*** اسرائيل الكبرى (انتهت).. ماذا تبقى من فلسطين التاريخية .... ؟ !!! ***
Gmt 23:45:00 2008 الإثنين 15 سبتمبر
الرأي الأردنية
محمد خرّوب
هلل الاعلام العربي والدوائر الرسمية العربية، وخصوصاً الفلسطينية، للتصريحات التي ادلى بها ايهود اولمرت رئيس حكومة اسرائيل ''المنصرف'' والذي سيكون مجرد حصان ميت اعتباراً من مساء يوم غد الاربعاء، بعد ان يكون حزب كاديما قد اختار تسيبي ليفني أو شاؤول موفاز لخلافته (اولمرت) على رأس هذا الحزب، الذي يصفه كثيرون وفي مقدمتهم ايهود باراك زعيم حزب العمل بأنه حزب ''لاجئين''.
ايهود اولمرت الذي بات مستقبله السياسي في مهب الريح، واحتمالات عودته الى الساحة السياسية ضعيفة ان لم نقل معدومة، حتى لو ان المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز لم يأخذ بتوصية الشرطة توجيه لائحة اتهام ضده، أو في حال تم عقد صفقة كتلك الصفقات الشهيرة التي عقدت مع رئيس الدولة الاسبق عيزر وايزمن، وتلك المتوقعة مع الرئيس السابق المتهم بالاغتصاب والتحرش الجنسي موشيه كتساف، فإن حظوظ اولمرت بالعودة الى الاضواء وفي المقعد رقم واحد أو حتى رقم خمسة تبدو مستبعدة.. ولهذا لم تكن تصريحاته في جلسة الحكومة الاسبوعية يوم اول من امس الاحد خلال تعقيبه على خطة الاخلاء والتعويض مفاجئة أو صادمة، حتى لأوساط متطرفة داخل الائتلاف الحكومي الهش الذي يتزعمه، وبخاصة ان قناعات عديدة قد توفرت لدى قادة الاحزاب المشاركة في الحكومة، وعلى رأسها حزب العمل، أن اولمرت يسعى لتغيير صورة رئيس الوزراء الفاشل والفاسد والمرتشي، التي التصقت في وعي الجمهور الاسرائيلي، ولهذا فإنه سيختار ''ساحة'' المفاوضات مع الفلسطينيين لتسجيل مواقف جديدة تبدو انقلابية على الاسس الايديولوجية والعقائدية، التي نشأ عليها سواء في حركة بيتار أم في الجناح الاكثر تشدداً في الليكود، حد التمرد على قيادة مناحيم بيغن، والتصويت ضد اتفاقات كامب ديفيد التي توصل اليها بيغن مع انور السادات في العام 1978، والتي توجت بالمعاهدة الاسرائيلية المصرية في 26 اذار ,1979.
اقوال اولمرت في جلسة مجلس الوزراء الاسبوعية (وربما تكون جلسة الوداع الاخير بصفته تلك، اذا ما نفذ وعده واستقال يوم بعد غد الخميس 18/9)، كانت تكراراً لتصريحات ادلى بها لصحف اسرائيلية وعالمية، حذر فيها من ان مصير اسرائيل مهدد اذا ما واصلت احتلال الضفة الغربية، لأنها ستفقد طابعها اليهودي الديمقراطي (..) وتتحول الى دولة ثنائية القومية وستمارس سياسة الابارتايد على النحو الذي جرى في جنوب افريقيا وروديسيا (زيمبابوي حاليا)..
الضجة التي اعقبت تصريحاته تلك (الأولى بالطبع) كانت اكثر عنفاً وصخباً وموضع جدل وسجالات عديدة في الاوساط السياسية والحزبية الاسرائيلية، اكثر من تلك التي ''فجرها'' يوم اول من امس لأنه في ذلك الوقت كان رئيساً للوزراء ولم يكن مستقبله السياسي مهدداً. صحيح أن التحقيقات معه كانت ما تزال في بداياتها، الا ان احداً لم يكن على قناعة بأن الشرطة ستوصي بتوجيه لائحة اتهام له، وقبل ذلك لم يكن الرجل قد اضطر للرضوخ الى ضغوط شريكه في الائتلاف ايهود باراك، والقبول باختيار زعيم جديد لكاديما، خشية الذهاب الى انتخابات مبكرة لا احد يرغب بها (في كاديما والعمل على الاقل)..
