سهير بشناق - لا يزال بعض المعلمين يستخدمون الفاظا غير مناسبة داخل غرفة الصف اتجاه الطلاب الذين يصفونهم بالمشاغبن، معتبرين ان التعامل السليم مع هؤلاء الطلاب لا يكون الا من خلال التلفظ بالفاظ مؤذية للطلاب كافة وليس للمشاغبين فحسب لأن سماع مثل هذه الكلمات تترك اثارا سلبية على جميع الطلاب .
الطالب المشاغب وصف متداول بين المعلميين بالرغم من انه ليس منصفا بحق الطالب ، فالمشاغب داخل الغرفة الصفية وبتفسير المعلم هو كثير الحركة والطالب الذي ينشغل عن المعلم بالحديث مع زملائه محاولا تشتيت تركيزهم اثناء شرح الدرس ، اضافة الى من لا يستجيب للمعلم بالالتزام بالهدوء وتعلم احترام وقت الحصة الصفية التي عادة ما تكون مخصصة لتقديم معلومات منهجية جديدة للطلاب وتنفيذ اوراق العمل المرتبطة بالمنهاج .
لا يوجد طالب مشاغب بالفطرة
الا ان الاخصائيين التربويين يؤكدون على انه لا يوجد طالب مشاغب بالفطرة هناك طلاب كثيرو الحركة وقد يعانون من سلوكيات تتصف بفرط الحركة ، بحيث لا يستطيعون الجلوس في مكان واحد لفترة قصيرة وهم بحاجة لتلقي العلاج والمتابعة بناء على توصيات الطبيب المشرف .
الا انه رغم ذلك فان بعض المعلمين لا يحاولون تفهم الاسباب التي تقف وراء وجود طلاب كثيري الحركة او طلاب مشاغبين وبين الاخرين الذين يلتزمون بالهدوء اثناء قيام المعلم بشرح الدرس فيوجهون الفاظا تعبر عن غضبهم وعدم قدرتهم على ضبطهم .
الحركة داخل الصف
ام عمر – ام لطفل يبلغ من العمر 7 اعوام – بالصف الثاني ابتدائي – تقول : «معلمته في الصف دائمة الشكوى والتذمر من سلوكياته التي تتصف بالحركة داخل الصف الى جانب رغبته الدائمة بالحديث مع زملائه، وعدم الالتزام بالوقت المخصص للانتباه لما تقوم المعلمة به من تقديم معلومات جديدة «.
واضافت :» في كل يوم يعود عمر الى البيت ينقل لي ما قالته المعلمة له من اوصاف عديدة منها ، انه طالب مشاغب ولا يحترم الاخرين ، الى جانب اخراجه من الصف لفترة عقابا له على سلوكياته» .
واشارت الى انها عبرت عن استيائها من سلوكيات المعلمة اتجاه ابنها محاولة شرح الاسباب التي تجعل من طفلها مشاغبا كونه طفلا وحيدا ووالده يعمل خارج الاردن وهي تتولى مسؤولية تربيته بمفردها فيشعر بالوحدة رغم محاولاتها لقضاء وقت كاف معه .
واكدت ام عمر ان عدم تفهم المعلمة لوضعه والاصرار على معاملته بهذه الطريقة كان سببا في زيادة سلوكياته التي تسبب ازعاجا للمعلمة لانه لا يجد منها تفهما ولا تحاول ان تساعده ،
وتجربة ام عمر ليست الوحيدة ولن تكون الاخيرة فهناك طلاب كثيرون يتم وصفهم بالمشاغبين ليس بسبب ضعف في شخصياتهم بقدر ما هو عدم قدرة المعلم على تعديل سلوك الطالب الى الافضل ومساعدة اسرته على التعرف على نقاط ضعفه وعلاجها بطريقة ايجابية .
تفاوت الأطفال في سلوكياتهم
وترى اخصائية تربية طفل سارة مقدادي ان الاطفال يتفاوتون بسلوكياتهم فهناك اطفالا هادئون بطبعهم واطفال اخرون يميلون الى الحركة النشطة والميل الى اللعب المستمر وعدم رغبتهم بالالتزام بتوجيهات الاخرين .
واضافت : ان الطفل السوي هو الطفل الذي يميل الى اللعب والحركة بحدودها الطبيعية والى تعلم الالتزام بالوقت واحترام الاخر بمعنى ان يميز الطفل بين اوقات اللعب والترفيه وبين اوقات الالتزام بالدراسة والنوم المبكر واحترام وجود المعلم بالصف، والاستجابة لمطالبه وهي سلوكيات تعززها بداية الاسرة في نفس ابنائها ، ثم ياتي دور المدرسة والمعلم على ان يتم ذلك بطريقة ايجابية فان كان الطالب غير قادر على الالتزام بسلوكيات سوية فان التشارك بين الاسرة والمعلم والمدرسة امر هام لتعديل سلوكه والا يبقى الطفل يعاني .
واكدت مقدادي ان الجهود التي تقوم بها اسرة الطفل لوحدها لن تكون كافية ما لم تجد تفهم وجهود ورغبة حقيقية من المعلم على مساعدة الطالب وتعديل سلوكياته لتصبح ايجابية لا تؤثر عليه وعلى زملائه .
واعتبرت ان الاستمرار على معاقبة الطالب واسماعه الفاظا غير مناسبة بحقه سوف تسهم في تمرده خاصة وان المقارنة بينه وبين الطلاب الاخرين بشكل علني امام جميع الطلاب لا بد لها من ان تشعره بالضعف فينشأ وهو مقتنع بان هناك خللا ما في شخصيته لانه مختلف عن الاخرين .
زيادة الوعي عند المعلمين
واكدت على اهمية زيادة الوعي عند المعلمين في التعامل مع الطلاب وادراكهم ان هناك اختلافا بين شخصياتهم وتمايزا بين قدراتهم ليتمكنوا من التعامل مع كل طالب تبعا لهذه الاختلافات والتمايز
لكن هناك معلمون يتعاملون مع الطلاب بسوية واحدة لا يرغبون بالتعامل مع اي طالب تكون سلوكياته سببا لازعاجهم يريدون الطلاب ان يلتزموا جمعيهم بالهدوء لانهم لا يملكون القدرة على تعديل سلوكيات بعض الطلاب الى الافضل اضافة الى ان الاسرة لها دور كبير ومسؤولية كبيرة اتجاه اطفالهم فالقاء اللوم المستمر على المعلم في ظل عدم تعاون الاهل واعترافهم بوجود مشكلة ما عند ابنائهم يسهم في استمرار المشكلة عند الطلاب .
فالمعلم بنهاية الامر ليس ابا والمعلمة ليست اما انما يحاولون ان يكونوا هكذا وهي محاولات فردية تعتمد على مدى ايمان المعلم برسالته التي لا تقف عند حدود تقديم المعلومات فحسب بل هي رسالة تصل الى سلوكيات الطالب وثقته بذاته .
فالطالب الذي لا يتعلم ان يحترم الاخرين وان يحترم المعلم وان يلتزم بالاساسيات بحياته على الاسرة والمدرسة ان تتعاون سوية لتعديل سلوكه لا ان يتم تبادل اتهامات التقصير فيما بينهم متناسين مصلحة الطالب الذي يمكنه ان لا يكون مشاغبا بل ان يتعلم ان هناك وقتا مخصصا لكل شيء .
المفضلات