(الربّة)
عبد الهادي راجي المجالي - البارحة شعرت بفخر ووقار، فهي المرة الأولى في التاريخ التي تذكر فيها قريتي (الربّة)... على الأخبار، والمهم أنها تصدرت النشرة وكانت تحتل الخبر الأول.
وقد اجتمع مجلس الوزراء من أجلها وأكد وزير الصحة بالوكالة أن حالات التسمم التي أُصيب بها جزء من الأهل وأبناء العمومة هناك، مصدرها أحد المطاعم الذي يبيع الحمص والفلافل.
أتذكر قبل (30) عاماً جاء التلفاز كي يصوّر مدرستي الابتدائية، ويومها خرجت في الأخبار.. كيف؟ سأخبركم.
أجرى المذيع لقاءً مع رئيس البلدية وأنا كنت في الخلف مع مجموعة من الصبية وكان الصف الأمامي من أسناني قد انهار تماماً بفعل سقوطي عن سور المدرسة.. لم أكن أعرف وقتها أن الكاميرا سترصدني، ولكن لحظة أن تم بث التقرير... صرخت جدتي: «هي عبدالهادي»... وإذا بي أحتل جزءاً من الصورة فوجهي لم يكن يخفى على أحد... وكنت مميزاً بين الصبية جميعهم لأن شعري (على الصفر) ناهيك عن انني الوحيد الذي كان يحمل زجاجة ميرندا.. لقد ظهرت على التلفاز أصلع وبدون أسنان وأحمل زجاجة ميرندا.
في اليوم الثاني كنت حديث المدرسة، فالجميع أخبرني باني ظهرت على الشاشة، وكانت تلك أول تجربة إعلامية أخوضها مع زجاجة (ميرندا)... الذي لفت انتباهي وقتها ان جدتي حين شاهدتني قالت: «انني ذكي ونشمي...
الربّة مثلاً يتذكرها الإعلام بالصدفة وإذا أُصيب أهلها بالتسمم أو وقع حادث سير خطير فيها أو تم افتتاح مركز للصم والبكم، ولكن أحداً لا يعرف ماذا فعلت هذه القرية الصغيرة بالوجدان الأردني.
فيها وُلِدَ ودُفِنَ الشهيد هزاع المجالي وقبره هناك ومنها خرج حابس المجالي إلى الوطن جندياً وفارساً... وقبره هناك أيضاً.
الربّة اخرجت رئيس وزراء ليس له في سطور التاريخ مثيل وأخرجت نبض الفروسية الأردنية حابس المجالي وهي اعادتهم بعد الموت إلى ترابها وبطنها.. كي يبقوا شهوداً على انها شامة وزمرّدة وحجر ياقوت ثمين في عنق بلادنا.
لو أن الربّة تُحمل وتحضر إلى هنا وتزرع على مقربة من عمان لحظيت باهتمام الإعلام..
نسيت أن أقول إن الربّة أيضاً كانت تجربة إعلامية مثيرة لي في عمر ال(7) سنوات .. فقد صرت نجماً والناس أشارت لي بالبنان وقالوا: (هيو أبو صلعة اللي طلع في التلفزيون) وأبي يومها ومكافأة على ظهوري أعطاني (10) قروش....
عاشت الربّة...
ففيها عظام أهلنا وأجدادنا.. وستبقى حيّة ويأتيها الناس من كل الدروب..
عاشت الربّة...
المفضلات