على بُعد أيّام قليلة من موعد الانتفاضة الفلسطينية الثالثة المقرّرة تبعا لما أجمع عليه مئات الآلاف من الفلسطينيين والعرب والمسلمين، انطلاقا من يوم الخامس عشر من شهر ماي 2011 ـ في ذكرى احتلال الأراضي الفلسطينية ـ تغرق وسائل الإعلام في بلاد العرب والمسلمين في نقل أخبار الثورات والاحتجاجات العربية المندلعة هنا وهناك، ولا نسمع الكثير من الكلام ولا نقرأ الكثير من المقالات حول ثورة فلسطين المنتظرة والمأمولة، وكأن القدس وما حولها صارت خارج دائرة اهتمامات الأمّة الإسلامية وأصبحت قضية لا تعني العرب·
وحين تركّز قنوات إخبارية عربية مثل "الجزيرة"، على ثورات وتقصي أخرى وكأن دماء السوريين والليبيين دماء ودماء البحرينيين ماء، وحين تركّز قنوات إيرانية أو مقرّبة من إيران على ثورة البحرينيين أكثر من سواها وكأن دماء البحرينيين أغلى من دماء السوريين، قد نجد للأمر تفسيرا يتعلّق بسياسة تحرير كلّ قناة ومصالح أصحابها وارتباطاتهم بنظامهم وأنظمة صديقة· فالنّظام القطري يشعر بأن نظام البحرين شقيقا له، ولا يصحّ للشقيق أن يطعن شقيقه إعلاميا، لذلك تكاد تغيب الثورة البحرينية من شاشة القناة الإخبارية الأولى في الوطن العربي·· والنّظام الإيراني يشعر بأنه مطالب بالدفاع عن الشيعة في أيّ مكان، لذلك فقناة "العالم" الإيرانية مثلا ترفض بشدّة ممارسة النّظام البحريني في حقّ الشيعة المحتجّين·
لكن كيف نفسّر تغييب الثورة الفلسطينية المنتظرة والمأمولة من شاشات بعض القنوات العربية، وفي مقدّمتها قناة "الجزيرة" التي حازت على شعبية كبيرة بفضل دعمها لخطّ المقاومة قبل سنوات، قبل أن تصبح مثيرة للشبهات؟ لقد فقدت "الجزيرة" جزءا هامّا من شعبيتها عربيا وإسلاميا وبدأ بريقها يخفت وأضاعت بعض مصداقيتها وخسرت عددا من أبرز نجومها، وآن لها أن تغتسل من من ذنوب وخطايا قلّة مهنيتها وسوء تغطيتها للعديد من الأحداث في العديد من البلدان العربية بشهادة عدد من كوادرها المستقيلين·
وفي رأينا المتواضع لن تجد القناة القطرية "غسلا إعلاميا" أفضل من دعم الثورة الفلسطينية وشحذ همم المسلمين والعرب للمشاركة فيها، وإذا قامت "الجزيرة" بذلك فسيسامحها مشاهدوها على ما تقدّم من ذنوبها وما تأخّر·
الشيخ بن خليفة
.
المفضلات