فقه التعايش بين الحضارات
توسيع مجالات التعاون رغم الاختلاف الفكري
يرى الفكر الإسلامي أن التعاون بين الخلق جميعاً مرحب به حتى ولو اختلفت المعتقدات عن أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الخلق عيال الله فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله . مسند أبي يعلى وإذا كان الفكر العلماني يهدف إلى مصلحة الدنيا كما يدعو زعماء الفكر الإنساني، فإن الدين في حقيقته يهدف إلى مصلحة الدنيا والآخرة معاً. وإذا كانت الدولة القُطرية تهدف إلى مصلحتها الخاصة، وإلى علوها وهيمنتها وفرض أنموذجها، فإن القيم الدينية تهدف إلى مصلحة الناس كافة؛ لأن الله هو رب الناس ملك الناس إله الناس كل الناس. ومن هنا يمكن القول أن الدين الحق من الناحية النظرية قادر على أن يستوعب الدعوات الإصلاحية الإنسانية ثم يرتقي بها لإصلاح مجالات أوسع وهذا ما ينفي فكرة قبول الأسلام لصراع الحضارات.
ومن مجالات التعاون التي يمكن أن تلتقي فيها جهود المسلمين والمسيحيين، وأهل الأديان عموما، المحافظة على القيم الإنسانية التي نادت بها الديانات السماوية كقيمة نصرة الضعيف واحترام الكبير. وحفظ حق الإنسان في التعبير عن رأيه وأن لا يمنع من حقوق طبيعية إلا بعد موافقة من موظف إداري.
فإذا كانت المواثيق الدولية تسعى للمساواة بين حق الضعيف والقوي وأن يتساوى الضعيف مع القوي في الاعتبار القانوني فإن الفكر الإسلامي تجاوز فكرة المساواة إلى فكرة أعظم حين نبه أن رعاية الضعيف هي سببٌ للنصرة والرزق في المجتمع كما في الحديث : حين رأى أحد الصحابة أن له فضلا على من دونه من الضعفاء فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ. رواه البخاري فهذا من التكريم الذي ارتقى فوق حقوق الإنسان في الإعلان العالمي؛ لأن الضعيف يشعر بمشكلة نفسية فهو عاجز عن العمل يعتمد على إخوانه أو أبنائه في توفير أسباب عيشه ولكن هذا الضعيف في منظار الإسلامي هو سبب رزق أهل البيت كله ، ربما تظن أنك أنت الذي تدفع من مالك لتحضر له الدواء، والحقيقة أن الله ييسر لك المال ببركته وييسر لك النصر ببركته فانظر كم هو تكريم الإسلام للإنسان.
المفضلات