قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى : وجعلنا ذريته هم الباقين ، إنهم سام ، وحام ، ويافث وقال وهب بن منبه : إن سام بن نوح أبو العرب ، وفارس ، والروم ، وإن حاما أبو السودان ، وإن يافث أبو الترك ويأجوج ومأجوج . وقيل إن القبط من ولد قوط بن حام ، وإنما كان السواد من نسل حام لأن نوحا نام فانكشفت سوءته فرآها حام فلم يغطها ورآها سام ويافث فألقيا عليها ثوبا ، فلما استيقظ علم ما صنع حام ، وإخوته فدعا عليهم .
قال ابن إسحاق : فكانت امرأة سام بن نوح صلب ابنة بتاويل بن محويل بن حانوخ بن قين بن آدم فولدت له نفرا : أرفخشذ ، وأسود ، ولاود ، وإرم . قال : ولا أدري أإرم لأم أرفخشذ وإخوته أم لا ؟ فمن ولد لاود بن سام فارس ، وجرجان ، وطسم ، وعمليق ، وهو أبو العماليق ، ومنهم كانت الجبابرة بالشام الذين يقال لهم الكنعانيون ، والفراعنة بمصر ، وكان أهل البحرين ، وعمان منهم ويسمون جاشم . وكان منهم بنو أميم بن لاود أهل وبار بأرض الرمل ، وهي بين اليمامة والشحر ، وكانوا قد كثروا فأصابتهم نقمة من الله من معصية أصابوها فهلكوا وبقيت منهم بقية ، وهم الذين يقال لهم النسناس ، وكان طسم ساكني اليمامة إلى البحرين ، فكانت طسم ، والعماليق وأميم ، وجاشم قوما عربا لسانهم عربي ، ولحقت عبيل بيثرب قبل أن تبنى . ولحقت العماليق بصنعاء قبل أن تسمى صنعاء . وانحدر بعضهم إلى يثرب فأخرجوا منها عبيلا فنزلوا موضع الجحفة ، فأقبل سيل فاجتحفهم ، أي أهلكهم ، فسميت الجحفة .
قال : وولد إرم بن سام عوضا وغاثرا وحويلا ، فولد عوض غاثرا ، وعادا ، وعبيلا ، وولد غاثر بن إرم ثمود وجديسا ، وكانوا عربا يتكلمون بهذا اللسان المضري . وكانت العرب تقول لهذه الأمم ولجرهم العرب العاربة . ويقولون لبني إسماعيل العرب المعربة ، لأنهم إنما تكلموا بلسان هذه الأمم حين سكنوا بين أظهرهم . فكانت عاد بهذا الرمل إلى حضرموت . وكانت ثمود بالحجر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى . ولحقت جديس بطسم ، وكانوا معهم باليمامة إلى البحرين ، واسم اليمامة إذ ذاك جو . وسكنت جاشم عمان .
والنبط من ولد نبيط بن ماش بن إرم بن سام . والفرس بنو فارس بن تيرش بن ماسور بن سام .
قال : وولد لأرفخشذ بن سام ابنه قينان ، كان ساحرا ، وولد لقينان شالخ بن أرفخشذ من غير ذكر قينان لما ذكر من سحره . وولد لشالخ غابر ، ولغابر فالغ ، ومعناه القاسم ، لأن الأرض قسمت والألسن تبلبلت في أيامه ، وقحطان بن غابر ، فولد لقحطان يعرب ويقظان ، فنزلا اليمن ، وكان أول من سكن اليمن ، وأول من سلم عليه بـ أبيت اللعن . وولد لفالغ بن غابر أرغو ، وولد لأرغو ساروغ ، وولد لساروغ ناخور ، وولد [ ص: 74 ] لناخور تارخ ، واسمه بالعربية آزر . وولد لآزر إبراهيم ، عليه السلام . وولد لأرفخشذ أيضا نمرود ، وقيل هو نمرود بن كوش بن حام بن نوح .
قال هشام بن الكلبي : السند ، والهند بنو توقير بن يقطن بن غابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح ، وجرهم من ولد يقطن بن غابر . وحضرموت بن يقطن ، ويقطن هو قحطان في قول من نسبه إلى غير إسماعيل .
