تحقيق وتصوير - عبدالحميد العدوان - على الطريق المؤدي للمغطس والبحر الميت تتراكم النفايات والحيوانات النافقة المتعفنة يمينا وشمالا على امتداد 14 كم تحت سطح البحر، ما يدل على غياب جهة تتولى مهام النظافة وجمع النفايات المتراكمة على جانبي الطريق وتحت الأشجار والتي شكلت مكرهة صحية ومنظرا غير حضاري للمنطقة السياحية.
المغطس موقع مهم لكل المسيحيين والمؤمنين ويعد من أهم المواقع السياحية الدينية محليا وعالميا، كونه يرتبط بالنبي عيسى عليه السلام والقديس يوحنا المعمدان والمعروف في الديانة الاسلامية باسم النبي يحيى عليه السلام.
وبلغ عدد زوار المغطس منذ عام 2008 حتى شهر شباط الماضي 625 ألف سائح من مختلف انحاء العالم، إلى جانب العديد من رؤساء الدول الأوروبية والشخصيات الدينية وعلى رأسهم البابا بنديكتوس السادس عشر في العام 2009.
وبلغت الايرادات المالية لموقع المغطس لعام 2010 مليونا و391 الف دينار وفي العام 2011 مليونا و291 الف دينار،وللعام 2012 بلغ حوالي 965 الف دينار وفق هيئة موقع المغطس.
بدأ كاتب التحقيق بالاستقصاء عن التبعية التنظيمية والخدماتية للطريق المؤدي للمغطس للاستفسار عن المشاهدات التي سجلها وبخاصة تلك المتعلقة بالغياب التام للنظافة، وفي سؤال لكافة الجهات المعنية تبين أن طريق الموقع يتبع تنظيميا لسلطة وادي الاردن، بينما لم تتبين الجهة المسؤولة عن توفير خدمات النظافة العامة للطريق البالغ مساحته 14 كيلومترا.
ويقول المدير العام لهيئة موقع المغطس المهندس ضياء المدني «أن موقع المغطس هو خارج حدود البلديات وأن سلطة وادي الأردن هي الجهة المسؤولة عن البنى التحتية بالكامل».
ويشير المدني إلى انه «لا بد من وجود جهة معنية سواء من البلديات او سلطة وادي الأردن تتولى نظافة حدود المنطقة والنفايات المتراكمة تحت الاشجار لأهمية الموقع».
ويقول «أن موقع المغطس يعتبر من أهم المواقع السياحية في الاردن وقد زاره العديد من رؤساء الدول الأوربية والشخصيات الرسمية على مستوى العالم، وطريق موقع المغطس يخدم مناطق سكنية واستثمارية ومع الاسف تتراكم النفايات بجانب الطرقات بشكل كبير وغير لائق للمنطقة بسبب غياب جهة معنية تقوم بتنظيفها».
و يؤكد المدني «أن العمال الذين يعملون في الموقع يقومون بتنظيف النفايات المتواجده على الشارع المؤدي لمدخل المغطس لعدم وجود جهة معنية تقوم بتنظيفه».
ويشير المدني إلى انه «اثناء زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في عام 2007 لموقع المغطس قمنا باحضار عمالة مصرية لتنظيف الشارع المؤدي للموقع ومسافته حوالي 10 كم».
ويكمل «اضطررت الى الاستعانة بفريق امانة عمان الكبرى الذي يعمل في البحر الميت عن طريق اتصالات شخصية مع المهندس المسؤول لتنظيف حدود منطقة المغطس اكثر من مرة».
ويقول المدني إن: «المتنزهين في المنطقة في فصل الربيع والعطل الرسمية يجلسون تحت الاشجار ويتركون مخلفات طعامهم والنفايات في مكانها، وهذا ما زاد الأمر سوءا وجعل منظر النفايات على طريق المغطس منفرا».
ويتابع «تحولت الطريق إلى مكرهة صحية لغياب رقابة الشرطة البيئية والتوعية للمتنزهين وتحذيرهم من رمي النفايات بين الاشجار والشوارع، وغياب جهة معنية تقوم بتنظيف النفايات».
من جهته يوضح مدير الشرطة البيئية العميد المهندس احمد الطعاني «أن مسؤولية النظافة العامة للاماكن السياحية تتبع للشرطة السياحية.
ويشير إلى إن وزارة الزراعة هي المعنية من خلال الطوافين لحماية الاشجار والنظافة في تلك المواقع، وبالامكان أن تقدم الشرطة البيئية المساندة لفرق الطوافين حال طلبوا ذلك.
