[IMG]http://a1.sphotos.ak.**********/hphotos-ak-snc6/248317_10150210615048427_7988408426_7117 690_973682_n.jpg[/IMG]
ومن عجائب الطغاة، إصرارهم على أن يكونوا محبوبين. بل وعدم توقّعهم أن يكون بين رعاياهم من يتمرّد على سلطتهم العاطفيّة.ـ
الحبّ هو أوّل ما يُطالب به الطاغية، أمّا العصيان العاطفي فهو آخر ما يتوقّعه، لثقته أنّ الشعب الواقع في قبضته، يحبّ اليد التي تخنقه، وتسرقه، والفم الذي يهينه، ويهدّده، ويقدّس هذا الإله الذي يتحكّم برقاب العباد ، وبالنشرة الجوّيّة في البلاد .ـ
يحتاج المواطن المتيّم بطاغيته ، أن يرى الصور العملاقة لمعشوقه في كل مكان ، تحيّيه وتباركه، ليطمئن إلى كون عين "الإله" التي تطارده أينما التفت ، هي في الواقع هناك لترعاه ..لا لتراقبه.ـ
أحدهم قال، إنّ حبّ الناس وحاجتهم إليه ، هي التي تبقيه قائدًا لهم، وإلاّ لما بقي يومًا واحدًا في الحكم، فهو زاهد في السلطة، والدليل أنه لا يشغل أيّ كرسي. وكان علينا أن نفهم أنّ الآلهة لا تحتاج إلى كراسي.ـ
في اليمن، رفض آخر أن يستقيل، غير آبه بمن يموتون بالمئات فداء غطرسته ونرجسيّته ، مواظبين منذ أسابيع على النزول بالملاين إلى الساحات مطالبين برحيله . عذره أنهم ليسوا الشعب بل الإرهابيين ، وأن ثمّة شعبٍا آخر، يريد أن يرى صوره ومن بعده صور ابنه ، معلّقةً للثلاثين سنة القادمة. وهو لا يرضى بتسليم هذا الشعب الذي "يموت" كلّ يوم في حبّه بالرصاص والغازات الخانقة . . إلى "أيدٍ غير أمينة "!ـ
وأتوقّع أنّ من بين كلّ الصدمات التي تعرّض لها حسني مبارك وبن علي ، أيّام خلعهما عن الحكم، يظلّ تخلّي شعبهما عن حبّهما ، أقسى عليهما من تخلّيه عنهما كحكّام. فخسارة رصيدهما العاطفي ، أكثر فاجعة لكليهما من خسارة الأرصدة المجمّدة في بنوك العالم. ذلك أنّ "حبّ الشعب" هو الذي منحهما حقّ الجلوس على القانون، بصفتهما "آلهة"، وبسقوطهما من قلبه ومن عينيه، أعادهما إلى مكانتهما البشريّة التي نسياها.ـ
كم يصعب إقناع طاغية أنّه ما عاد محبوبًا، ولا إلها معبودًا !ـ
إن بقاءه في الحكم ، برغم نيران الثورة التي تلتهم أقدام كرسيه، وآلاف البشر الذين يرمي بهم كلّ يوم إلى جوف المقابر، مقابل أسابيع إضافيّة على "عرشه السماويّ " ، هو رفض مرضيّ للعودة إلى " حضيرة "الجنس البشريّ . سيستمر في إثبات ألوهيّته، واستعداد ُمريديه وأتباعه للموت دفاعًا عنه ، برغم تناقص عدد رجاله يومًا بعد آخر . وعندما ينفضّ الجميع من حوله ، سيُباهي بولاء المرتزقة ، والسيوف التي اشتراها في سوق بيع الذمم .ـ
عندما يقول طاغية " سأحارب حتى آخر قطرة دم " . . هو يعني دم الآخرين.ـ
وحدهم الطغاة يقيسون كرامتهم بدم مواطنيهم.. لا بماء وجوههم، لاعتقادهم أنّهم يساوون الآلاف من تلك "الجرذان" البشريّة. وأنّ مقامهم العالي لا يسمح لهم بأن يغادروا سدّة الحكم بأبخس ثمن. أيّ عاٍرٍٍٍ أن يغادر طاغية السلطة دون دمار، أن يرحل بتحضّرٍٍ تاركًا كلّ شيء على حاله ! تتفقّد الملكة إليزابيث غرف قصرها قبل أن تخلد إلى النوم، خشية أن يكون الخدم قد نسوا إطفاء الأضواء. هي حريصة على مصاريف الكهرباء، طبعاً ، فهي ملكة بريطانيا العظمى.
وفي بلاد أخرى, وجهوريات وجماهريَات عربيّة "عُظمى" ، لا يخلد حكّام إلى نومهم الأخير، حتى يطمئنّوا أنّهم لم ُيبقوا حجرًا على حجر، ولا قرشًا في خزينة الوطن. وأنّهم مدّدوا حكمهم، ليبدّدوا ما استطاعوا من ثروة الزمن، ومعها ثروات الوطن الحاضرة والمستقبليّة. ـ
ولو استطاعوا لأعادوا الأوطان من بعدهم إلى العصر الحجريّ ، ألم يقل أحدهم " من أراد هذه البلاد سيأخذها أرضا بلا بشر". فالطاغية الذي اعتاد على الحبّ الجماهيري الجارف، يردّ على غضب الجماهير بجارفات تهدّ البيوت، بقنّاصة وراجمات وطائرات ، وبتجويع مدن بأكملها قصد تركيع رُضَعِها قبل حتى أن يُفطموا .ـ
إنّه يغضب على طريقة الآلهة الإغريقيّة، بمقياس حقد يفوق سلّم "ريختر" للدمار. فهو لا يغفر لتلك "الجرذان" و" الكلاب الضالة " أن لا تحارب حتى آخر قطرة من دمها.. فداءً لآخر قطرة في دمه !ـ
* * *
جمعة مباركة . رحم الله جميع شهداء أمتنا العربيّة وأدخلهم فسيح جناته ، ووهب أهلهم الصبر والسلوان ، وأرانا في قتلتهم الذلّ والهوان .اللّهم خذ بحق جرحانا وبحق اليتامى والثكالى، واثأر لدم كلّ قتيل، حسبنا أنت ونعم الوكيل .ـ
أحلام مستغانمي
[IMG]http://profile.ak.**********/hprofile-ak-snc4/203615_7988408426_6384038_n.jpg[/IMG]
المفضلات