شباب في أم صيحون يسكنون الكهوف لعدم توفر الأراضي
شباب في أم صيحون يسكنون الكهوف لعدم توفر الأراضي
البترا - زياد الطويسي - دفع أمر قلة الأراضي في أم صيحون التي كانت الحكومة قد رحّلت سكان المغر البترا الأثرية لها في ثمانينيات القرن الماضي وتوزيع وحدات سكانية عليهم، شبابا من المنطقة إلى العودة للعيش في المغر مجددا.
ورغم تعارض هذا الأمر مع تعليمات التراث العالمي والأنظمة، إلا أن مغرا كثيرة في البترا تم إعادة تأهيلها من قبل بعض الشبان، واتخاذها كمساكن لهم، بحجة الازدحام السكاني وعدم توفر الأراضي في أم صيحون، التي تعد من المناطق غير القابلة للتوسع.
ويطالب سكان أم صيحون من عشائر البدول الحكومة، بضرورة إعطائهم أراض كان جلالة الملك قد أوعز بتوزيعها عليهم خلال زيارته للمنطقة (عام 2000)، ولم يتم توزيعها حتى الآن.
وقامت «الرأي» أمس بجولة على عدد من هذه المغر التي تنتشر في المنطقة الأثرية، في رحلة رافقها تسلق الجبال أحيانا، واستعمال منحدرات حادة أحيان أخرى.
كاسب البدول، أحد الشباب في ام صيحون قام بإعادة تأهيل مغارة أثرية واتخاذها كمنزل له، نتيجة عدم وجود مساحة للعيش في منزل والده على حد قوله.
ويقول كاسب « يبلغ عددنا في المنزل المكون من غرفتين (14 فردا)، ولا يوجد لنا أراض تمكننا من البناء والتوسع، لذا قررت اللجوء إلى العيش في هذه المغارة «.
ويمارس كاسب حياته اليومية بشكل اعتيادي في المغارة، رغم علمه بعدم قانونية ما يقوم حيث يعد من الشباب المطلوبين للجهات الأمنية، غير أنه ربط أمر إخلائه للمغارة بتوزيع أراض على السكان لتمكينهم من التوسع والخروج من حالة الاكتظاظ التي تعيشها المنطقة.
حال كاسب هو حال عشرات الشباب والأسر الذين يقطنون مغر البترا وفقا لقاسم البدول أحد سكان أم صيحون، فيما قام عدد آخر من الشباب في الآونة الأخيرة بتهيئة مغر للسكن فيها.
ويعتبر قاسم، ان بقاء واقع الحال في أم صيحون، من اكتظاظ سكاني وضعف للبنية التحتية والخدمات وعدم توفر أراض للتوسع، أمر سيسهم بتوسيع هذه الظاهرة التي لا تتلاءم مع مكانة البترا العالمية.
ويقدر قاسم الذي يعد أحد العاملين بالسياحة في البترا، أعداد الشباب الذين يقطنون المغر بـ (85 شابا)، مطالبا الحكومة بتوزيع الأراضي التي كان جلالة الملك قد أوعز بتوزيعها عليهم، أو إعطائهم أراضٍ للتوسع داخل أو خارج منطقة أم صيحون.
وكان أهالي أم صيحون قد نفذوا احتجاجا ليل أمس الأول، نصبوا خلاله خيما بالقرب من موقع المحكمة الأثري، وقاموا بإزالتها بعد اجتماع جمعهم بنائب رئيس إقليم البترا ومدير شرطة اللواء.
ويؤكد نائب رئيس إقليم البترا مفوض شؤون المحمية الأثرية الدكتور عماد حجازين، أنه تم الاجتماع بممثلين عن أهالي المنطقة لبحث مطلبهم، وانه تم تشكيل لجنة ضمت، ممثلين عن الأهالي ومحمية البترا الأثرية والشرطة، للتوصل إلى حلول مثلى وبحث مطالب السكان.
وأشار حجازين، أنه تم مطالبة الأهالي بإخلاء المغر التي يقطنوها في البترا، ليكونوا شركاء أساسيين مع الجهات المسؤولة بالتوصل إلى الحلول الملائمة لمطالبهم. واوضح حجازين أن إقليم البترا على إطلاع بكافة الذين يقطنون المغر الأثرية، حيث تم الكتابة بهم إلى الجهات المعنية لمطالبتهم بالإخلاء كون ما يقومون به يتعارض مع الأنظمة والقوانين.
ويعتبر مفوض شؤون التنمية المحلية في إقليم البترا الدكتور محمد الفرجات، أن قضية الإسكان وعدم توفر الأراضي هي قديمة جديدة في أم صيحون، التي كانت الحكومة قد رحلت سكان مغر البترا لها في الثمانينيات، وتوزيع وحدات سكنية عليهم في المنطقة التي كانت واجهة عشائرية لإحدى عشائر وادي موسى.
واوضح الفرجات، أن سبب بروز هذه المشكلة جاء نتيجة زيادة أعداد سكان أم صيحون الذي بات الآن يراوح قرابة (2500 نسمة)، في منطقة محصورة وحساسة لا تسمح بالتوسع العمودي أو الأفقي وتقع على حدود محمية البترا الأثرية.
وأكد الفرجات، ان المخطط الشمولي لمناطق البترا قد وضع حلولا لمستقبل أم صيحون وحلولا فنية قابلة للتنفيذ إذا تم الأخذ بها، معتبرا أنه بإمكان السكان المقتدرين أيضا اللجوء إلى خيار شراء الأراضي كغيرهم من المواطنين.
وقال الفرجات « ان سلطة الاقليم ستنظر إلى مطلبهم ضمن أعلى ما يسمح به القانون، وستعمل إلى إيصال صوتهم إلى الجهات المعنية، من أجل حل قضيتهم، بما يسهم بالحفاظ على الموقع الأثري في البترا، الذي يعد المحرك الاقتصادي السياحي في المملكة «.
ويحذر مهتمون بالشأن السياحي والمحلي في البترا، أن بقاء قضية أم صيحون عالقة دون التوصل إلى حلول مثلى لمشكلات الإسكان فيها، أمر من شأنه إعاقة عملية التنمية السياحية وتهديد الإرث العربي التاريخي في المدينة الأثرية.
المفضلات