أوباما يضع ثقته في بترايوس قائداً للحرب بأفغانستان
واشنطن - أ. ف. ب - وضع الرئيس الأمريكي باراك أوباما ثقته في "بطل" الحرب في العراق الجنرال ديفيد بترايوس لقيادة القوات الدولية في الحرب التي تخوضها ضد حركة التمرد في افغانستان، خلفًا للجنرال ستانلي ماكريستال الذي أقيل الاربعاء. وبقراره الجريء والسريع في إقالة ماكريستال وتعيين بترايوس مكانه، سعى أوباما لفرض سلطته كقائد أعلى للقوات المسلحة، والى إحياء استراتيجية تصعيد جديدة قد تحدد مصيره السياسي، ولكن بعض انصاره يخشى من تعثرها. وقال اوباما ان "الحرب اكبر من أي رجل او امرأة، سواء أكان جنديًّا أم جنرالاً أم رئيسًا"، وذلك بعيد إقالته الجنرال ماكريستال اثر توجيهه في مقابلة صحافية انتقادات لاذعة الى الرئيس وكبار القادة المدنيين في الادارة الاميركية. واوضح الرئيس انه اضطر الى اخذ هذا القرار من اجل المحافظة على سيطرة السلطة السياسية المدنية على الجيش، محذرا من انه لن يتسامح ابدا مع اي انقسامات في فريقه المسؤول عن الامن القومي. وجاء السقوط السريع والمدوي لماكريستال على الرغم من اصوات الدعم التي لقيها من وراء المحيط سواء من الاوروبيين او من القادة الافغان وفي طليعتهم الرئيس حميد كرزاي الذي ما لبث ان اعلن خلال مكالمة مع اوباما الاربعاء عن ترحيبه بتعيين بترايوس. ويتمتع بترايوس بسمعة ناصعة البياض تسبقه اينما ذهب، وذلك بعدما حقق في انظار واشنطن نصرا في حرب العراق من خلال الاستراتيجية التي وضعها والتي قامت على ارسال تعزيزات الى الى هذا البلد، اضافة الى دهائه السياسي وإلمامه العميق بكيفية مكافحة التمرد ولا سيما عبر "الصحوات".
وبصفته قائدا للقيادة الامريكية الوسطى، كان بترايوس احد المهندسين الاساسييين لاستراتيجية زيادة القوات في افغانستان والتي اقرها الرئيس العام الماضي، فضلا عن انه معروف جيدا سواء في اوروبا ام في اسلام اباد وكابول. وسلطت الانتقادات العنيفة التي وجهها ماكريستال وعدد من اعوانه الى الادارة الضوء على تكتيك اوباما في الوقت الذي اخذت الحرب الدائرة في افغانستان منحى تصعيديا غير مسبوق لا سيما مع الخسائر القياسية المتزايدة التي تمنى بها يومًا بعد يوم القوات الاجنبية المنتشرة في هذا البلد وتضاؤل التأييد الشعبي للحرب. وفي هذا الاطار اصبح يونيو الشهر الاكثر دموية للقوات الاجنبية في افغانستان منذ اجتياحها هذا البلد اواخر 2001، اذ بلغت حصيلة قتلاها منذ مطلع الشهر 79 قتيلا، بحسب احصائية اعدتها وكالة فرانس برس بعد اعلان حلف شمال الاطلسي أمس عن مقتل اربعة من جنوده الاربعاء. ويوم الاربعاء لوحده قتل 10 جنود من القوة الدولية للمساعدة على ارساء الامن في افغانستان (ايساف)، وهي نفس الحصيلة التي سجلت الاثنين ايضا. وتشهد وتيرة التمرد المسلح الذي تقوده حركة طالبان منذ 2005 تصاعدا لافتا منذ ثلاثة اعوام على الرغم من انتشار القوات الاجنبية التي يبلغ عديدها حاليا 142 الف جندي ومن المقرر ان يصل في اغسطس الى 150 الفا، مع وصول باقي التعزيزات التي امر اوباما بارسالها والبالغ عددها 30 الفا.
وحرص اوباما لدى اعلانه امام الصحافيين في حديقة البيت الابيض قراره اقالة ماكريستال على الاشادة بالجنرال وبسيرته العسكرية "المميزة"، لافتا في الوقت عينه الى ان "سلوكه مثلما ظهر في مقالة نشرت مؤخرا لا ينسجم مع المعايير المطلوبة من جنرال". واوضح اوباما انه لم يعمد الى اقالة الجنرال بسبب "اهانات شخصية" اثر المقالة في مجلة رولينغ ستون التي هاجم فيها ماكريستال مع بعض مساعديه مسؤولين كبارا في الادارة بالاسم. وقال اوباما ايضا انه "وافق على استقالة" الجنرال ماكريستال "باسف" لكنه شدد على ضرورة "وحدة الجهود" من قبل فريقه بخصوص افغانستان. كما اكد الرئيس ان تعيين بترايوس مكان ماكريستال لا يعني تغييرا في الاستراتيجية على الارض. ورحّب اعضاء في الكونغرس الامريكي بتعيين بترايوس على رأس القوات الحليفة في افغانستان، في حين اغتنم بعضهم الفرصة لتوجيه انتقادات الى الاستراتيجية الاميركية.
