اتهم أحد ضباط الشرطة المصرية وزارة الداخلية بالغباء الأمني في التعامل مع مظاهرات الغضب، وأكد أنه من المستحيل أن يكون ضابط من ضباط مكافحة الشغب تعدى بإطلاق خراطيم المياه أو قنابل الغاز أو حتى الرصاص المطاطي والحي على المتظاهرين إلا بأمر من قيادته.
وقال النقيب أسامة، من مصلحة السجون بحديث مع الجزيرة نت، إن تعليمات الوزارة قبيل المظاهرات لم تكن توحي بأن أمرا غير معتاد سيحدث، موضحا أنها اتخذت نفس الخطوات الاحترازية والتشديدات الأمنية المعتادة.
وقال أيضا إن الضباط الذين خرجوا لحماية المظاهرات كانوا متضررين، وبعضهم كتب على صفحته على فيسبوك "يا جماعة لا تعتدوا على الضباط إنهم إخوتكم".
وحول ما إذا كان صدر أمر للشرطة بالانسحاب من الشوارع والمواقع بعد سقوط عشرات القتلى أثناء المظاهرات، قال "لم يصدر أمر مباشر من أي قيادة بانسحاب الشرطة ولكن تناقل المعلومات بمهاجمة أقسام الشرطة بين الضباط وحدوث حالات قتل بل وذبح بعض الضباط داخل مكاتبهم وعدم وجود قدرة من الداخلية على إرسال تعزيزات أمنية لهذه الأقسام دفع الضباط إلى النجاة بحياتهم".
واتهم أسامة وزارة الداخلية بالتسبب بشكل مباشر في فرار نحو 25 ألف سجين، منبها إلى أن كل الشرطة كانت محتشدة لتأمين المظاهرات، حتى أن السارقين استغلوا ذلك وعاثوا فسادا قبل المظاهرات.
وقال إن من الأمور الغبية أمنيا التي حدثت عدم التعلم مما حدث بتونس من هروب السجناء، وأضاف أن الداخلية بدلا من إرسال تعزيزات لحماية السجون، سحبت ضباطا من السجون للدفع بهم في مواجهة المظاهرات.
واشتكى أسامة من غياب التعليمات، مما جعل الشرطة غير قادرة على التصرف في وجه فرار السجناء الجماعي، وقال إن الشرطة لم تقم بإطلاق النار لتخويف السجناء مع أن القانون يجيز ذلك بسبب خوفها الشديد من مخالفة التعليمات.
وقال إن السجون التي حدث بها فرار كان بها سجناء سياسيون في قضايا إرهاب، غالبيتهم من بدو سيناء المحتجزين من سنوات على خلفية تفجيرات طابا وشرم الشيخ "وهؤلاء حرضوا السجناء على التمرد والاعتداء على حراس السجن، وبالتالي عجزت قوة تأمين السجن (الفيوم) وقوامها عشرة ضباط ونحو خمسين شرطيا عن ضبط 4500 سجين".
ولدى سؤاله عما إذا كان تعذيب المعتقلين وانتهاك الكرامة بمراكز الشرطة أمرا ممنهجا ودارجا في ثقافة الشرطة المصرية، نفى ذلك ولكنه قال إن هناك أناسا "للأسف لا ينفع معهم غير الشدة، بعض معتادي الإجرام الذين يتطاولون على الضباط نفسهم عند توقيفهم أو التحقيق معهم لا ينفع معهم غير العنف".
لكنه استدرك بأن الخطأ يحدث من بعض الضباط عندما يعمم المعاملة القاسية مع الجميع، مضيفا أنه "عندما يتم الكشف عن أي حالة تجاوز من الإعلام أو المنظمات الحقوقية يتعرض الضباط لمحاسبة قاسية".
وردا على سؤال: لماذا يلجأ الضابط وهو دارس للقانون وعلم النفس إلى تعميم هذه المعاملة على الجميع؟ قال إن الضغط على ضابط الشرطة كبير ويمتد ساعات طويلة وترهقه تعقيدات تتطلب منه أمورا إدارية إلى جانب عمله الميداني، بسبب قلة أعداد الضباط مقارنة بحجم الدولة وكثرة مشاكل الناس مما يضطر الضباط لتكليف أمناء الشرطة والمخبرين بمهام أوسع لتغطية التكليفات الإدارية والأمنية المطلوبة منه.
واعتبر أن أمناء الشرطة والمخبرين والمندوبين هم من يسيئون سمعة الداخلية في مصر، وإذا كان هناك 2% أو 3% من الضباط فاسدون، فإن أكثر من 95% من الأمناء والمخبرين فاسدون لتدني مستوى تعليمهم ونهمهم في جمع المال وضغط العمل من غير مقابل مجز.
وعن مرتب الضابط اليوم قال إنه لا يزيد على 1300 جنيه (نحو 210 دولارات) وهو مضطر للظهور بشكل يناسب سلطته، ولا يوجد ضابط يعتمد على راتبه فقط يستطيع مثلا أن يدخن سجائر مستوردة بينما سائقو سيارات الأجرة ومندوبو المبيعات يزيد دخلهم على دخل الضباط بمقدار الضعف تقريبا.
وأبدى أسامة مخاوفه من رفع حالة الطوارئ، ودعا إلى تفعيلها وفق نهجها الصحيح، متذرعا بالظرف الأمني الحالي الذي وصفه بأنه دقيق وخطير.
وقال إن المشكلة في التطبيق الطويل على مدى سنوات مما أوصل الأمر في بعض الأوقات إلى أن الضابط أو أي فرد أمن يمكنه القبض على شخص لأنه لا يعجبه ملبسه أو لون قميصه.
ولم ينكر أن هناك لحظة انكسار لدى أفراد الشرطة وإحساسا بالانتصار لدى غالبية الناس، ودعا إلى أن يعاد بناء الثقة بين الجانبين على قاعدة الاحترام المتبادل ومراعاة حجم المسؤولية الملقاة على عاتق جهاز الشرطة.
المصدر: الجزيرة
المفضلات