السؤال ...
جميعنا نعرف حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
( الْعَائِدُ فِي عَطِيَّتِهِ كَمَثَلِ الْكَلْبِ أَكَلَ حَتَّى إِذَا شَبِعَ قَاءَ، ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ فَأَكَلَه) وسؤالي هو كالتالي: خطبت وملَكت (عقدت النكاح) ولكن لحكمة من الله لم يرد لنا أن نكمل مشوارنا سوية. فقررنا الانفصال، وسأستعيد المهر الذي دفعته، وهذا حقي. ولكن هل من حقي أيضا أن أستعيد الهدايا أم إنها تصبح مندرجة في حكم الحديث السابق؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من حقك أن تستعيد المهر كاملا ما دمت أنك قد عقدت النكاح، ثم طلقت قبل الدخول، فللزوجة المطلقة قبل الدخول نصف كامل المهر-المقدم والمؤخر- لقول الله تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة:237}.
وأما إذا وقعت بينكما خلوة يمكنك فيها الوطء عادة، فإن المهر يثبت كاملا ولو لم تطأها.
وأما ما يتعلق بالهدايا التي يقدمها الزوج إلى زوجته بعد العقد من الحلي وغيره، فيرجع الحكم فيها إلى العرف أو الشرط، فإن جرى العرف بها، أو اشترطت في العقد أو قبله فهي كالصداق تملكه كله بالدخول، وتملك نصفه بالعقد الصحيح. أما إذا لم يكن هناك عرف ولا شرط فهي هدية، والأصل أنه لا يجوز الرجوع فيها إلا إن كانت هبة لأجل العوض. قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل لرجل أن يعطي عطية، أو يهب هبة، فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه أصحاب السنن.
والهدايا التي تكون قبل العقد، وهي التي يهديها الخاطب لمخطوبته إذا لم تكن من المهر اتفاقاً أو عرفاً، فهي هبة من الخاطب كذلك، وقد اختلف العلماء في جواز استرجاعها عند الفسخ، والراجح أن الخاطب يرجع بما أهداه لمخطوبته سواء كان الرجوع عن الخطبة من جهته أو جهتها؛ لأن هبة الخاطب أشبه بهبة الثواب، فإن دلالة الحال أنه يهب بشرط إتمام الزواج.
وقال ابن تيمية معلقاً على قول الإمام أحمد الذي حكاه الأثرم: وهذا المنصوص جار على أصول المذهب الموافق لأصول الشريعة، وهو أن كل من أهدي له شيء، أو وهب له شيء بسبب يثبت بثبوته، ويزول بزواله. المستدرك على مجموع الفتاوى.
ولا يختلف هذا الحكم في رجوع الخطيب بما أهداه لمخطوبته، ولو حصل عقد ثم طلاق قبل الدخول.
ففي حاشية القليوبي من كتب الشافعية: دَفْعُ الْخَاطِبِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ، أَوْ وَلِيِّهِ شَيْئًا مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ، أَوْ نَقْدٍ أَوْ مَلْبُوسٍ لِمَخْطُوبَتِهِ، أَوْ لِوَلِيِّهَا ثُمَّ حَصَلَ إعْرَاضٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، أَوْ مَوْتٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا رَجَعَ الدَّافِعُ، أَوْ وَارِثُهُ بِجَمِيعِ مَا دَفَعَهُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ مُطْلَقًا، وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ مَاتَ إلَّا إنْ مَاتَتْ هِيَ وَلَا رُجُوعَ بَعْدَ الدُّخُولِ مُطْلَقًا. انتهى.
منقول ... وليس تجربة شخصية
المفضلات