ويبين «ان الشرطة البيئية تقوم بارسال دوريات لتلك المناطق لفرض القانون ومنع التجاوزات التي قد تحدث في هذا الخصوص، بالاضافة الى مخالفة السيارات التي تنقل النفايات اذا لم تكن مخصصة لهذه الغاية.
ويبين أنه في حال ضبط أي سيارة لنقل النفايات تتخلص من حمولتها في الاماكن غير المخصصة لذلك، يصار الى مخالفتها وتحويلها للحاكم الاداري والمحاكم المختصة.
ويؤكد الطعاني «نتابع الشكاوى بهذا الخصوص في غرفة العمليات والدوريات والاقسام في الشرطة البيئية ويتم اتخاذ الاجراءات اللازمة فورا، بالاضافة الى مشاركتنا لحملات نظافة بالتنسيق مع المجتمع المحلي والجهات المعنية لتنظيف مواقع مختلفة في المملكة.
ويقول مدير الإعلام والتوعية والناطق الرسمي لوزارة المياة والري وسلطة وادي الأردن عمر سلامة «أن نظافة الشوارع المؤدية لموقع المغطس وجمع النفايات والحيوانات النافقة ليس من مهام او مسؤولية سلطة وادي الاردن ووزارة المياة والري، وإنما من مسؤولية البلديات التي تتبع المنطقة لها».
خارج حدود البلديات
رئيس لجنة بلدية الشونة الوسطى المهندس خالد الزعبي يقول «ان الطريق المؤدي لموقع المغطس والبحر الميت هو خارج حدود البلدية وهو تابع لأمانة عمان الكبرى ووزارة الاشغال العامة».
ويبين الزعبي «ان مجلس الخدمات المشتركة الذي كان يعمل في لواء الشونة الجنوبية والتابع لوزارة البلديات كان يخدم جميع المناطق الخارجة عن حدود البلدية بما فيها طريق المغطس والبحر الميت لكنه إنتقل إلى لواء دير علا قبل خمسة اعوام».
ويوضح بأنه: «قبل العام 2001 كان مكتب الخدمات المشتركة للواء الشونة الجنوبية يقدم خدمات النظافة العامة لجميع المناطق الواقعة خارج حدود بلدية الشونة الجنوبية، وفي العام 2001 صدر قرار من وزارة البلديات بنقل المكتب الى لواء دير علا باسم مكتب الخدمات المشتركة للاغوار».
ويضيف أنه: «في حزيران من العام 2012 صدر كتاب من وزارة الشؤون البلدية باستحداث مجلس للخدمات المشتركة للواء الشونة الجنوبية».
المهندس الزعبي يؤكد على عدم تفعيل المكتب المستحدث العام الماضي على ارض الواقع حتى يومنا هذا.
ويوضح المراقب العام في بلدية الشونة الوسطى برهان العدوان «ان مجلس الخدمات المشتركة عندما كان قائما بأعمالة في لواء الشونة الجنوبية خدم جميع الطرق خارج حدود البلدية منها طريق الزاره وشارع البحر الميت وموقع المغطس».
ويشير العداون إلى ان: «المجلس قدم خدماته لكافة مناطق لواء الشونة الجنوبية الواقعة خارج التنظيم، ومن ذلك تنظيم حملات لمكافحة الذباب والكلاب الضآلة وإدارة المحطة التحويلية التي تقوم بإدارتها الآن بلدية الشونة الوسطى».
ويؤكد العدوان»أن الحل لتوفير خدمات نظافة الشوارع وجوانب الطرقات خارج حدود البلدية يكمن بإعادة تفعيل دور مجلس الخدمات المشتركة في لواء الشونة الجنوبية».
ويشير العدوان لتجاوزات بيئية خطيرة تتمثل بقيام أصحاب صهاريج النضح الخاصة بتفريغ حمولة الصهاريج في مكب الشونة الجنوبية المغلق منذ العام الماضي بجانب موقع المغطس، لتوفير مصاريف المحروقات واختصار الوقت والمسافة».
ويؤكد العدوان «على أن سيارات تابعة للأمن العام ومستشفى الشونة الجنوبية تتخلص من النفايات في «وادي كتار» بجانب شركة الأيادي الخضراء لزراعة الاعشاب الطبية ما دفع المصنع لتقديم شكاوى حول هذه التجاوزات للبلدية.
