*** على ماذا يراهن (المزايدون) ...... ؟!!! ***
عندما يهمل البعض كل ما قيل، بعد حــرب الانتصار الإلهي في تموز (يوليو) 2006، بأنهم ذاهبون الى خيار المقاومة والحرب الشعبية لاستعادة المحتل من الأرض، وعندما تبدأ مفاوضات جدية وجادة وفعلية لاستعادة هذه الأرض في الجولان وفلسطين، وعندما تواصل حركة حماس استجداء الهدنة والتهدئة ولا تواجه إلا بالصد والإهمال وعندما يكون الوضع العربي على ما هو عليه فعلى ماذا يراهن المزايدون الذين يطالبون بالتخلص من اتفاقية وادي عربة والعــودة الى الخيار العسكري واستقبال بوش القادم الى المنطقة بعد أيام قليلة بالقنابل..
إن مالا يفهمه ولا يدركه هؤلاء المزايدون ، الذين يبيعون البسطاء والمساكين مواقف ثورية للضحك على ذقونهم واستدراج عواطفهم أن عالم الأمس، إن عالم الثورات والحرب الباردة وصراع المعسكرات هو غير عالم اليوم حيث هناك الآن نظام عالمي تقوده الولايات المتحدة شئنا أم أبينا وهذا هو الذي يجعل حتى الصين، التي كانت تستمد شرعيتها من ثورة ماوتسي تونغ ومن المسيرة الطويلة، تحرص على أن تكون جزءاً من هذا النظام وتستمد شرعيتها من شرعيته.
لا شك في أن هناك مشاغبة على عالم القطب الواحد ولاشك في أن الصين هذه، ومعها روسيا وبعض الدول الأوروبية، وأيضاً إيران حتى لا يغضب المخلصون لولاية الفقيه، تضغط في اتجاه أن يكون هناك عالم متعدد الأقطاب لكن تحقيق هذه الغاية يحتاج الى سنوات طويلة وإلى تغيـُّرات كونية كثيرة.. وربما الى حروب متعددة وإلى كوارث وهذا يقتضي أن تتحلى الدول المهيضة الأجنحة بالواقعية وبالمزيد من الواقعية وأن لا تغامر وترتكب حماقات قد تكون بالنسبة إليها الضربة القاضية.
إن تغيير الاتجاه والوضعية العالمية هي هذه الوضعية ليس سهلاً فهذا النظام العالمي القائم الآن لا يمكن تغييره بين عشية وضحاها وهذه الخريطة العربية هي غير خريطة ستينات القرن الماضي عندما انطلقت الثورة الفلسطينية المعاصرة فأنظمة الانقلابات العسكرية باتت في الرمق الأخير وتصارع سكرات الموت ودول الخليج غدا همها التنمية والاستمتاع بثرواتها الوفيرة والمغرب العربي بات ينشغل بهمومه الخاصة ولم تعد فلسطين همه الأول وكل هذا بينما العراق وصل الى ما وصل إليه وبينما مصر، التي بدونها لا يمكن أن تكون هناك مقاومة ولا حرب، تنشغل بتوفير أرغفة العيش لأكثر من سبعين مليون إنسان.
لنكن صرحاء وصادقين.. هل أن الأردن و الوضع العالمي والعربي هو هذا الوضع قادر على أن يقول : لا لأميركا وقادر أن يقول للأشقاء الفلسطينيين عليكم أن تستقبلوا بوش بـ البيض الفاسد.. وعليكم أن ترفضوا هذه المفاوضات وعملية السلام وتعودوا الى الكلاشنكوف.. وإلى جمهورية الفاكهاني وإلى معسكرات المنافي البعيدة...؟!.
لقد قال وليد المعلم، وزير خارجية سورية الذي كان يستمد شريعته مــــن قناعاته الأيديولوجية، عشية القمة العـــربية الأخيرة أن سورية لن تلجأ الى الخيار العسكري ( إطلاقاً ) لاستعادة أراضيها المحتلة وحقيقة أن معه كل الحق وأن التمسك بالوساطة التركية للعودة الى عملية السلام والتفاوض مع الإسرائيليين هو عين العقل وهو الموقف الصحيح المستند الى فهم واقعي وعملي لهذا الوضع الدولي القائم ولهذه الحالة العربية الراهنة.. وغير هذا فإنه سيكون مغامرة غير مضمونة العواقب.
يجب إدراك أن إسرائيل هي التي أصبحت تخشى السلام بينما كان العرب هم الذين يتخذون موقفاً كهذا الموقف ولذلك فإن أكثر ما يسعد الإسرائيليين ويصب الحب في طاحونهم هو أن توصل المساومات والمفاوضات الماراثونية المستمرة وبدون أي نتائج ملموسة الفلسطينيين الى اليأس والملل والارتباك فيتخذوا مواقف غير مدروسة ويعودوا الى مواقع الأمس الذي لم تكن ظروفه هذه الظروف ولا معطياته هذه المعطيات.
المصدر
جريدة الراي الاردنية
صالح القلاب
المفضلات