مـقـالات
إليه ... مع التقدير !
للآباء وعنهم قصص... للآباء مع بناتهم مواقف وحكايات مؤثرة ومؤلمة تتضمنها رسائل ومكالمات. والمشكلة هنا أن الحلول ليست سهلة، وربما ليست متوفرة أصلاً، نظراً لخصوصية العلاقات العائلية، وبسبب أن أي اعتراض أو تدخل على سلطة الأب يعدّ تطفلاً وتجاوزاً مهيناً، وسبباً كافياً للإمعان في التعسّف.
تقول إحدى الشابات أن الوالد أجبرها على دراسة الشريعة الاسلامية ، ولم تملك حق الاعتراض، فدرست ما شاء لها هو إلى أن رغبت في إكمال دراستها العليا في تخصص آخر، وكان هذا سبباً لتقوم القيامة ولينتهي الموقف بأن قام بضربها ضرباً مبرحاً بعد الاستعانة بأخويها الشابين!
وشابة باتت على يقين بأن والدها يحول دون زواجها ، لحرصه على الاستئثار براتبها الدسم ! وأخرى أجبرت على ارتداء الحجاب ، في حين تتساءل كل يوم عن سلوك والدها وتجاوزاته الاخلاقية والمهنية التي تثير في نفسها ألف علامة استفهام حول علاقته هو بالدين !
وأخرى يحزنها كثيراً تودد والدها الفاضح لصديقاتها ، وضعفه السافر أمام الصغيرات ... دون ان تستطيع مواجهته ، أو توجيه أي لوم أو نقض لشخصه الكريم .
وماذا بعد، الحكايات كثيرة ومحزنة، وكما نلتفت إلى ما تعانيه الشابات مع آبائهن عموماً، وقلة منهن من تجرؤ على الشكوى أو التذمر أو تلتقي بالشخص المناسب للنصح والإرشاد والاحتواء، وتبقى الطامة الكبرى حين تتعثر بالشخص الذي يتخذ من معاناتها فرصة الاصطياد في المياه العكرة!
ولنواجه الحقائق كما هي، لنطرح التساؤل الأهم: ترى، أي جرح وأي شرخ في شخصية الفتاة تتركه شخصية الأب المتسلط المتصلب، أو الهامشي السلبي، أو مدمن الكحول، أو المتطرف دينياً. أو ذلك الذي خاض في شبابه تجارب عابثة حولت نظرته إلى المرأة إلى موقف ثابت من الشك والريبة وتوقع الأسوأ منها دائماً!
الأب القاسي البارد عاطفياً يقود الفتاة بالضرورة لاختيار شريك تفترض فيه كل التعويض... ومن هنا قد تبدأ مأساة جديدة في ارتباط غير موفق يفتح باباً واسعاً على عذاب متصل لا ينتهي سوى بالطلاق، وهو خيار ليس بالمتاح المباح دائماً، أو قد تستمر في حياتها بصمت وصبر ينتهيان بها عادة إلى القبر!
ونتساءل من جديد: إلى أي حد يعرف الآباء حجم الموقع الذي يحتلونه في تكوين شخصية الفتاة ومستقبلها ورؤيتها للحياة، وموقفها عن الرجال عموماً بقية عمرها !
لنعد ونذكر ، بأنك عزيزي الأب شئت أم أبيت ، تشكل صورة ونموذج الرجل الأول في حياة ابنتك بمعنى أنك تحدد مسيرتها العاطفية والوجدانية اللاحقة بقية عمرها ، والحياة والأبوة تحملانك المسؤولية كاملة عن معظم المآسي والعثرات التي يمكن أن تصادفها هذه المخلوقة البريئة .
وأخيراً وفي حين كتب الكثير عن دور الأم إلى درجة الإملال ، أما حان الوقت لنضيء بشكل جاد على دور الأب الذي يوازي دور الأم في خطورته إن لم يفقها !
د. لانا مامكغ
المفضلات