تتميز طبيعة الأردن بأنها متعددة البيئات ، تكمن فيها مظاهر التباين والتنوع والبساطة ، نتيجة لتعدد المناخات والتراكيب الجيولوجية ، والإرتفاع أو الإنخفاض عن سطح البحر ، ومعدل هطول الأمطار السنوي ، الأمر الذي أدى إلى تعدد أشكال التكيف التي تبديها نباتاتها وحيواناتها المتنوعة للعيش في هذه البيئات .
ومن المفيد أن نذكر دائماً بأن عدداً من الأحياء البرية الأردنية كالنباتات الطبية والأعشاب المعدة للمشروبات الساخنة ، والسبليات التي تصلح للتهجين لتطوير حبوب غذائية ، كلها تعيش في المناطق الهامشية ذات معدلات أمطار متدنية ، والنباتات الرعوية وطيور وحيوانات الصيد ، والغابات وغيرها ، ستشكل في المستقبل مصدراً مهمّا للإنتاج الوطني ، إذا ما تم إكثارها وتطويرها .
لذلك فإن انقراض أي نوع من هذه الأنواع ، قد يصبح خسارة كبيرة ، تحرم الأجيال القادمة من فوائده الممكنة ، مما يجعل من موضوع حماية جميع أنواع الأحياء البرية واجباً أساسياً تتحمله المجتمعات في مواقعها المختلفة لغايات المصلحة العامة ولخدمة الإنسان أينما كان .
إن حماية الأحياء البرية والأنظمة الحياتية ، التي يشكل الإنسان جزءاً لا يتجزأ فيها ، يعتبر أمراً حيوياً وأساسياً . فإذا ما انقرضت الأحياء البرية ـ لا سمح الله ـ فإن كوكب الأرض سوف يفقد خصائصه ، المهمة ، التي توفر متطلبات الحياة الداعمة لحياة الإنسان . وهذا ما يجعل دور الأردن دوراً مكملاً للنشاط الذي يبذل في جميع بقاع الأرض ، لحماية هذا الكوكب الذي نعيش عليه .
الثدييات :
أسهم موقع الأردن الجغرافي بين قارات ثلاث هي : آسيا ، افريقيا ، واوروبا ؛ في تواجد أنواع من الحيوانات تتبع مجموعات ثلاث رئيسة في العالم هي : القطبية ، القديمة الشرقية ، والإفريقية الاستوائية . كما أدى وجود أربع بيئات حيوية في رقعة محدودة المساحة نسبياً كالأردن إلى تنوع كبير في الحياة البرية .
وقد اشتهر الأردن - عبر التاريخ - بغاباته ونباتاته ، وقد وصفه في الماضي العديد من المؤرخين والرحالة بالإخضرار ، وبثراء حياته البرية. وقد دلت الظواهر القديمة من حفريات وفسيفساء أو نقوش حجرية وغيرها على وفرة الأنواع الحيوانية في الأردن ، وتبين النقوش الحجرية في منطقة جاوا ووادي القطيف صور المها والماعز الجبلي والثيران وطرق صيدها البدائية . كما تدل الصور الفسيفسائية في مادبا ، الممثلة بصور لأنواع عديدة من الحيوانات ، كالخنزير البري ، الفهد ، الغزلان ، الأسود الجبلية الآسيوية ، وغيرها من الطيور ، على ازدهار الحياة الحيوانية في عهد البيزنطيين .
وأظهرت القصور الأموية الصحراوية غنى الحياة البرية في عهد الأمويين . فبإمكان الزائر لـ قصير عمرة ، مشاهدة رسومات الفريسكو ، التي تبين مشهداً مثيراً لصيد الحمار البري السوري ، كما تبين أيضاً رسومات للغزلان والأرانب البرية وخلافها . أما في قصر الحلابات فيلاحظ الزائر اللوحات الفسيفسائية للفهد المرقط ( الشيتا ) ، والذئب ، والأرانب البرية ، والغزلان وكلها دلائل وإثباتات على مقدار غنى الحياة البرية في الأردن عبر التاريخ .
وقد انقرضت في وقتنا الحاضر العديد من هذه الحيوانات ، أو أصبحت مهددة بالإنقراض . وذلك نتيجة لتدهور بيئاتها ، بسبب التنمية والتطوير الحضري ، كالبناء والعمران وتوسع المدن وشق الطرق وغيرها .
وقد كانت فترة الحرب العالمية الأولى من أهم الفترات وأسوئها تأثيراً على الغطاء النباتي في الأردن ، حيث تسببت في تدهور الغطاء النباتي فيه نتيجة لاستخدام أخشاب الغابات وقوداً للقطارات ، وفي مد خط للسكة الحديدية بين عنيزة والهيشة البيضاء في الشوبك .
ومن الأسباب الأخرى التي أدت إلى تدهور الغطاء النباتي : الرعي الجائر ، حراثة الأراضي الرعوية ، وانخفاض معدل هطول الأمطار ، الذي عمل على جفاف المناطق الرعوية وقلة عطائها ، ففقدت العديد من الحيوانات البرية الملجأ الذي تعيش فيه ، والغذاء الذي تقتات عليه .
