توفيق بوعشرين*:
Sunday, March 06, 2011
هناك اليوم شعار يرفع في وجه تعيين وزير أول جديد يحظى بالمصداقية، ويتمتع بقوة الشخصية ووضوح الرؤية، لقيادة جيل جديد من الإصلاحات. هذا الشعار هو: احترام المنهجية الديمقراطية، وتحريم العودة إلى الوجوه التكنوقراطية، وعدم التفريط في الأحزاب الوطنية... هذا هو الحق الذي يراد به شيء آخر، حتى لا نقول الباطل. نعم احترام المنهجية الديمقراطية جزء من الممارسة السياسية السليمة، لكن من قال إن عباس الفاسي وحكومته جزء من المنهجية الديمقراطية؟
أولا: الانتخابات، التي حملت الفاسي وحكومته إلى مناصب المسؤولية، لم يشارك فيها سوى 20 % من الناخبين، فيما قاطعها 80 %. فماذا تمثل هذه الحكومة؟
ثانيا: حزب الاستقلال الذي يقود الحكومة لم يحصل سوى على 600 ألف صوت في بلاد يحق لأكثر من 18 مليون مغربي الإدلاء بأصواتهم. دعونا من الأرقام الآن، لنمر إلى السياسة... فإذا كانت حكومة الفاسي مشكلة بمقتضى المنهجية الديمقراطية، فماذا يفعل داخلها وزراء الداخلية والخارجية والأوقاف والدفاع والأمانة العامة للحكومة والعدل والتعليم... وماذا يفعل داخلها وزراء نصف حزبيين نزلوا بالمظلات في آخر ساعة، وصُبغوا بألوان حزبية إدارية، ودخلوا إلى الحكومة وصباغتهم مازالت طرية والجميع يعرف ولاءهم لمن...
دعونا من هذا كله، حكومة عباس الفاسي، التي تقول أحزابها إنها وليدة المنهجية الديمقراطية، لا تتحكم في %90 من اقتصاد المملكة، ولا علاقة لها بالجيش ولا بالأمن ولا بالمخابرات ولا بتدبير الشؤون الدينية، ولا بتدبير شؤون العدل والسجون، ولا بالإعلام ولا بالدبلوماسية، ولا بالضرائب ولا بالجمارك ولا بالمؤسسات العمومية الكثيرة التي يقترح شخصان أو ثلاثة أسماءها على سلطة التعيين...
إن التشبث بالحكومة الحالية وبوزيرها الأول هو تشبث بكل عوامل اللا استقرار في مغرب يغلي، ثم إن الجميع يعرف أن حكومة عباس منذ أكثر من سنتين وهي تعيش تحت رحمة حزب الأصالة والمعاصرة، الذي يوجد نظريا في المعارضة، والذي يتوفر على أكبر فريق برلماني في الغرفتين، ولديه خلايا نائمة وسط كل الفرق البرلمانية مستعدة للحركة والنزوح نحوه في أية ساعة يريدها مهندسو هذا الحزب الذي يعبر وجوده في حد ذاته عن غياب المنهجية الديمقراطية...
إن حكومة عباس ضعيفة ولا تقدر على مواجهة «اللوبي المتنفذ» الذي يحارب الإصلاحات اليوم، وعلى أحزابها، وخاصة الاتحاد والاستقلال والتقدم والاشتراكية، أن تفكر بعيدا وعميقا في الأوضاع التي وصل إليها المغرب، وألا تنحاز إلى بضعة كراس فارغة على حساب استقرار المغرب في ظرف حساس جدا. كان على عباس أن يساعد القصر في هذه المرحلة الحرجة، لا أن يصبح جزءا من المشكلة. البلاد بحاجة إلى صدمة سياسية ونفسية لتستفيق من أوهام الاستثناء المزعوم.
* صحفي ـ مدير نشر "أخبار اليوم" المغربية
المفضلات