والبربر من ولد ثميلا بن مارب بن فاران بن عمرو بن عمليق بن لاود بن سام بن نوح ، ما خلا صنهاجة وكتامة ، فإنهما بنو فريقش بن صيفي بن سبإ .
وأما يافث فمن ولده جامر ، وموعع ، ومورك ، وبوان ، وفوبا ، وماشج ، وتيرش ، فمن ولد جامر ملوك فارس في قول ، ومن ولد تيرش الترك ، والخزر ، ومن ولد ماشج الأشبان ، ومن ولد موعع يأجوج ومأجوج ، ومن ولد بوان الصقالبة وبرجان . والأشبان كانوا في القديم بأرض الروم قبل أن يقع بها من وقع من ولد العيص بن إسحاق وغيرهم . وقصد كل فريق من هؤلاء الثلاثة سام ، وحام ، ويافث أرضا فسكنوها ودفعوا غيرهم عنها .
ومن ولد يافث الروم ، وهم بنو لنطى بن يونان بن يافث بن نوح .
وأما حام فولد له كوش ، ومصرايم ، وقوط ، وكنعان ، فمن ولد كوش نمرود بن كوش ، وقيل : هو من ولد سام ، وصارت بقية ولد حام بالسواحل من النوبة ، والحبشة ، والزنج ، ويقال : إن مصرايم ولد القبط والبربر .
وأما قوط فقيل إنه سار إلى الهند ، والسند فنزلها وأهلها من ولده .
وأما الكنعانيون فلحق بعضهم بالشام ، ثم جاءت بنو إسرائيل فقتلوهم بها ونفوهم عنها وصار الشام لبني إسرائيل . ثم وثبت الروم على بني إسرائيل فأجلوهم عن الشام إلى العراق إلا قليلا منهم .
ثم جاءت العرب فغلبوا على الشام . وكان يقال لعاد عاد إرم ، فلما هلكوا قيل لثمود ثمود إرم قال : وزعم أهل التوراة أن أرفخشذ ولد لسام بعد أن مضى من عمر سام مائة سنة وسنتان ، وكان جميع عمر سام ستمائة سنة .
ثم ولد لأرفخشذ قينان بعد أن مضى من عمر أرفخشذ خمس وثلاثون سنة ، وكان عمره أربعمائة وثمانيا وثلاثين سنة . ثم ولد لقينان شالخ بعد أن مضى من عمره تسع وثلاثون سنة ، ولم تذكر مدة عمر قينان في الكتب لما ذكرنا من سحره . ثم ولد لشالخ غابر بعدما مضى من عمره ثلاثون سنة ، وكان عمره كله أربعمائة وثلاثا وثلاثين سنة . ثم ولد لغابر فالغ ، وأخوه قحطان ، وكان مولد فالغ بعد الطوفان بمائة وأربعين سنة ، وكان عمره أربعمائة وأربعا وسبعين سنة . ثم ولد لفالغ أرغو بعد ثلاثين سنة من عمر فالغ ، وكان عمره مائتين وتسعا وثلاثين سنة . وولد لأرغو ساروغ بعدما مضى من عمره اثنتان وثلاثون سنة ، وكان عمره مائتين وتسعا وثلاثين سنة ، وولد لساروغ ناخور بعد ثلاثين سنة من عمره ، وكان عمره كله مائتين وثلاثين سنة . ثم ولد لناخور تارخ أبو إبراهيم بعدما مضى من عمره سبع وعشرون سنة ، وكان عمره كله مائتين وثمانيا وأربعين سنة . وولد لتارخ - وهو آزر - إبراهيم عليه السلام . وكان بين الطوفان ومولد إبراهيم ألف سنة ومائتا سنة وثلاث وستون سنة ، وذلك بعد خلق آدم بثلاثة آلاف سنة وثلاثمائة وسبع وثلاثين سنة .
وولد لقحطان بن غابر يعرب ، فولد ليعرب يشجب ، فولد يشجب سبأ ، فولد سبأ حمير ، وكهلان ، وعمرا ، والأشعر ، وأنمار ، ومرا ، فولد عمرو بن سبإ عديا ، وولد عدي لخما ، وجذاما .
الكامل في التاريخ
عز الدين أبو الحسن علي المعروف بابن الأثير
المفضلات