حين تسقط الأيام من بين اصابعنا كحبات القمح
ذكريات السنة الراحلة.. هل نحملها للعام الجديد؟
قطار الحياة
من المؤكد ان ثمة أشياء يمكن أن ترمم أرواحنا كما يقول صائب نعمان
موظف. فقطار الحياة لا يمكن ان يتوقف عن راحل مضى والا عند دمعة تبعته.
ومن المهم ان ندرك فداحة حصادنا من الخسائر بوعي قبل ان نفقد ما تبقى منا.
ويضيف: لقد تعرضت خلال العام الحالي 2011 لتجربة عاطفية أربكتني
وجعلتني أترنح بين اليأس وبين الاستمرار فقد تخيلت ان الفتاة التي وقعت عيني
عليها ذات مساء بمثابة الحلم الذي لن يتكرر ابدا. منحتها كل اهتمامي وكل عقلي
وكل تفكيري. أظهرت لي قوتها واصرارها على الزواج رغم معرفتها بظروفي.
ِخف عليها شيئا ولا أمرا من أحوالي. طرحت لها قدراتي وإمكانياتي المادية.
ُقلت لها أنا موظف. راتبي محدود ولكن طموحي كبير. كنت أراها كل يوم واتجاوز
مواضع الخلاف بيننا. تحملت معها ما لم اتخيل نفسي تحتمله.
وماذا أيضا... وما ان اقترب موعد الزفاف حتى اخذت تختلق مبررات
للهروب مني وبما يوحي للتخلص من علاقتها معي. صارت امرأة مختلفة بمتاعب لا
ّحد لها. واخيرا، قالتها بصراحة: لن استمر معك. بيننا اختالفات جوهرية. هكذا ،
ألقت على قلبي » قنبلة » االانفصال. ووافقتها رغم اأنفي.
فراغ
ويقول سنان عبد اللطيغ : الفراغ العاطفي دافع كبير للدخول في علاقات عاطفيه غير مدروسه
فبمجرد اأن تجد الفتاة رجل يظهر لها الاعجاب ويدعي أنه
يحبها تنساق وراء مشاعرها دون أن تنتبه اإلى مكر ذلك الرجل وادعاءاته الكاذبة.
ولكن عندما تكتشف زيف مشاعره تنهار تماما وتتمنى اأن تجهظ كل االأوقات التي
قضتها معه بحلوها ومرها..وعن نفسها قالت: »مررت بتجربة عاطفية مريرة.
ّ
لم أكن أتوقع يوما أن يخذلني الشخص الذي راهنت على أخلاقه ومحبته، فرغم
اقتناعي أنه لم يعد يستحق حبي وانفصالنا عن بعض منذ فترة طويلة مازلت
أتذكر تلك التجربة بأدق تفاصيلها..
بعض التجارب العاطفية الفاشلة قد تنتهي في الزمان لكن آلمها تظل تلاحق
أصحابها ممن يعتبرون أنفسهم قد أحبوا بصدق وكانوا أوفياء الى أبعد الحدود
وبمجرد أن يتخلى عنهم اأحباوؤهم يعتبرون اأن الحياة قد توقفت فيدخلون في
دوامات نفسية وصراعات داخلية قد ينجو البعض منها وقد يكون مصير البعض
الآخر مجهولا..!
واضاف: بعض النساء تقول: أرفض أن اصدق أن الرجل الذي لم يتوقف
قلبي عن حبه تلاعب بمشاعري، خدعني وأوهمني بالحب ثم هجرني دون سبب
ودون تفسير يذكر ويشفي الغليل، لقد دخل حياتي فجأة وسعى اإلى لفت اهتمامي
بشخصيته ولباقته وتلقائيته وحنانه - يصعب علي أن أحصر كل القيم التي شعرت
أنها تتوفر لدى ذاك الرجل – حتى جعلني أتعلق به كثيرا ثم انسحب في سكون
ليتركني أتجرع الحزن واتنفض في صمت وأعيش على ذكريات رغم حلاوتها كاذبة
ورغم نشوتها قاتلة.. تجعلني في كثير من الأحيان أكاد أفقد صواب.
حلم ضائع
وتقول نهاد صبري: لا تخلو الحياة من احزان بسبب فقد أحدنا لعزيز او مال
او حلم تبخر. فقد كنت اأتمنى دراسة الطب في الاردن. ورتبت اموري على دراسه
الطب. وسألت من يسبقني الى المهنة الانسانية كي اتشرب حب الطب مبكرا.
ُ وثابرت في الدراسة. حتى انتهيت من امتحان الثانوية العامة. وانتظرت
القبول كما حلمت. لكن فرق علامتين حال دون تحقيق امنيتي. وصار المطلوب
اختيار تخصص آخر او الدراسة خارج االردن. لا يمكن الأحد اأن يدرك مقدار االألم
الذي شعرت به جراء ما حدث.
وللاسف وبسبب ظروفي الجتماعية تنازلت عن حلمي ودرست في الاردن
تخصص آخر.
كيف نتخلص من الذكريات المؤلمة؟
يقول الدكتور حسين الخزاعي الاستاذ علم الاجتماع: ما من شخص الا وله
ذكريات منها المؤلم الذي لا يحب تذكره ومنها الجميل الذي يعشق تذكره دائما.
ومن الذكريات المؤلمة منها »المفجع« الذي إن جاء على الخاطر ترك أثرا لا
يمحوه غير النسيان، والسؤال الأهم الذي يراود الكثيرين: مع وجود هذه الذكريات
كيف يتخلص منها االإنسان، خاصة وأن أثرها يبدو صاخصبا في حياة المرء، ويكاد
يعكر عليه صفو الحياة وحلوها.. أن مجرد تذكر الحوادث المؤلمة في الحياة، سبب
كفيل للقضاء على حلو هذه الحياة، فضلا عن معايشة المنغصات اليومية الرتيبة.
اراء
وحول ذلك يقوم أساتذة الطب والمتخصصون في تدريب بعض مرضاهم
على تذكر الأيام الحلوة في حياتهم وتتبع هذه الذكريات عبر العقل الباطن، كما
يقومون بتدريبهم على تذكر الأشخاص الذين يجمعهم بها ذكريات »ممتعة«،
حتى يتم محاصرة كل الذكريات »السيئة« والتي من شأنها تنغيص حياة
االإنسان
يقول الفيلسوف الفرنسي »رينيه ديكارت« ساخرا من أخطاء الإنسان التي
تسبب له الذكريات »المملة« و«المؤلمة« في حياته: »لماذا يرتكب المرء الأخطاء
ذاتها التي يرتكبها مرارا وتكرارا رغم اأنه يستطيع ارتكاب غيرها«، يقول: »من
لا يتذكر الماضي سيكرره بالتأكيد«، بالطبع بكل ما يحمل هذا الماضي من مآس
ومصاعب..
وحتى يمكن معالجة ذلك ينصح المتخصصون بتعزيز الثقة بالنفس حتى
يمكن التغلب على كل الماضي والصعاب التي يمر بها االإنسان ولا ترضيه،
وبالتالي يكون لذلك فرصة يتحرر فيها المرء من أنماط حياتية تكاد تقضي
عليه إن لم يقوم بتدريب نفسه على التخلص من تلك الذكريات المؤلمة وكما
يقول منذر صعبان : علينا التعامل مع احزاننا تماما كما نتعامل مع اوراق »
الروزنامة«، كل يوم وبمجرد ان ينتهي ، نقلب الصفحة وننظر فيما يليها.
المفضلات