إن ما حدث اليوم هي سابقة الأولى بتاريخ الأردن وعلى هذا المستوى ...فما الذي حدث ..؟؟؟ ولا يمكن ما حدث اختزاله بعدة أسئلة منها هل من جهات داخل الوزارة أو خارجها وراء الكارثة هدفت إلى الإطاحة بوزير التربية والتعليم الذي أبدى استعداده للاستقالة ؟؟؟؟ إذا طلب منه لأنه على يقين مطلق لم يكن هناك خروج عن المألوف ولم يكن هناك ممارسات إدارية مغلوطة وإن ما حدث أخطاء فنية رافقت الإعلان عن نتائج التوجيهي جاءت بسبب تداخل نقل ملفات بين الطلبة المسجلين في الدراسة الخاصة – غير النظامين وبين نتائج الطلبة النظاميين الخطأ البشري قابل للوقوع في أي وقت وأي زمان ومكان حتى في الدول ذات التقنية العالية نحن بشر نصيب ونخطأ وارجوا إن لا نمسك بأطراف قميص عثمان البالي وعلى المواطنين أخذ هذه المسألة بهدوء وبدون تضخيم وهدر الوقت رغم إيماني بأن كل قضية من قضايا الوطن وكل مصلحة من مصالح الشعب تحتاج منا إلى الطرح والتدقيق والبحث والسؤال والحل, إلا أن قضية اليوم هي من صلب القضايا المهمة والجوهرية التي تصب في صلب المصلحة الوطنية العامة رغم أنها قد تبدو للوهلة الأولى قضية تمس فئة معينة من الناس وتختص بشريحة محددة من شرائح الشعب.
هنيئا للذين اجتازوا امتحان الثانوية العامة (التوجيهي) والتهنئة مضاعفة لأولئك اللذين اجتازوا المرحلة الثانوية بنجاح وبتميز وحظا أوفر لأولئك اللذين لم يحالفهم الحظ بالنجاح والحقيقة إن الجميع يدرك ما تمثله عقدة التوجيهي عند الطالب والأسرة على حد سواء البعض الميسور والمترف لا يهمه كثيرا المعدل ولا يهمه سوى كلمة ناجح لأنه ببساطة شديدة يستطع أن يتدبر أمره في الحصول على مقعد جامعي فأمامه العالم الفسيح الرحب بشرقه وغربه بالإضافة إلى الجامعات الخاصة أما أولئك اللذين تكون فرصتهم ضئيلة في الحصول على مقعد جامعي وخصوصا بعد أن تم رفع معدلات القبول فما من فرصة أمامهم الاجتهاد أو الانصراف إلى سوق العمل واحتياجاته والبحث عنها بعناية واهتمام والحقيقة إنني لا احسد أحدا فالله خلقنا جميعا وقدر علينا وقسم لنا أرزاقنا ورتب لنا أقدرانا نعم كل شيء عنده بمقدار سبحانه وتعالى.
لقد آن الأوان لحل عقدة التوجيهي والانتهاء منها فهي لا تمثل مقياسا حقيقيا لنجاح الفرد وتميزه وإبداعه فعلى سبيل المثال كان اسحق نيوتن فاشلا في دراسته وغيره كثيرين ولكن ألا توجد وسيله أفضل لتمكين الطلبة الدارسين وقياس قدراتهم ليتمكنوا من الالتحاق بالجامعات؟! ولماذا كل هذا التوجه من قبل طلبتنا نحو الجامعات؟! والحقيقة لا أريد أن أكون متشائما لأقول أن الجامعات بدأت تخرج الآلاف لسوق البطالة والقليل القليل لسوق العمل وقد آن الأوان لنغير نظرتنا للحياة والتوجه نحو العمل الجاد والمنتج والعمل عل تغير نمط تفكيرنا فالحياة لم تعد وظيفة مكتبية ولم تعد دورا في ديوان الخدمة المدنية فهناك الآلاف الآلاف من الطلبات ما زالت مركونة على الرفوف تنتظر وبلا أمل كل ذلك لأننا لم نخطط جيدا وبقينا حبيسين عقدة اجتياز التوجيهي بل وحبيسين فكرة ونظرة المجتمع للجامعي على انه صاحب الفرصة في الرزق والحياة الحرة الكريمة وانه يملك سلاحا لا تنفذ ذخيرته بل صاحب الفرصة للحصول على المركز الاجتماعي المتميز والسياسي والمرموق بعد أن سادت نظرية اجتماعية لقرون طويلة وما زالت أن التجار هم أصحاب الحظ الوافر في كل شيء والحقيقة انه آن الأوان لتغير نظرتنا وإعادة دراسة واقعنا من جميع الجوانب وإعادة ترتيب دراستنا وفق احتياجاتنا ووفق ما تملية علينا المتغيرات ومتطلبات سوق العمل المحلية والإقليمية كما انه آن الأوان ليكون المقياس والتميز للقبول في الجامعات غير معدل الثانوية العامة وقد كنت أتمنى أن يكون المعدل التراكمي للطالب طيلة ألاثني عشرة سنه التي يقضيها الطالب في الدراسة كي يبقى الطلبة متيقظين والأهل مهتمين وممارسين لدورهم في الرقابة والمشاركة والتوجيه بدل الاهتمام فقط في السنة الأخيرة من عمر الطالب المدرسي عبر إغراق الطالب بالدروس الخصوصية والمراكز التي بدأت تمثل عبئا ثقيلا على الأسر وتستنزف الكثير من الوقت والمال لا بل بدأت المفاخرة بنوعية واسم المركز الذي يلتحق فيه الطالب لقد ضاقت واستحكمت حلقاتها وقد أن الأولى أن نفكر جميعا في التخلص من عقدة التوجيهي فهي لا تسمن ولا تغني من جوع.
الدكتور مخلد الفاعوري
أستاذ جامعي / جامعة فيلادلفيا
المفضلات