قراءة مسلسل ازمات شهر الصوم, تبين بوضوح سهل ومباشر, ان لا جديد في هذا العام عما كانت عليه هذه الازمات في اعوام سابقة شكلاً وموضوعاً, لا بل يمكن قراءة حلقات هذا المسلسل بترتيب يتوالى مع توالي الاعوام وبالتوقيت ذاته, بدءاً من ايام قليلة تسبق هلال هذا الشهر الفضيل ثم تتابع السيناريوهات على النسق السابق ذاته, وبالزخم الذي جاءت عليه قبل عام أو أكثر, إلا أن يكون بعضها هذا العام مثلاً أكثر زخماً مما جاءت عليه في اعوام سابقة, بحيث يمكن القول أيضاً أنها ربما كانت أقل حدة مما ستكون عليه في العام المقبل, اذا ما بقيت شروط التعامل مع الازمات كما هي.
تكشف القراءة ايضاً, أننا لم نعالج أياً من ازمات مرت في عام سابق, معالجة جذرية تمكن من علاج شاف تام يقطع دابر الاسباب التي صنعت هذه الازمة او تلك والدليل ان هذه الازمة او تلك, تعود بعد أن تغيب بغياب رمضان.. مع رمضان جديد يهل عبر سنة جديدة, مما يعني أن ما تفعله تجاه هذه الازمة أو تلك من ازمات رمضان لم يكن علاجاً فاعلاً بقدر ما هو تخدير تمر به عبر رمضان, الذي يحمل معه غالباً ازماته عند رحيله وننسى نحن هذه الازمات, لا نتذكرها الا مع ولادتها على ولادة هلال رمضان أو حتى قبل ذلك كما اسلفنا.
فأزمات السير تأتي مطابقة تماما لما جاءت عليه في سنوات سابقة، اما قضايا التموين.. اسعاراً وتوفرا فهي ذاتها حتى ادق التفاصيل، مواطنون يصابون بشره الشراء وبكميات تتجاوز الاحتياجات الفعلية المرحلية، وتجار بعضهم يصيبه سعار الجشع انطلاقا من قناعة ان رمضان فرصة لا تتكرر، وان العادة الثابتة هي رفع الاسعار فيه.. ويأتي على رأس القائمة هنا، وفي ابرز مظاهر الازمات موضوع اللحوم بين بلدية ومستوردة اضافة الى انواعها وبلدان منشئها، وجاء الجديد هذا العام بقاء ازمة المياه التي ورثها رمضان عن سابقه من اشهر ذلك انه ليس هو السبب في ولادة هذه الازمة.
وضع يبعث على الحيرة والتعجب، حين نكتشف العجز المستوطن في قدرتنا عن حلول حاسمة لازمات تعرف تماما انها ليست قادمة فحسب، بل عايشناها في عام قريب راحل، وكأننا عشنا تفاصيل هذه الازمات في عالم آخر او في حياة اخرى، او انها كانت مجرد ازمات بعيدة عن الحقيقة، والسؤال هنا: ما الذي نريده اكثر من معرفة يقينية بان هناك ازمات قادمة بشكل اكيد، تحملها المناسبة مع كل عام، لا بل اكثر من هذا، فإننا تعرف مضامين هذه الازمات ليس نظريا ولكن عمليا حين تكون هذه الازمات قد مرت بنا بالتفاصيل ذاتها التي تزودنا بها في كل عام؟ هل تعود اسباب هذا الى افتقادنا لمهارة الرؤية الاستشرافية.. ربما؟.
المفضلات