مكرم الطراونة يكتب لـ"الحقيقة الدولية".. أيتها الحكومة.. فلتغضبي .. فالبلد غمست بالمشاكل الاجتماعية حتى الرأس.. ولا استبعد أن يدخل الأردنيون إلى منازلهم ويبدءون بقتل أبنائهم لأنهم لا يستطيعون توفير الطعام لهم!!
الزميل مكرم الطراونة
الحقيقة الدولية – خاص
كتب الزميل مكرم الطراونة لموقع "الحقيقة الدولية" حول قتل صيدلاني أسرته في منطقة الرابية بعمان، أن من الصعب أن نتصور قيام أب بقتل فلذات كبده بهذه البشاعة، دون التأكيد "على أن البلد ذاهبة إلى مشكلة اجتماعية تدنو منها، إن لم تكن قد غمست بها حتى الرأس".
وأكد في مقاله أن ما أصبح يندرج تحت بند الجرائم العائلية أ، ليس مشكلة أمنية بقدر ما هي مشكلة اجتماعية لأن "من يخرق أمن البلد ليسوا المجرمين، فمن يقدم على الانتحار هم من يعانون صعوبة في العيش، ويرمقهم الفقر من كل حدب وصوب".
ولم يستبعد الزميل الطراونة أن "يدخل الأردنيون يوما منازلهم ويبدءون بقتل أبنائهم لأنهم لا يستطيعون توفير الطعام لهم" بسبب السياسيات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة ، التي حمّلت المواطن فوق طاقته.
وتاليا نص مقال الزميل الطراونه..
كم كان صعبا علي، وعلى غيري من الأردنيين، الذين ما يزالون يحملون بذرة الإنسانية، قراءة خبر إقدام أب على قتل طفليه وزوجته فجر يوم أمس الاحد، وعدم الوقوف عند حيثياته.
فليس من السهل بمكان، سواء كنت أب أو لم تدخل بعد قفص الزوجية وترزق بأولاد أن تتصور أن ينهي أب مثقف ومتعلم حياة فلذات كبده بهذه الصورة البشعة.
كما لا استطيع تخيل أن يقدم شاب على قتل صديق له ما يزال في ريعان شبابه في منطقة نجل في لواء الشوبك بمحافظة معان اليوم الاثنين.
وبين ذاك التصور وهذا التخيل، لا يمكنني سوى التأكيد على أن البلد ذاهبة إلى مشكلة اجتماعية تدنو منها، إن لم تكن قد غمست بها حتى الرأس.
قد يغضب البعض من كلامي، أو قد يؤخذ منه ما يراد أن يؤخذ، لكن مصلحة الأردن وأمنه واستقراره أكبر من أهواء البعض ممن لا يرون فيه سوى الأمور الإيجابية فقط بحجة حبهم للوطن.
قصص "إجرامية" كثيرة بدأ صوتها يعلوا في الأردن، أبطالها ليسوا أصحاب سوابق، ومجرمين، بل مثقفين ومتعلمين، فلم نسمع يوما أن صاحب سوابق أقدم على قتل أولاده، كما لم نقرأ عن قاتل مأجور يجوب أرجاء البلاد. وكل ما غدا ينخر آذاننا يندرج تحت بند "الجرائم العائلية".
وانطلاقا من ذلك فإني لا انتقد الأجهزة الأمنية، لأن من يخرق أمن البلد ليسوا المجرمين، فمن يقدم على الانتحار هم من يعانون صعوبة في العيش، ويرمقهم الفقر من كل حدب وصوب.
في يوم من الأيام ألمني مصاب ابن لي، أخذت يد طبيب جراح تشق صدره لتخرج منه قلبه لإجراء عمليتين جراحيتين، ومت حينها مئة مرة، ولم أزل. ولا شك بأن من أقدم على قتل طفليه وزوجته في منطقة الرابية كان قد اعتصر ألما يوما ما على مرض ألم بأبنائه، حتى وإن كان مجرد ارتفاع في درجات حرارتهم ذات مساء، ولا شك في أنه بكى، كما بكيت أنا.
لكن يا حكومة، "أتعسني جدا" خبرا قرأته خلال اليومين الماضيين عن دراستك رفع تعرفة الكهرباء لإنقاذ شركة الكهرباء من خسائرها.
يا حكومة، هل المواطن مسؤول عن خسارة شركة الكهرباء؟. أم عن ارتفاع أسعار النفط عالميا؟، أم عن الأزمة المالية العالمية؟. فيا دولة الرئيس لسنا بأغنى من الحكومة لكي نتحمل تبعات كل ذلك.
لذا فلا استبعد أن يدخل الأردنيون يوما منازلهم ويبدءون بقتل أبنائهم لأنهم لا يستطيعون توفير الطعام لهم، لأنهم يعملون من أجل دفع الضرائب وإنقاذ شركة الكهرباء وباقي المؤسسات الوطنية من الخسائر.
نحب الوطن ايتها الحكومة، فلا تزاودي علينا، لكن حبنا للوطن ليس كما تحبينه، فلن نتفق على صيغة مشتركة بذلك، ولتغضبي كما تشائين، فلست معنيا بغضبك.
المصدر : الحقيقة الدولية - خاص 10.8.02009
المفضلات