اما الان، فاولمرت غدا جثة سياسية وتصريحاته لا تشكل خطراً على اليمين الفاشي في الليكود وشاس واسرائيل بيتنا والمفدال ويهودوت هاتوراة، الذين يستعدون لاستلام الحكم، لأن الانتخابات المبكرة باتت اقرب احتمالاً من نجاح (ليفني او موفاز) في تشكيل ائتلاف جديد، على انقاض ائتلاف اولمرت، بعد أن اعلن ايلي يشاي رئيس حزب شاس انه لن يشارك في ائتلاف بقيادة كاديما، الا اذا تعهد رئيسه/ رئيسته بعدم وضع القدس على جدول المفاوضات مع الفلسطينيين وايضاً بزيادة مخصصات العائلات كثيرة الاولاد وهو امر ما تزال ليفني ترفضه حتى الان..
العبارة السحرية التي قذف بها اولمرت في فضاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ايقظت الاوهام لدى معظم اركان السلطة الفلسطينية وبعض العرب، بأن اسرائيل قد رضخت وانها غادرت عنجهيتها ومشروعها القائم على شعار ''للاردن ضفتان''.. وان المسألة غدت مجرد وقت لنضوج المجتمع الاسرائيلي ونخبته السياسية والعسكرية والقبول بتسوية تاريخية تقوم على مبدأ الدولتين.
يريدون اقناع انفسهم بما هو غير موجود في واقع الحال، صحيح ان اولمرت قال يوم الأحد الماضي انه كان يؤمن ''أنه من نهر الاردن الى البحر كلها لنا، ولكن في نهاية المطاف وبعد فترات غير سهلة من التخبط توصلت الى النتيجة بأننا إذا كنا لا نريد دولة ثنائية القومية فيجب ان نتقاسم ''البلاد'' مع من يجلسون معنا''.
لكن الذين يريدون البناء على هذه الاقوال وبخاصة في السلطة الفلسطينية يسقطون عن عمد المعاني السياسية والايديولوجية والجغرافية التي تنهض عليها اقوال اولمرت في شأن ما تبقى من فلسطين التاريخية وهل تقاسم ''البلاد'' الذي تحدث عنه مع من ''يجلسون معنا''.. يعني العودة الى خطوط الرابع من حزيران 1967 أي ''منح'' الفلسطينيين ما تبقى من فلسطين التاريخية وهي 22%؟ وهل يريد أركان السلطة اقناعنا بأن اقتراحات اولمرت بالانسحاب من 93% (او كما قالت صحيفة هاآرتس يوم أمس الاثنين 98%) تشمل القدس أم ان العاصمة الموحدة لاسرائيل والتي باتت تساوي خمسة اضعاف مساحة تل ابيب (250 كلم2 مقارنة بـ50كلم2 لتل ابيب) هي خارج جدول أعمال المفاوضات، ناهيك عما تشكله الكتل الاستيطانية الثلاث التي يقال ان السلطة الفلسطينية وافقت على الحاقها باسرائيل مقابل أراض تعوضها اسرائيل على السلطة؟.
ثمة حاجة الان وقد اقتربت مواعيد ''ايلول'' الاسرائيلية والاميركية، التي تتحدث عن قرب التوصل الى اتفاق ''رف'' سيقوم بوش باعلانه من على منصة الأمم المتحدة التي ستبدأ دورتها السنوية الاسبوع المقبل، ان تقوم السلطة بالكشف عن حقيقة ما جرى وما تم الاتفاق عليه وما تم رفضه.
كما ان الوقت قد حان لأن تدرك السلطة الفلسطينية أن اولمرت لم يعد الحصان الذي يراهن عليه، ولهذا كانت غريبة ومستهجنة الاقوال التي نسبت للرئيس عباس والتي افادت انه سيطلب من الرئيس بوش خلال اجتماعه به في البيت الابيض يوم 25 الجاري عدم وضع مسؤولية فشل المفاوضات على أحد من الطرفين - من المسؤول إذاً؟. دون ان يسقط عن جدول الأعمال السؤال الأساسي: ماذا عن ملف اللاجئين وحق العودة وما تروج حوله من شائعات او اقتراحات او صفقات؟.
المصدر
ايلاف السياسية
المفضلات