ويطالب العدوان بفتح مكب نفايات في لواء الشونة الجنوبية للنفايات السائلة كون المكب الحالي في دير علا يبعد حوال 25 كم، ما يرفع من نفقات المحروقات والوقت والجهد للبلدية والسيارات الخاصة التي تخدم الفنادق والمطاعم. ويدعو العدوان الى زيادة الرقابة من الشرطة البيئية على مثل هذه المخالفات التي تسبب تلوث ومخالفات بيئية خطيرة».
رئيس لجنة بلدية سويمة المهندس موسى الحويرات يقول «أن بلدية سويمة مسؤولة عن منطقة سويمة وحي السراهدة فقط».
ويشير الحويرات إلى أن «البلدية لديها 27 عاملا وقلابان ولودر وثلاث ضاغطات نفايات، علما ان منطقة سويمة لا تحتاج إلا الى ضاغطة واحدة».
ويؤكد الحويرات بأن «البلدية كانت تجمع النفايات لفنادق البحر الميت بعطاءات سنوية قدرها مئة ألف دينار، لكن حاليا تعاقدت مع شركات خاصة تلقي بالنفايات بمناطق غير مؤهلة».
ويتابع «قبل عام خاطبنا وزارة البلديات ووزارة البيئة والحاكم الإداري للمنطقة واخبرناهم بوجود مخالفات بيئية من قبل سيارات نقل خاصة تلقي نفايات بمناطق غير مخصصة لذلك ولم تتخذ اي اجراءات بهذا الموضوع».
ويقول الحويرات إن» البلدية قادرة ومستعدة بكوادرها والمعدات والآليات الموجودة لديها بأن تقوم بتنظيف جميع الطرق المؤدية لمنطقة البحر الميت والمغطس في حال أوكل إليها ذلك رسمياً، وبخاصة وأن جمع النفايات للفنادق السياحية سيدعم خزينة البلدية، ويعود بمردود مالي يقدر بحوالي 250 الف دينار سنويا بالاضافة لتوفير فرص عمل لأهالي المنطقة».
سياحة تعاني نقص النظافة
يعاني كايد شكري السلايطه صاحب مطعم سياحي في منطقة المغطس منذ سبع سنوات من النفايات المتراكمة أمام المطعم، والتي تشكل مكرهه صحية، ومنظرا غير حضاري امام السياح والمرتادين.
ويقول السلايطة «راجعت لمرات عديدة البلديات المتواجدة في المنطقة منها بلدية سويمة والشونة الجنوبية الوسطى كونها البلديات المسؤولة عن منح التراخيص والمهن وجمع النفايات في المنطقة، لكنهم اخبروني: بأن منطقة المغطس هي خارج حدود البلديات وليس من ضمن اختصاصهم».
ويوضح السلايطه «اقوم بجمع نفايات المطعم والنفايات المتواجدة على مدخل الشارع المؤدي للمطعم على حسابي الخاص، وتعاقدت مع بلدية سويمة موخرا من أجل جمع حاويات القمامة امام المطعم مقابل مئة دينار شهريا».
عبدالله موسى صاحب مزرعة في منطقة المغطس يقول «ان الشارع المؤدي لمزرعتي في منطقة المغطس عبارة عن مكب للنفايات وتجمع ( جيف ) الحيوانات النافقة، لذلك ليس من الصعب تخيل ما يعنيه ذلك من انتشار دائم للروائح الكريهة والحشرات وتجمع الحيوانات الضآلة امام المزرعة.
ويؤكد موسى «عمال مزرعتي هم من يقومون بتنظيف مدخل الشارع المؤدي للمزرعة، ويعملون على جمع القمامة والنفايات وارسالها بسيارة نقل اجرة إلى مكب نفايات الشونة الجنوبية والذي يعد بدوره مكرهه صحية اخرى للمنطقة».
ويتابع «منطقة المغطس تخلو من حاوية واحدة سواء امام منزل او مزرعة أو مطعم لغياب جهة معنية بالنظافة وجمع النفايات».
ويضيف «قمت بزيارة عدة بلديات منها بلدية الشونة الجنوبية الوسطى وبلدية سويمة كونها المسؤولة عن المنطقة، لكنهم اخبروني بأن منطقة المغطس خارج حدود البلديات وليس من تخصصهم».
«الأشغال» و«الأمانة»
خارج المسؤولية
مدير مشروع صيانة طريق ناعور والبحر الميت التابع لوزارة الاشغال العامة المهندس منذر مصاروه يقول «نحن غير معنيين بتنظيف النفايات المتبقية تحت الاشجار على طريق المغطس والبحر الميت».
ويقر مصاروة بأن «مسألة نظافة طريق المغطس هي قضية شائكة وتداخل في الصلاحيات بين وزارة الأشغال وأمانة عمان الكبرى وسلطة وادي الاردن».
