نزل فينان البيئي سحر الطبيعة بعيدا عن صخب الحياة
وادي عربة - طارق الحميدي - كولادة الفجر يشق نزل فينان نهاره بين جبال وادي عربة الشاهقة التي تحيطه من الجهات الأربع ليرسم لوحة فنية أبدعتها جماليات الصحراء في جنوب الأردن.
تسلب روعة المنظر وجماله الزائر لتعيده إلى بساطة الحياة فلا كهرباء ولا هواتف نقالة أو تلفاز في النزل البيئي ولا ذكر لشيء هناك إلا الحياة البسيطة التي لم تتدخل بها يد الإنسان, لينفرد الزائر بنفسه و تكون المناظر الطبيعية الساحرة المؤنس الوحيد في رحلة تبرز النجوم فيها لتكون مصدر الإضاءة الخارجي بين الجبال السوداء القاسية.
يقع نزل فينان البيئي الذي يتربع في قلب الصحراء الأردنية ويمتطي صهوة جبال وادي عربة ليشكل آية صنعتها الطبيعة الام على بعد 70 كم جنوب البحر الميت وعند المنطقة التي تلتقي فيها وديان جبال الشراه بوادي عربه كما أنه يشكل الامتداد الطبيعي لمحمية ضانا بينما يقف في المدخل الغربي لها.
ويتميز النزل بخصائصه البيئية ويعتمد على الموارد الأولية فلا وجود للكهرباء حيث يضاء بالكامل بواسطة الشموع ومياهه من العيون المتفجرة في منطقة ضانا.
ويشكل النزل ملاذا للباحثين عن الراحة والسكينة والهرب من صخب المدينة وتعقيداتها اليومية.
«لتجربة مشهد الغروب شكل آخر في فينان» هكذا بدأت صفاء الجيوسي حديثها والذي لم تنهه حين أكدت أن مشهد غروب الشمس من الجبال المحيطة بالنزل لا يمكن أن يكون له مثيل.
وبينت الجيوسي الناشطة البيئية التي كانت تقيم في النزل أن تجربة الحياة ببساطتها الموجودة هناك لا يمكن لأي شخص أن يتخيلها كما أنها تجربة تعيدنا إلى الحياة التي تخلو من أي تعقيدات.
تقوم فلسفة الجمعية على التنمية المستدامة و الشمولية حيث يستفيد سكان المجتمع المحلي من النشاطات التي تقام على أرضهم وعن هذا يقول حسين العمارين أحد أبناء المجتمع المحلي ومدير النزل أن أكثر ما يثير دهشة الزوار هو خلو النزل من الكهرباء ليضعهم في حالة روحانية فريدة.
وأشار العمارين الى أن فلسفة النزل في اعتماده على الموارد الطبيعية مثل إضاءة الشموع والبناء البيئي بالإضافة لاعتماد بشكل كلي على أبناء المجتمع المحلي في كل شيء هي نقطة نجاحه وتميزه.
وأشار الى أن النزل يتسع لـ(54-60) زائرا في الليلة الواحدة ويوجد فيه 19 موظفا كلهم من أبناء المجتمع المحلي.
وتحيط بالنزل قرى القريقرة والرشادية وفينان،ومعظم زوار النزل من الاجانب حيث يفتقدون نمط الحياة هذا في بيئتهم .
ويحظى زوار فينان بأجواء طبيعية نادرة حيث لا يتناولون إلا طعام الخضروات وما تنتجه الأرض في تلك المنطقة بينما يخرجون في جولة عند ساعات الغروب يتناولون الشاي المصنوع على النار.
من جانبها قالت صالحة الغريبات وهي من فتيات المجتمع المحلي وتعمل دليلا محليا يرافق الزوار و السياح في جولاتهم حول النزل أنها تشاهد الدهشة على وجوه الزوار لدى رؤيتهم هذه المناظر الخلابة والساحرة.
وبينت الغريبات أنها تطمح أن تتحسن البيئة في المنطقة إلا أنها ترفض أن تكون هذه التحسينات على حساب الطبيعة والبيئة مشيرة إلى أن أي تطور يفقد المنطقة خصوصيتها الطبيعية نرفضه.
جمال أبو عاصي ناشط بيئي قادم من لبنان وصف الليلة التي قضاها في فينان بأنها أجمل ليالي عمره على الإطلاق، مشيرا إن فينان منحته راحته وخلوة مع الطبيعة لم يجدها في مكان آخر.
وقال الناشط البيئي الذي يعمل في محمية أرز الشوف ان « الهدوء الطبيعي وغير المصطنع الموجود في فينان يجعلنا ننسى ضوضاء المدن التي نعيش فيها ولو لفترة قصيرة كما أنه يجعلنا ننسى همومنا التي تطاردنا ولو لفترة قصيرة».
وأشار أن نجاح تجربة فينان يجب أن تعمم حتى يعرف القائمون على السياحة في كل البلدان العربية أن السياحة التي تأخذ بعين الاعتبار الخصوصية البيئية للمكان تكون ناجحة أيضا.
ومن جانبه قال مدير عام شركة الفنادق البيئية التي تدير النزل بالشراكة مع الجمعية العلمية الملكية نبيل الترزي أن نزل فينان أسهم بشكل كبير في انتعاش الوضع الاقتصادي لابناء المجتمع المحلي بشكل مباشر من خلال العاملين في النزل وبشكل غير مباشر مثل سائقي السيارات الذين يقلون السياح وعددهم 40 سائقا.
كما بين أن النزل يقوم بشراء الخبز من نساء القرى المجاورة اللواتي يخبزنه في بيوتهن مشيرا أن دمج أبناء المجتمع المحلي في المشروع عزز من ثقة الناس بالنزل وإيمانهم بهذه المشاريع التي لم تمس خصوصيتهم.
وقال أن الزوار يستمتعون يوميا بجولة مسائية لمشاهدة الغروب من أحد السفوح وهو ما يعطيهم فرصة مشاهدة الغروب من مكان فريد بالإضافة لمشاهدة النزل أثناء العودة حينما يكون حل المساء ويكون مضاء بالكامل بالشموع.
وبين الترزي أن 80% من زوار النزل هم من الاجانب فيما 20% من زوار النزل هم من المواطنين.
المفضلات