجال».
اما عماد عبدالحميد السلوادي، (23 عاما)، العامل في احد المطاعم، يقول: « طالما العمل شريف ويوفر لي معظم احتياجاتي الاساسية فأنا لا اخجل من ادائه واسعى لأداء واجبي على اكمل وجه لأنال رضا الزبون ورضا صاحب في العمل».
وتؤكد مرام، (26 عاما)، وهي موظفة استقبال في احد الفنادق بعمان، انها وجدت فرصة عمل فور تخرجها من احدى كليات الفندقة، معربة عن ارتياحها في عملها وتدعو الفتيات الاردنيات الى الاقبال على دراسة التخصصات المهنية والانخراط في سوق العمل.
يؤكد مختصون أن ثقافة العيب لم تعد كما كانت في السابق حيث دفعت الظروف الاقتصادية الصعبة الكثير من الشباب الأردني للعمل في قطاعات مختلفة كانت في السابق حكرا على العمالة الوافدة، مشيرن الى انها ما تزال موجودة وتنتشر بين أوساط الشباب.
ويدفع الكثيرون الى ان للتحصيل العلمي دورا كبيرا في التأثير على الشباب في اختيار طبيعة عملهم حيث يسعى الذين أكملوا دراساتهم العليا الحصول على وظيفة تتناسب وطبيعة دراستهم ومركزهم الاجتماعي كأشخاص متعلمين.
باسم حلمي، (33 عاما)، شاب يحمل البكالوريوس في إدارة الأعمال من الجامعة الاردنية، وما زال يبحث عن عمل حتى الآن، يقول: « لقد عملت أكثر من مرة في مجالات بعيدة عن تخصصي وفي النهاية شعرت بأنني لم أجد نفسي في وظيفة أخرى غير تخصصي».
ويضيف إن العمل في تخصصي» يشعرني بكياني ويعزز من وجودي ويحسن من نظرة المجتمع لي، وأنا لا أستطيع العمل في وظيفة أشعر بأنها أقل من مستواي الأكاديمي».
ويتابع: «عرض علي العمل في بعض الشركات والمؤسسات وفي وظائف لا تتناسب ودراستي لكني لم ارض بذلك حيث شعرت بأنني إذا ما قبلت بها فأنني سأقضي عمري في هذه الوظائف ولن أتطور أبدا».
في موازاة ذلك، يرى أرباب عمل أن العمالة المحلية تطلب رواتب مرتفعة نسبيا مقارنة مع العمالة الوافدة بالإضافة إلى بعض الامتيازات الأخرى مثل ساعات العمل في بعض المهن التي تتطلب وقتا طويلا وهو ما يعطي العمالة الوافدة ميزة نسبية للسيطرة على هذه المهن خصوصا الإنشاءات وشركات المقاولات والتنظيف والأعمال الحرفية والمعامل.
ويقول صاحب ورشة تصنيع مواد تنظيف أحمد العواملة أنه يفضل تشغيل العمالة الوافدة معه، مبينا أن العمالة المحلية «عادة ما تكون متعبة» في مثل هذه الوظائف.
لكن دكتور علم الاجتماع في الجامعة الاردنية مجد الدين خمش يؤى رغم ذلك أن ثقافة العيب «بدأت تتلاشى» في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي دفعت الشاب الاردني للاقبال على المهن متجاهلا مفهوم ثقافة العيب ، مشيرا الى ان ارتفاع المستوى التعليمي ينعكس ايجابيا في تلاشي مفهوم ثقافة العيب، مؤكدا اهمية دور وسائل الاعلام في تقديم نماذج وصور للشباب تساعد في التخلص من الصورة النمطية للمهن المرتبطة بثقافة العيب.
ويشير خمش الى دور الشركة الوطنية للتدريب والتشغيل التي تقوم بتدريب اكثر من (5000 - 6000) شاب اردني على المهن الانشائية والمهن الخدماتية مقابل راتب وضمان اجتماعي وتأمين صحي .
ويقول إن مدة التدريب تصل الى ستة شهور تقوم بعدها الشركة بمحاولة ايجاد فرصة عمل للمتدربين.
واجمع عمال اردنيون واصحاب عمل في مختلف القطاعات على ان ثقافة العيب في الاقبال على بعض المهن التي كانت مختزلة بالعمالة الوافدة وبدأت تتلاشى في ظل ارتفاع الاسعار وتكاليف الحياة اليومية.
المفضلات