عمان - سمر حدادين- أظهرت دراسة مسحية أن منظمات المجتمع المدني، تعتمد في تمويلها بالدرجة الأولى على الرسوم التي تجنيها من الخدمات التي تقدمها وأثمان مبيعاتها، خلافا لما هو شائع أن التمويل الأجنبي يشكل المصدر الرئيسي لعمل المنظمات.
واعتمدت الدراسة على مسح تنظيمي لقادة المجتمع المدني لحالة منظماتهم (عينة من 121 منظمة) باستخلاص النتائج، وتحمل الدراسة عنوان «تمويل منظمات المجتمع المدني في الأردن»، وأجراها كل من لميس ناصر وحسين أبو رمان لمركز الأردن الجديد.
وأوضح المسح التنظيمي أن الانطباعات السائدة حول تمويل منظمات المجتمع المدني غير دقيقة، فخلافا للانطباعات التي تضخم التمويل الأجنبي وتقلل من مساهمة مصادر التمويل المحلية بما فيها الدعم الحكومي.
واحتلت الرسوم التي تجنيها المنظمات من الخدمات التي تقدمها وأثمان مبيعاتها المرتبة الأولى بحسب الدراسة، فيما التبرعات احتلت المرتبة الثانية، ورسوم العضوية مثلت المصدر الثالث تلاه الدعم الحكومي، ثم المانحين الأجانب، وأخيرا القطاع الخاص.
وبينت الدراسة أن أحد أسباب الخلل في التوزين الصحيح لحالة تمويل المجتمع المدني الأردني، يرد إلى تجاهل بنية المجتمع المدني، وكذلك التشريعات الناظمة لعملية تمويل منظمات المجتمع المدني.
وبينت الدراسة أن منظمات المجتمع المدني تعاني من صعوبة توفير التمويل اللازم لعملها، وهي بالتالي خارج نطاق الحيز المرتبط بالتمويل الأجنبي ومشكلاته.
بالمقابل النقابات المهنية لا تشكو نقص التمويل، فتشريعاتها تؤمن لها التمويل الملزم من أعضائها، ما جعلها وفق ما جاء بالدراسة، قوة مالية كبيرة ومؤثرة، بيد أنها تواجه انتقادات أحيانا بخصوص جدوى أولويات التبرع لبعض الأنشطة التضامنية على المستويين الوطني والقومي.
وأجابت الدراسة على عدة تساؤلات من بينها مدى فائدة التمويل الأجنبي للمجتمع المحلي، فقد أكدت 78% من المنظمات المستجيبة أن التمويل الأجنبي يطور كفاءة المجتمع المدني.
وأعربت غالبية منظمات المجتمع المدني عن قناعتها بأن للتمويل الأجنبي دورا في خدمة المجتمع المدني الأردني، فقد ذكر أكثر من نصف المنظمات بنسبة 1و56% أن الفائدة كبيرة، أما المردود الظاهر للعيان لأثر التمويل الأجنبي، فهو أنه شجع على قيام جيل جديد من مؤسسات المجتمع المدني.
فيما أغلبية نسبية من المنظمات يقترب عددها من النصف بنسبة 4و46% أفادت أن التمويل الأجنبي يلبي أولويات المجتمع المدني بدرجة متوسط، في حين أن أكثر من ثلث المنظمات بنسبة 6و36% بأنه يلبي أولويات المجتمع المدني بدرجة كبيرة.
وحول الثقة بين منظمات المجتمع المدني الأردني والمنظمات المانحة، يرى أكثر من نصف المنظمات المستطلعة بنسبة 7و53% أن درجة الثقة بين منظمات المجتمع المدني والمانحة متوسطة، فيما أفاد أكثر من ثلث المنظمات بنسبة 39% أن درجة الثقة كبيرة.
وتعكس نتائج الإجابة عن التساؤل حول أثر التمويل الأجنبي على ثقة المجتمع المحلي بالمجتمع المدني الانطباع السائد بأن تأثيره سلبي، فقد أفادت أغلبية تفوق نصف المنظمات المستجيبة نسبتها 1و56% بأن الأثر سلبي أحيانا.
وأوصت الدراسة بمراجعة التشريعات الخاصة بتمويل منظمات المجتمع المدني، وتطوير قدرات منظمات المجتمع المدني لتتمكن من الشراكة مع القطاع الخاص، وتشجيع منظمات المجتمع المدني على تبني أنظمتها الداخلية لضوابط دقيقة لمكافحة الفساد المالي والإداري.
وتعد دراسة تمويل منظمات المجتمع المدني واحدة من دراسات الحالة لدليل مؤشرات المجتمع المدني في الأردن، الذي ينفذه مركز الأردن الجديد، بالتعاون مع سيفيكوس، وبدعم من مؤسسة المستقبل وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
المفضلات