لم تقتصر مشكلة المياه على المنطقة العربية ومحيطها من الدول التي تشتبك معها في مسألة المياه أو تتشاطأ معها في الأنهار، بل أصبحت المشكلة عالمية، وأخذت تزداد تعقيداً بفعل ندرتها، ومن ثم زيادة نسبة التصحّر والتلوث والتغييرات المناخية والبيئية، فضلاً عن محاولات تسييسها واستغلالها اقتصادياً، ناهيكم عن الاستقواء بها على حساب الآخرين، ولهذا عمدت الأمم المتحدة إلى إيلاء اهتمام كبير بها وحددت يوم 22 آذار (مارس) من كل عام باعتباره اليوم العالمي للمياه منذ عام 1993، خصوصاً وقد أدركت يوماً بعد يوم شحّ المياه على المستوى العالمي، حيث تفيد دراسات معتمدة من جانبها بأن 1.5 مليار نسمة يعانون عدم وجود مياه صالحة للشرب، وأن نحو ثلاثة مليارات نسمة آخرين ليس لديهم نظام صرف صحي، وأن ما يزيد على 35 ألف شخص يموتون يومياً نتيجة النقص الفادح في موضوع المياه أو استخدامهم مياه ملوثة أو غير صالحة للشرب.
تشير تقديرات الخبراء إلى أن خمس سكان الأرض يعانون من شح مصادر المياه، ما يعني أن 1.2 مليار إنسان يعيشون في المناطق الجافة.
ويقدر العلماء في المعهد الدولي لتنظيم المصادر المائية، أن متوسط استعمال الماء لغرض الشرب يبلغ لترين للفرد الواحد يوميا، وأن ما يصرف لأغراض الزراعة والطعام معا يصل إلى 3000 لتر لكل مواطن في العالم. وتبلغ التقديرات الخاصة بالمياه المستعملة في الزراعة 7000 كيلومتر مكعب. ومن المتوقع أن يزداد هذا المؤشر في العام 2030 بمقدار 2000 كيلومتر مكعب أخرى، لتصل حصة المياه المستعملة في الزراعة إلى 70 بالمائة من الحجم الكلي للمياه المستهلكة في العالم.
ومما لا شك فيه أن استخدام مياه البحار والمحيطات المتوفرة بكثرة للأغراض المذكورة مكلف كثيرا. وبغض النظر عن هذا المعوق، تمكن عالمان كنديان في جامعة سايمون فريزر في فانكوفر من حل معضلة استخدام مياه المحيطات دون كلفة تذكر.
ويقول العالمان بين سبيرو وجوشوا زوشي، أن ما دفعهما لاكتشاف الحل، هو فكرة البحث عن أنواع الطاقة الزائدة في المناطق الفقيرة بمصادر المياه، لاستخدامها في تحلية مياه البحار والمحيطات. ووجد العالمان أن الطاقة الشمسية متوفرة بكثرة في المناطق التي تعاني من نقص في المياه العذبة فعكفا على إنشاء معمل تجريبي يقوم بتحلية المياه بتكلفة منخفضة جدا.
إذا كانت مشكلة المياه دولية بامتياز وقد أولتها الأمم المتحدة جانباً غير قليل من الاهتمام، ولاسيما خلال العقود الأربعة ونيّف الماضية، فإن المشكلة عربياً تزداد خطورة، فإضافة إلى تفاقمها عالمياً، فهناك التوزيع غير العادل للمياه، لاسيما نسبة هطول الأمطار، ففي بعض البلدان العربية، إضافة إلى الأنهار وربما الثلوج، فإن نسبة الأمطار أكثر من غيرها في مناطق أخرى تعاني من جفاف، لاسيما بسبب قلّة الأمطار . يضاف إلى ذلك الزيادة السكانية، حيث إن معدلاتها في بعض البلدان غيرها في بلدان أخرى، ومثل هذا الأمر يتعلق أيضاً بالمصادر المائية ونسبة استهلاكها، وكذلك سوء استخداماتها، ففي البلدان النامية ومنها الدول العربية تختلف نسبة الاستخدام للأغراض الزراعية عن الأغراض الصناعية والمنتجة، إضافة إلى الاستخدامات للحياة المنزلية، والأمر يتعلق أيضاً بمعدلات درجة الحرارة وارتفاع منسوب مياه البحار وازدياد نسبة الاحتباس الحراري وغيرها .
وتزداد المشكلة عربياً لأن هناك دولاً تفتقر أساساً إلى وجود كميات كافية من المياه، لاسيما بما يتناسب مع حجم الاستهلاك، كما أن منابع معظم الأنهار العربية هي في بلدان غير عربية، مثل النيل ودجلة والفرات، وتسير في دول الجوار، وهذه العوامل تشكل لغماً قابلاً للانفجار في أية لحظة، خصوصاً بارتفاع أهمية المياه وتعاظم الحاجة إليها وزيادة استهلاكها وشحّ مصادرها وتأثرها بالتغيرات المناخية والبيئية، فضلاً عن محاولات استغلالها سياسياً وتوظيفها لخدمة مصالح خاصة .
منقول من عدة مصادر
المفضلات