يحتدم الجدل داخل إسرائيل حيال فشلها في إخماد نيران الكرمل بسرعة وبقواها الذاتية وسط تحذيرات من أضرار إستراتيجية ودعوات متصاعدة لتشكيل لجنة تحقيق وإقالة وزير الداخلية.
وخلال مناقشة الكنيست للحدث أمس قدّر وزير الأمن الداخلي يتسحاق أهرونوفيتش الأضرار الناجمة عن حرائق الكرمل بمائة مليون دولار، لافتا إلى احتراق نحو خمسين ألف دونم وحوالي أربعين مليون شجرة.
وكانت قائدة شرطة حيفا أهوفة تومر قد توفيت أمس متأثرة بجراح بالغة أصابتها خلال محاولة إنقاذ حافلة سجاني سجن الدامون الخميس جراء النار التي نشبت عن إهمال قاصر من قرية عسفيا اعترف خلال اعتقاله أنه كان يدخن النرجيلة وتسبب بالنار كما أوضحت الشرطة.
وتحفظ رئيس الحكومة وعدد من الوزراء الإسرائيليين إزاء فكرة تشكيل لجنة تحقيق رسمية، مكتفين بعملية فحص واستخلاص الدروس فيما أيد وزير الأقليات أفيشاي برافيرمان الفكرة التي تلقى رواجا شعبيا متصاعدا.
إسرائيل استعانت بمساعدة خارجية منها تركيا(رويترز-أرشيف)
الحكومة تتهرب
وحمل عدد كبير من المراقبين والمعلقين على إهمال إسرائيل مصلحة الإطفاء وبقية المرافق المدنية، وقال نحوم برنيع -المعلق البارز في صحيفة يديعوت أحرونوت- إن ثمة شيئا أساسيا في الحالة الإستراتيجية لإسرائيل قد تغير في ظل إلغاء الفارق بين الجبهتين الخارجية والداخلية.
وأكد برنيع أن تهيئة الجبهة الداخلية لمواجهة كوارث وحروب تحتاج إلى رؤية، وجاهزية لمجابهة شركاء الائتلاف الحاكم، ومواظبة فعلية من قبل رئيس الحكومة بدلا من مواصلة "إطفاء الحرائق".
واتهمت صحيفة معاريف أمس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالتهرب من تشكيل لجنة تحقيق رسمية والاكتفاء بتقرير سيعده مراقب الدولة.
عالم ثالث
ودعت المعلقة البارزة سيما كدمون وزير الداخلية إيلي يشاي لتقديم استقالته وسخرت من "دولة العالم الثالث المدعوة إسرائيل" التي اضطرت لطلب النجدة من قبرص واليونان.
وتابعت "من غير الممكن التعبير عن حالة الحرج والخجل إزاء القطار الجوي لإغاثة إسرائيل التي بوسعها أن تستخلص درسا هاما من الحدث مفاده أنه ليس بوسعها عزل ذاتها عن العالم".
معلق إسرائيلي: إسرائيل دولة غبية، تأكل أبناءها ولا تعرف كيف تطفئ حريق (رويترز)
ضرر إستراتيجي
وحذرت كدمون من ضرر فادح بصورة إسرائيل وهيبتها على غرار ما تعرضت له في حرب لبنان الثانية التي زعزعت ثقة الإسرائيليين بالمؤسسة الحاكمة وقدراتها على جعل الدولة ملجأ آمنا لهم.
ودعا عدد من المراقبين منهم المعلق السياسي شمعون شيفر إسرائيل لتغيير سلم أولوياتها وتحويل الميزانيات للاحتياجات المدنية -لمصلحة الإطفاء قبل اقتناء الغواصات النووية والمقاتلات- لا للحروب، وللإسراع في تسوية الصراع مع الفلسطينيين.
وقال شيفر إنه على إسرائيل العمل على فتح قناة للتفاوض الجاد مع سوريا، لافتا لعدم اختراع مكنة الإطفاء المطلوبة لإخماد نار كبيرة من شأنها أن تشب داخل المدن الإسرائيلية في حال اندلاع الحرب.
وعبر المعلق البارز في القناة العاشرة يارون لندن عن حالة الإحباط والغضب التي تسود الشارع الإسرائيلي في ظل ما جرى بقوله "يبدو أن علبة صغيرة من عيدان الثقاب أخطر من المشروع النووي الإيراني علينا".
دولة متخلفة
وحمل وزير التعليم الأسبق يوسي سريد على السلطات الإسرائيلية المعنية واتهمها بالتقصير، واستبدال الأفعال بالأقوال، وبقلة الحيلة وفقدان تدابير السلامة والأمن.
وقال سريد في مقال غير مسبوق بحدته نشرته صحيفة هآرتس إن إسرائيل دولة غبية، تأكل أبناءها ولا تعرف كيف تطفئ حريق.
وأوضح أن إسرائيل -المتميزة بالتكنولوجيا وبرفع مستوى الحياة والعضو بمنظمة التعاون والتنمية الدولية- دولة متخلفة من دول العالم الثالث، مستذكرا مسلسل الحرائق الكبرى في الصيف الأخير، التي لم تستخلص الدروس منها.
"
معلق بهآرتس: حريق الكرمل أظهر عدم جاهزية إسرائيل لخوض حرب مع إيران ولعمليات عسكرية تتسبب بسقوط عدد كبير من الضحايا
"
لبنان وإيران
وانتقد سريد الحكومة الإسرائيلية -وخاصة وزير الداخلية إيلي يشاي (من حزب شاس)- وقال إنها تعرف كيف تشعل الحرائق في القدس بمواقفها السياسية المتطرفة لكنها لا تعرف كيف تخمد النار في الكرمل.
محرر الشؤون العسكرية في هآرتس ألوف بن وصف الحريق بـ"يوم الغفران" الخاص بمصلحة الإطفاء ودعا وزير الداخلية لتقديم استقالته قبل تشكيل لجنة تحقيق رسمية.
وأوضح بن أن حريق الكرمل أظهر عدم جاهزية إسرائيل لخوض حرب مع إيران ولعمليات عسكرية تتسبب بسقوط عدد كبير من الضحايا، وتابع "إسرائيل لم تتعلم شيئا من حرب لبنان الثانية ولم تترجم التحذيرات لتدابير عملية مناسبة".
المصدر: الجزيرة
المفضلات