ابتداءً فإنني لا أسعى إلى الهجوم على المدخنين بقدر ما أسعى إلى حماية أبنائنا أبناء هذا الوطن وكذلك مساعدة الدولة بما فيها الجامعات على تخفيض نفقات المعالجة الطبية بما يؤدي إلى تعزيز تقدُّم الوطن الحبيب، ومن هنا فإنَّ للجامعات دورا في تطبيق القوانين المختلفة ولذلك يجب عليها طرح قانون الصحة العامة ضمن موادها العامة لجميع التخصصات والمراحل الجامعية.
فإذا ما استقبلت ضيفاً من الأقارب أو الأصدقاء ستجده يبدأ بالتدخين في منزلك متجاهلاً عائلتك وأطفالك، وإذا ما ذهبت إلى العمل ستجد مديرك أو المسؤول الأعلى أو احد زملائك يرتكب نفس الفعل، وإذا ما استخدمت واسطة نقل عمومية (باص أو تكسي) ستجد نفس الأمر، وإذا ما ذهب أبناؤك إلى المدرسة أو الجامعة فالأمر سيان بل على العكس من ذلك فإنَّ المدرسة أو الجامعة أصبحت بداية الطريق إلى التدخين.
وحسناً فعل المشرِّع حينما أصدر قانون الصحة العامة رقم (47) لسنة 2008 والذي جاء بأحكام جديدة في مادته (53) والتي تحتاج إلى تطبيق من جميع المسؤولين عن المرافق العامة حيث منعت التدخين في قاعات المحاضرات والملاعب المغلقة ووسائط نقل الركاب والمكتبات العامة والمتاحف وصالات القادمين والمغادرين في المطارات، وكذلك منع التدخين في المباني التابعة للمرافق العامة بما فيها الجامعات ودور الحضانة ورياض الأطفال، وأوجب القانون على كل مسؤول عن مكان عام وضع لوحة بخط واضح تحمل عبارة (ممنوع التدخين)، ومع ذلك لم يقم العديد من رؤساء الجامعات الرسمية والخاصة بصفتهم المسؤولين عن هذه المباني العامة بتطبيق هذا النص حيث لا يوجد في الكثير من الكليات والوحدات والدوائر الجامعية مثل هذه اللوحات التي تمنع التدخين، بل على العكس فقد تجد شيئا مُحزنا وهو احد أعضاء الهيئة التدريسية أو عميد كلية - وقد يكون قانونياً ـ يدخن في قاعات المحاضرات أو تجد مراسلاً يحضر الشاي أو القهوة له أثناء إلقاء المحاضرة.
والشيء المستغرب أن تجد محكمة كبرى متخصصة كتب على جدرانها عبارة مفادها يمنع رمي أعقاب السجائر على الأرض وهذا يعني أن التدخين مسموح والممنوع هو رمي أعقاب السجائر على الأرض، ولكن الأغرب هو أن تجد بائع المشروبات الساخنة والباردة يقوم يبيع السجائر بشكل علني بين الجمهور ـ بغض النظر عن العمر بل يبيعها أيضا بالتجزئة ـ الذي نشر آثار التدخين في ساحة المحكمة، وإذا ما قررت السؤال عن معاملة فستجد العديد من مكاتب الإداريين بل والعديد من مكاتب القضاة لا يختلف الأمر في شيء، وإذا ما قررت توكيل محام فتجد الأمر أسوأ في غرف المحامين، كما أن الأمر لا يختلف في محكمة اصغر، ولكن الحق يقال أن بعض محاكم الجنوب كمحكمة بداية الكرك طبقت القانون فمنعت التدخين داخل المحكمة وساحاتها مستندة في ذلك إلى نص المادة (55) من القانون السابق ذكره.
وتجدر الإشارة إلى القانون نفسه في مادتيه (63و64) قد حدد العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على شهر أو بغرامة لا تقل عن خمسة عشر دينارا ولا تزيد على خمسة وعشرين دينارا في حالة التدخين في الأماكن العامة وفي حالة سماح المسؤول عن المكان العام لأي شخص بالتدخين فيه وفي حالة عدم الإعلان عن منع التدخين في تلك الأماكن، وشدد العقوبة لتصبح مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة دينار ولا تزيد على ألف دينار في حالة التدخين في دور الحضانة ورياض الأطفال، كما شدد على أن للمحكمة حجز واسطة نقل الركاب في حالة تكرار المخالفة.
إنَّ تخفيض استهلاك السجائر فائدة للوطن، ولذلك نناشد وزراء العدل والصحة والتربية والتعليم والتعليم العالي ورئيس المجلس القضائي ونقيب المحامين ورؤساء الجامعات الرسمية والخاصة وعمداء كليات الحقوق فيها والمسؤولين عن الأماكن العامة بتفعيل تطبيق نصوص قانون الصحة العامة وذلك برقابة مستمرة وخاصة وسائط النقل العام مع ضرورة تحديد أماكن خاصة ـ غرفة مستقلة في كل مبنى ـ للمدخنين يجب عدم تجاوزها حماية لأبناء الوطن الواحد الذي يعتز بقيادته الهاشمية الحكيمة.
منقول
محمد الشيخ ذيب - جامعة مؤتة ماجستير قانون/ الوظيفة العامة
المفضلات