همس غريب يطرق الأبواب وشعور ملائم للأجواء التي يتنافس فيها العشق مع الكلمة والشوق والذكرى وهنا يشدنا الرحيل صواب مرافئ بعيدة ..
هناك حيث بصيص الآمل وحيث الفكرة وحيث ( سـرداب الذكريات ) فهذا الشعور الذي لا يأتي بسهولة ولا يتكرر إلا في ساعة أو دقائق معينة على مدار السنة تجتاحنا فيه رياح الحنين وتقذف إلينا بصور الغوالي والمحبين وأقاربنا وجيراننا ساعة الخلوة بأنفسنا وساعة تذكرنا أولئك الذين لملموا حقائبهم
ورحلوا بعيداً عنا ،، هناك قشعريرة غريبة في الجسد وهناك دموع تختبئ في الجفون مثقلة بعبرات السنين وحارقة كسهم دامي أخترق الأنفاس ، فنحن نفتقد إلى الحنين الطبيعي هذا الإحساس الذي يتجسد في خفقان قلوبنا وأجسادنا ورؤوسنا عندما نتأمل صورة قديمة لشخص كان قبل وقت من الآن يقاسمنا الجلسة ويسئل عنا ويضحك معنا ويقص لنا حكاياته اليومية وذكرياته الدسمة مع الآخرين .. نحن نفتقد إلى حنين غريب لا أستطيع أن أصفه عبر هذه الأسطر ، حنين يذكرنا بمن كنا نكتب إليهم ونضحك معهم ونشتري لهم هدايا تذكرهم بتاريخ ميلادهم وتعبر عن شوقنا وحبنا وصدقنا لهم وعشقنا لقراءة رسائلهم ولهفتهم علينا ..
فالزمن أصبح زمنً أخـر تهب من خلاله رياح النسيان التي تجتاحنا بقوة قاتلة تقطع علينا ضوء التفكير بهؤلاء وتدخلنا في زحام الحياة بشتى أشكالها وتقلباتها ونحن كما نحن ، نجر أنفسنا إلى متاهات القدر ( لا نتذكر ولا نتعض ولا نتغير ) والموقف محصور معنا في صور من فقدناهم ، وكتابات من كانوا يمتلكون قلوبنا وأحاسيسنا بمجرد فتح حقائبنا في ( سرداب الذكريات ) وتمعننا في صورهم وقرأتنا لكتاباتهم سنعرف أن الزمن يدوس على تفكيرنا ليحرق تلك المراحل الماضية ليوصلنا إلى متاهة أخرى في مشوارنا عبر نفق الحياة المظلم ..
وهنا تبدءا الزوبعة ( إذا نسينا ماضينا فلا حاضر لنا ) هناك فلسفة قولية كالمثال القائل بالعامية ( اللي ماله أول ماله ثاني ) وهذه حقيقة ندركها ببساطة متناهية عندما نتأمل تاريخ أبائنا وأجدادنا ، فمن قوة حبهم ومصداقية شعورهم وغلاوة من فقدوهم قبلنا ، نجد أن أسماء أبناهم مسمية على غواليهم وأبائهم وأمهاتهم حتى لو كانت هذه الأسماء كما يقول المتخلفون الآن لا تتماشى مع العصر ..
هنا تخرج الأحاسيس الدفينة وتنتشر وريقات الخريف في الذاكرة ويتشتت تفكيرنا بتأمل مصداقية الشعور ومنبع ألآلهم في ( سرداب الذكريات ) ..
المفضلات