ويؤكد «نحن معنيون حسب العطاء رقم 18/ 2009 بتنظيف الشوارع والجزيرة الوسطية والسطح الاسفلتي ومتابعة الحوادث التي تقع على الطريق، وازالة اي عائق او مخلفات وتنظيف السطح الأسمنتي والاكتاف والرصيف على الطريق العام من ناعور إلى البحر الميت».
ويرى «أن حل مشكلة النفايات التي تكون على جوانب الطريق وتحت الاشجار والتي شكلت منظرا غير لائق للمنطقة، يكون بتفعيل دور الشرطة البيئية وايجاد جهة معنية تقوم بتنظيف وجمع النفايات في المنطقة».
ويتابع «نحن بحاجة لحملة وطنية لتوعية وارشاد المواطنين المتنزهين في العطل وفصل الربيع والذين يلقون مخلفات رحلتهم تحت الاشجار وعلى الشوارع والتي تعتمد على ثقافة المواطن».
من جهته يقول مدير شاطىء عمان السياحي ومدير عمليات الضبط العشوائي والازالة في امانة عمان الكبرى المهندس احمد العبيني «نحن معنيون بنظافة الشارع الرئيسي للبحر الميت حتى المياه الساخنة بمسافة تبلغ 17 كم، ولا يشمل ذلك موقع المغطس والطرق المؤدية اليه».
ويؤكد العبيني «قامت الكوادر التابعة لشاطئ عمان السياحي في البحر الميت وعددها 35 عاملا بتنظيف طريق المغطس اكثر من مرة، بالرغم من ان ذلك ليس من ضمن عملنا لكن نقوم بذلك من أجل قداسة الموقع وأهميتة الدينية والسياحية في المنطقة».
ويذكر انه «قبل فترة نفق جمل على طريق البحر الميت ولم نستطيع نقله من مكانه بعد أن تحول لمشهد منفر تفوح منه الرائحة الكريهة على الطريق السياحي والمؤدي الى العديد من الفنادق وقصر المؤتمرات فاضطررنا لاحضار جرافة من امانة عمان الكبرى لإزالته عن الطريق».
ويشير العبيني إلى أن «حل مشكلة نظافة طريق المغطس وجمع النفايات الموجوده تحت الاشجار والمنطقة ككل، يكمن بالتكاتف والاتفاق بين امانة عمان الكبرى ووزارة الاشغال العامة وشركة تطوير منطقة البحر الميت التنموية».
المدير العام لشركة تطوير المناطق التنموية الاردنية (شركة تطوير البحر الميت سابقاً ) الدكتور طه الزبون يقول إن «الطرق النافذة هي خارج نطاق عمل شركة تطوير المناطق التنموية الاردنية، وهي ضمن نطاق عمل جهات اخرى وطريق المغطس يقع خارج حدود المنطقة التنموية بالتالي وليس من ضمن مهام الشركة».
و يؤكد الزبون بأن «الشركة تقوم حالياً بالتنسيق مع هيئة المناطق التنموية والحرة لوضع آلية واضحة واستراتيجية لتنظيم عملية جمع ونقل النفايات الصلبة داخل المنطقة التنموية، وسيكون ذلك بأحد خيارين أما ان تقوم الشركة بتأسيس وحدة تختص بهذا العمل او سيتم الاتفاق مع شركة خارجية متخصصة».
ويضيف «كما وتقوم الشركة حاليا باعداد تصاميم تفصيلية لتنفيذ متنزة عام وعند تنفيذه سيساهم في التخفيف من هذه الظاهرة حيث سيوفر مناطق مؤهلة للمتنزهين في المنطقة».
ويوضح بأن «الشركة تأسست في عام 2009 كمطور رئيسي لمنطقة البحر الميت التنموية، وهي شركة مملوكة بالكامل للحكومة، وتبلغ مساحة المنطقة التنموية 40 كم مربعا تقريباً،تبدأ حدود المنطقة التنموية 2.5 كم الى الجنوب من تقاطع المغطس من الجهة الشرقية من الطريق و4.5 كم من الجهة الغربية من الطريق تقريبا».
السؤال الذي بقي دون اجابة، ألا توجد جهة معنية حكومية أو خاصة تتولى نظافة الطرق، وما تراكم على جوانبها من نفايات والمؤدية لأهم المناطق السياحية في الأردن ويزورها العديد من السياح من مختلف أنحاء العالم؟!
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سمير محمود ابوزيد
المفضلات