وخلال فترة الحرب العالمية الثانية تم إدخال البنادق الأوتوماتيكية والسيارات لمنطقة الشرق الأوسط ، وقد ساعد ذلك على قتل أعداد كبيرة من الحيوانات البرية وصلت فيه إلى مرحلة خطيرة جداً مهددة هذه الحيوانات بالإنقراض ، مما دفع بعض الحيوانات البرية إلى ترك بيئاتها الطبيعية ، واللجوء إلى بيئات أخرى غير مناسبة لها ، وقد أدى هروب قطعان من الغزلان من الصحراء الشرقية إلى المناطق شديدة الوعورة والمغطاة بالحجارة البازلتية إلى جعل الوصول إليها أمراً في غاية الصعوبة ، وقد ساعدت هذه البيئة الجديدة على حماية هذه القطعان من ملاحقة الإنسان لها ، ولكنها لم تسمح لها بإيواء أعداد كبيرة منها ، بسبب ضعف قدرة احتمال هذه القطعان على العيش في هذه المناطق .
كما أسهمت ، في الوقت الحاضر ، مكافحة الجراد المكثفة ، واستعمال المبيدات الحشرية والكيماوية للقضاء على الآفات الزراعية ، أسهمت في زيادة معدلات القضاء على الحياة البرية ( من دراسة حالة البيئة في الأردن ) .
الطيور :
إن أغلب الطيور في الأردن هي طيور مهاجرة ، تسلك في هجرتها خلال رحلتي الخريف والربيع طريقين ، هما :
ـ الطريق الأول :
عبر واحة الأزرق ، التي تشتهر بوجود الماء طوال العام ، إضافة إلى وجود الملجأ الأمين لها وسط الصحراء ، مما أعطى ملايين الطيور التي تهاجر كل عام ، من الإتحاد السوفييتي وشرق أوروبا عبر هذه الطريق ، أهمية حيوية. وقد سجل في الأردن ( 360 ) نوعاً من هذه الطيور ، منها ( 280 ) نوعاً في الأزرق وحده .
ولكن نظراً لضخ المياه الزائد في الآونة الأخيرة من منطقة حوض الأزرق المائي إلى مناطق مختلفة في المملكة ، لاستعمالها لأغراض الشرب ، فقد انخفض مستوى سطح الماء في الحوض ، وزادت نسبة ملوحة مياهه ، مما قلل كثيراً من أعداد الطيور المهاجرة المارة ( العابرة ) عبر واحة الأزرق .
ـ الطريق الثاني :
طريق وادي الأردن ، البحر الميت ، وادي عربة ، ثم خليج العقبة.
وتسلكه عادة الطيور المهاجرة القادمة للأردن من أوروبا الغربية . كما أن وادي عربة يتميز بوجود الجبال العالية الإرتفاع ، التي تحيط به ، والتي تدفع بتيارات حرارية تساعد الطيور الكبيرة على التحليق . إضافة إلى ذلك فإن بعض الطيور الكبيرة تستخدم قمم الجبال لبناء أعشاشها عليها .
وقد ازداد ـ في الآونة الأخيرة ـ صيد الصقور في بعض المناطق الصحراوية ، كمنطقة الجفر ، من أجل بيعها بأثمان عالية ، وقد أسهم ذلك في هلاك أعداد كبيرة منها . وقد أثر الاستعمال المتنامي للمخصبات والمبيدات الزراعية في غور الاردن سلبياً على الطيور المهاجرة أثناء تناولها الطعام .
ومن ناحية أخرى ، فقد وجد مؤخراً أن بناء السدود ، ووجود المسطحات المائية ، يشجعان على استقطاب الطيور ، وقد أصبح كل من : سد الملك طلال ، وسد العرب ، منطقتي جذب للطيور المهاجرة . وعملت الخربة السمرا على مكوث الطيور فيها فترة أطول مما كان متوقعاً .
الزواحف :
الأردن غني بزواحفه ذات الألوان الخاصة المميزة ، خاصة في الجزء الشمالي الشرقي من البادية الأردنية ، حيث يوجد عدد من تحت الأنواع المستوطنة هناك . وتشاهد السحالي في جميع المناطق .
وتستوطن في غور الأردن ووادي عربة أنواع من الزواحف ، لا توجد في مناطق أخرى من الأردن ، حيث تتميز هاتان المنطقتان بدرجات حرارة مرتفعة ، مما يزيد في نشاط هذه الكائنات لفترات أطول خلال العام .
ويوجد في الأردن خمسة أنواع من السلاحف ، منها : السلحفاة الجبلية، السلحفاة التي تعيش في البرك ، وأربعة أنواع بحرية وجدت في خليج العقبة . كما يوجد في الأردن أربع فصائل ( عائلات ) من الحيّات ، تحتوي على ( 24 ) نوعاً . بالإضافة إلى الأفاعي السامة ، التي يزيد عددها قليلاً عن خمسة أنواع .
أما السحالي فإنها تتبع سبع عائلات تضم خمسة وأربعين نوعاً
المفضلات