صحافة عربية وعالمية
أخطاء.. ما المعنى من المقاطعة والنبذ؟
مرت أيام منذ أن منع البروفسور نوعام تشومسكي من المرور في معبر المبي كي يحاضر في جامعة بيرزيت والسماء لم تسقط. اسرائيل لم تطرد من منظمة دول التعاون والتنمية ال OECD ولم تقطع أي دولة علاقاتها الدبلوماسية معنا. احد ما يمكن ان يقول: الكلاب تنبح والقافلة تمر. ولكن الى أين بالضبط تسافر القافلة؟ كل فعل سخيف كهذا، يمنع فيه أناس مشهورون (ومشهورون أقل) من الدخول الى اسرائيل او الى الضفة دون أي صلة بالمخاطر الأمنية، يعرض اسرائيل التي تتباهى، وعن حق، بكونها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة كدولة تستخدم وسائل غير ديمقراطية كي تبعد عنها منتقدي النظام. في وضع نفقد فيه كل يوم عطف الرأي العام العالمي حتى في الدول التي كانت في الماضي ودية لاسرائيل، تؤدي قرارات عديمة المعنى كهذه الى الحاق ضرر متواصل باسرائيل، وثمنها سندفعه في المكان الأقل توقعا وفي الزمن الأقل راحة.
اسرائيل هي دولة سيادية. نحن نسيطر على معابر الضفة الغربية، واذا ما نشأ خطر أمني من فلان او علان، من حق الجهة المخولة في الدولة (بالمناسبة، من هي هذه بالضبط؟ وزير الداخلية، الادارة المدنية؟) أن تمنع دخوله. ولكن في مثل هذا الوضع ولا سيما اذا كان الحديث عن يهودي ابن 81 سنة، بروفسور، يعتبر عظيم اللغويين في المعمورة، كتبه توجد في كل محل للكتب يحترم نفسه في العالم، وكان يمكن له – لو أراد – أن يحصل على جنسية اسرائيلية دون ابطاء بفعل قانون العودة، فان اسرائيل ملزمة بأن تشرح اتخذ القرار.
اذا ما وقع خطأ (ربما لان الموظف الصغير يعمل حسب روح القائد)، فينبغي الاعتراف بذلك، الاعتذار والاقتراح على تشومسكي بأن يعود ويأتي.
اذا لم يكن هذا خطأ، ودولة اسرائيل توصلت الى الاستنتاج بأن هناك خطر من أن يثير هياج الطلاب ويدفعهم الى انتفاضة ثالثة او موجة عنف أخرى، فان الدولة ملزمة بأن تقول هذا بصوت عال. صحيح أن المعادين لاسرائيل لن يقتنعوا بذلك، ولكن سيكون لمحبيها ما يتمسكون به ويشرحونه. ولما لم يتم الامر في أي من الاتجاهين، يبقى رفض تشومسكي مثابة قرار تعسفي واعتباطي.
تشومسكي هو ليبرالي، يساري، يعارض المستوطنات ويؤيد حل الدولتين. وحتى لو كان كلغوي رجل علم متعمق، فانه في كتاباته السياسية – في نظري – هو البروفسور ادوارد سعيد للفقراء. تبسيطي، معاد لاسرائيل ولمجرد نشوئها، ومؤمن كبير في نظرية المؤامرة. كاتب هذه السطور ملزم – كاعتراف شخصي – بأن يعترف بأنه أحد «نجوم» كتب تشومسكي. فهو مقتنع بأني بادرت الى مسيرة أوسلو كي أواصل الاحتلال والاستيطان بوسائل اخرى، وأنه في التفاهمات بين محمود عباس (ابو مازن) وبيني انا الذي قمت ب «خداعه»، وأن مهمتي في الحياة هي أن أقوم بدور «الشرطي الطيب» في نظام ظالم.
على أي حال. مسموح له ان يفكر هكذا ومسموح له ان يكتب هكذا. فليس هو من سيمنع اتفاق السلام بيننا وبين الفلسطينيين اذا كان على جانبي الطرفين زعماء شجعان بما فيه الكفاية. دافع محاضرته في بيرزيت وموقف اسرائيل الرسمية من ذلك كان خطأ منحه علاقات عامة بالمجان، والكثير من الكلمات في وسائل الاعلام الالكترونية والمكتوبة. بما في ذلك هذا المقال.
يوسي بيلين
اسرائيل اليوم الاسرائيلية
المفضلات