د.أيوب أبودية - دأبت اليونسكو في السنوات العشر الأخيرة على الاحتفال في الخامس عشر من شهر نوفمبر – تشرين الثاني من كل عام بيوم الفلسفة العالمي، وكان شعار احتفالات هذا العام «الأجيال القادمة»، فما هي مسؤولياتنا البيئية تجاه الأجيال القادمة كما تراها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة؟
تتمثل مسؤولياتنا أمام الأجيال القادمة بالعمل على استدامة التنمية والاستقرار المجتمعي والموارد الطبيعية كالماء والثروات الطبيعية والبيئة الطبيعية الحية الموجودة في الغلاف الحيوي للأرض.
ففي الأردن، على سبيل المثال، استنزفنا المياه الصالحة للشرب وأفرطنا في ضخ المياه من الآبار الجوفية فأصبحت مياهاً مالحة، كما انتظرنا طويلاً فيما كانت أكثر من نصف مياه الشرب بكثير تتسرب من الأنابيب تحت الأرض وأكثر من ثلثي مياهنا تذهب للزراعة المكشوفة!
ماذا سوف تقول الأجيال القادمة عنا، وبخاصة عندما يتضح لها أن الكثير من مياهنا قد استخدمناها في زراعة الموز، فيما كنا نستورده في الوقت ذاته من الصومال بأسعار متقاربة؟ وماذا سيقولون عن خططنا الزراعية وعن البندورة التي كنا نزرعها ونرويها بالمياه ثم نطعمها للحيوانات أو نلقيها أمام مصانع رب البندورة عندما تتدنى أسعارها؟
وفضلاً عن ضرورة تقنين استهلاكنا للمياه وزيادة أعداد السدود والحفائر الترابية لرفد المياه الجوفية بمياه الأمطار، كما يفعل سد الموجب، على سبيل المثال، فإنه من واجبنا توريث بيئة نظيفة للأجيال القادمة أيضاً! فهل يحق لنا تلويث الطبيعة لأن الوقود التقليدي من الفحم الحجري والديزل أقل تكلفة من مصادر الطاقة ألاقل تلويثاً؟
إن ضرر غازات الانحباس الحراري يستمر بعضها لمئات السنين، أما الإشعاعات الناجمة عن المشاريع النووية فضررها يمتد من عشرات السنين إلى ملايين السنين. لذا نطالب الأمم المتحدة بفرض ضريبة تلويث إضافية هي «الضريبة الأخلاقية» التي تستحق عند عدم الألتزام بحقوق الأجيال القادمة في بيئة نظيفة نتيجة استخدام مصادر الطاقة الملوثة أو المشعة.
فإذا كان العلم بأطيافه وتفرعاته كافة هو العربة التي تمثل الإنسانية في تقدمها صوب المستقبل، في اتجاه صيانة حقوق الأجيال القادمة ومصالحها، فإن الفكر البشري والأخلاق الإنسانية هي في مجموعها ينبغي أن تشكل الحصان الذي يمكنه أن يقود عربة الإنسانية ويُوجهها إلى مستقبل مشرق لما فيه مصلحة الإنسانية جمعاء!
وإذا كانت الدول المتقدمة في العقود الأخيرة باتت تتجه صوب التخصص في إدارة المشكلات البيئية، فهل يصح أن نفكر في الأردن بدمج وزارة البيئة مع وزارة البلديات ودمج هيئة تنظيم العمل الإشعاعي والنووي مع هيئة تنظيم قطاع الكهرباء بدلاً من أن نعطيهما مزيداً من الاستقلالية لمراقبة التعديات على البيئة التي هي دين في أعناقنا جميعاً حفاظاً على حقوق الأجيال القادمة وحماية للأردن من التدهور البيئي الذي يكلفنا نحو 3% من مجمل الانتاج القومي، أي أكثر من 600 مليون دينار سنويا، وذلك حسب دراسات منظمة الصحة العالمية ؟
المفضلات