ربما كان القبر به ارحم... 5 أشخاص فقط يوارون جثمان الطفل الضحية الثرى... يزن يمضي وحيدا إلى لحده بلا دموع ولا مشيعين... تقرير مصور
جثمان يزن مسجى في مسجد اليرموك – الصور من الزميلة الغد
كما عاش الطفل يزن وحيدا معذّبا بلا أصدقاء يشاطرونه ألعابه وحكاياته الصغيرة وأحلامه، مضى إلى مثواه الأخير وحيدا أيضا، بلا مشيعين، وبلا دموع، وبلا صراخ. خمسة أشخاص فقط شيعوا أمس جثمان الطفل المعنف والضحية إلى مقبرة في جبل النصر.
مضى يزن بأعوامه الخمسة بلا جنازة مهيبة أو حتى تابوت، بل وضعت جثته ملفوفة بكفن بعد صلاة ظهر أمس في باص "بريجيو"، ومن دون سيارة موتى برفقة اثنين من أعمامه وأبنائهما، ليوارى جسده الغض قبرا صغيرا قد يكون أرحب من الدنيا التي لفظته.
واستلزم إنزال يزن الى اللحد توسعته ليلائم حجم جثته الضئيلة بعد عدة محاولات لحشره في الحفرة التي لم يتجاوز عرضها نصف المتر وطولها أقل من متر واحد في مقبرة مليئة بالأشواك والنفايات. وبعد وقت استغرقته التوسعة، ضمه اللحد ليحفظه من حياة عاشها معنفا منكلا به من أقرب المقربين له.
حُمل جثمان يزن بين يدي عمه ملفوفا بالكفن الى مسجد اليرموك في جبل النصر، وهناك التف من حوله ثلاثة من أطفال المسجد (ليث، آدم وأيهم)، وقرأوا على روحه الطاهرة ما تيسر من القرآن الكريم، بحثا عن أجر وثواب أو تضامنا مع طفولته، من دون أن يعرفوا بحكايته، وما تعرض له من عذاب وأذى، سوى أن جسده الغض أفصح عن طفولته.
لم يحضر أبواه جنازته ولم تخرق صيحة أو صرخة الصمت الذي لفّ المقبرة. لم يشيعه أبواه، فقد رفضت محكمة الجنايات الكبرى إخلاء سبيل والده بالكفالة والموقوف على خلفية قضية اغتصاب وافدة اندونيسية بالاشتراك مع زوجتيه وإحداهما والدة يزن.
"حسبي الله ونعم الوكيل، وهنيئا لك أن تكون طيرا من طيور الجنة" هذه العبارة التي رددها عمه بينما كان يضعه في القبر، فيما اغرورقت عينا عمه الآخر بالدموع، وهو يهم في مغادرة المقبرة، ويردد "إنا لله وإنا اليه راجعون".
وتابع: "لا ضمير ولا إنسانية تسمح بأن تتعرض طفولة بريئة مثل يزن لهذا العذاب".
وأضاف أن ما حدث لـ "يزن" هو مسؤولية والديه وسلوكهما، كما حمل المسؤولية لخالته لإصابته في منزلها والتي أدت لوفاته.
عاش معنفا ومات وحيدا، والتراب الذي ضمه وكسا قبره كان بمثابة الستار الذي أسدل على قصة يزن التي أثارت الرأي العام، على مدار الأسبوعين الماضيين، لبشاعة ما تعرض له من عنف وقع على جسده من "حروق لهبية، وكي بالسكين وإطفاء لأعقاب السجائر" في جسده النحيل، كما أفادت التقارير الرسمية.
وكان أدخل يزن مستشفى البشير في 8/4/2009 وهو في حالة غيبوبة، ومن ثم توفي في 17 /4/2009 إثر نزيف دموي سببه اصطدام رأسه بجسم صلب، ليقرر المدعي العام أن وراء وفاته شبهة جنائية، وليباشر التحقيق بعدها مدعي عام الجنايات الكبرى في ملابسات جريمة قتل مفترضة، حيث استمع الى أقوال أخيه غير الشقيق الطفل علاء(10 سنوات)، واستمع أمس لإفادات خالة يزن وزوجها، بالإضافة الى أبناء خالته.
وبقيت جثة يزن مسجاة في مستشفى البشير طيلة 11 يوما الى أن حضر خمسة من أقاربه وتسلموا الجثة من الطب الشرعي حتى يتم تشييعها أمس في ظروف مؤلمة، وضعت حدا لمعاناة طفل كابد الآلام في حياته وموته، وغادر الدنيا بصمت يشبه صمت القبور الموحش التي ستؤنس وحدته الكئيبة.
جثمان يزن قبل دفنه وتظهر عليه أثار تعذيب
المصدر : الحقيقة الدولية – الغد الاردنية- 29.4.2009
المفضلات