واعتبر السناتور الديموقراطي جون كيري رئيس لجنة الشؤون الخارجية في بيان ان الجنرال بترايوس يضفي "كفاءات دبلوماسية جرى اختبارها" الى ارض المعركة، ما سيساعد في تعزيز الاستراتيجية الامريكية لمكافحة التمرد. ورأى السيناتور المستقل جو ليبرمان ان الرئيس "وجد بكل بساطة الشخص الافضل ليحل محل الجنرال ماكريستال"، بينما اعرب الجمهوري جون كورنين عن "ثقته في ان الجنرال بترايوس سيقود قواتنا نحو النصر". بدورها رحبت وزارة الخارجية الامريكية، التي تعرض دبلوماسيوها للانتقاد في التصريحات التي نسبها المقال الى الجنرال ستانلي ماكريستال ومساعديه، بإقرار بترايوس بأهمية المجهود المدني للحلفاء في هذا البلد. واكد المتحدث باسم الخارجية الامريكية فيليب كراولي ان الجنرال بترايوس "يقر بأهمية جعل المكونين الاثنين للاستراتيجية، المدني والعسكري، يعملان يدا بيد".
من ناحيتهم اعتبر ثلاثة من اعضاء مجلس الشيوخ الامريكي ان على الرئيس باراك أوباما أن يعيد تشكيل الجانب المدني من الوجود الامريكي في افغانستان وإلا خسرت الولايات المتحدة حربها في هذا البلد، واصفين أداء الدبلوماسيين الامريكيين هناك بـ"الخلل الكامل". ووجّه السيناتوران الجمهوريان جون ماكين وليندسي غراهام والسيناتور المستقل جو ليبرمان انتقادات قاسية الى الدبلوماسيين الامريكيين العاملين في كابول، دون ان يصلوا الى حد المطالبة باستقالة السفير كارل ايكنبيري. من ناحيته اعتبر الممثل السابق للامم المتحدة في افغانستان النروجي كاي ايدي ان ماكريستال "دفع الاحترام الامريكي للثقافة الافغانية في الاتجاه الصحيح" مضيفًا "من المحزن ان يتوجب عليه الرحيل، لكنني اتفهم قرار الرئيس أوباما". وأضاف: ان بترايوس "جنرال لامع، وقد ساهم في شكل كبير كعضو في هيئة الاركان الامريكية في المنطقة، في تحديد الاستراتيجية الحالية في افغانستان لكنني اخشى ان تكون (هذه الاستراتيجية) منذ الآن اكثر تأثرًا بالاستراتيجية التي تم اعتمادها في العراق".
من جهتها توعّدت حركة طالبان الخميس في تصريح لوكالة فرانس برس بأن تواصل القتال أيًّا كان قائد القوات الدولية في هذا البلد. وقال المتحدث باسم طالبان يوسف احمدي في اتصال هاتفي بوكالة فرانس برس من مكان مجهول "لا يهمنا من هو القائد، أكان ماكريستال ام بترايوس. موقفنا واضح. سوف نقاتل المحتلين حتى رحيلهم". ولتثبيت بترايوس في منصبه الجديد لا بد من موافقة مجلس الشيوخ على قرار تعيينه، وهو ما سيصوّت عليه بعد ان يستمع للجنرال المعيّن في جلسة من المفترض ان تعقد الثلاثاء على أبعد تقدير، بحسب كارل ليفن رئيس لجنة الدفاع في المجلس. وقال ليفن: "سنحاول ان تكون المسألة سريعة"، معربًا عن الأمل في تثبيت تعيينه في مجلس الشيوخ قبل العطلة البرلمانية المقبلة المتوقعة في الخامس من يوليو. وفي الانتظار سيشغل ضابط بريطاني مهام ماكريستال بالوكالة. واعلنت الحكومة البريطانية مساء الاربعاء ان الجنرال البريطاني نيك باركر تسلم بالوكالة قيادة قوات الحلف الاطلسي في افغانستان، مشيرة في بيان الى ان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس اوباما "اتفقا على ان الجنرال بترايوس" الذي سيشغل هذه المهام لاحقاً "هو الشخص الصالح لتولي قيادة" حوالي 140 ألف جندي في الحلف الاطلسي في افغانستان.
المصدر
http://www.raya.com/site/topics/arti...2&parent_id=21
المفضلات