دمشق-سانا
يستعيد الشعب العربي السوري ذكرى جلاء آخر جندي للمستعمر عن أرض الوطن و تبدو سورية في هذه اللحظة بحاجة إلى مزيد من قيم الجلاء الوطنية.
وبين السابع عشر من نيسان عام 1946 واليوم تروي بانوراما الأحداث في سورية تاريخ وطن أراد أبناؤه تأكيد أصالتهم الحضارية وجدارتهم التاريخية باجتراح الحلول الخلاقة لكل مرحلة من المراحل فالشعب الذي أسقط سياسة الأحلاف ومشاريع مرحلة الخمسينيات هو نفسه الذي خاض حرب تشرين التحريرية وأعاد الاعتبار للجندي العربي وأثبت قدرته على خوض الحرب وصناعة السلم وهو الذي دافع عن خيار المقاومة للوقوف في وجه الاحتلال وتجاوز عقبة ازداوجية المعايير على المستوى الدولي وهو نفسه الذي يقدم نموذجا سوريا خالصا للإصلاح والتغيير عنوانه حرية الوطن وكرامة المواطن وسيثبت للعالم أن المؤامرات ليست أقدارا أو أوامر إدارية تمضي لغاياتها دون حسيب أو رقيب بل هناك شعوب تصنع أقدارها.
السابع عشر من نيسان يوم هام في ذاكرة الشعب السوري نستعيد فيه ذكرى الأبطال الذين كافحوا من أجل الاستقلال لتكون سورية حرة أبية منيعة على كل المؤامرات التي تستهدف النيل من وحدتها وثوابتها الوطنية والقومية 0
وتمر الذكرى السنوية الخامسة والستون للاستقلال في وقت يواجه فيه الشعب العربي السوري الذي ورث قيم الجلاء النضالية و حافظ عليها على مدار العقود الماضية المؤامرة على أمنه واستقراره معبرا بشرائحه المتنوعة عن التمسك بوحدته الوطنية و دعم برنامج الإصلاح الشامل الذي يقوده السيد الرئيس بشار الأسد ورفض محاولات بث الفتنة التي تستهدف نموذج العيش المشترك بين أبناء الوطن الواحد .
و بعد أن يئس المتربصون بأمن سورية من العمل عبر الخارج وباءت جميع محاولاتهم بالفشل ظنوا أن بإمكانهم تحقيق ذلك من الداخل وعملوا على استغلال حالة الحراك الشعبي ومحاولة حرفه باتجاهات تعرقل إمكانية تحقيق برنامج الإصلاح الشامل وخلق حالة من الفوضى تشتت الطاقات الوطنية وتفقدها الجدوى والفاعلية وتتيح الفرصة أمام من يريد الشر بسورية أن يطبق أجنداته ويحقق مراميه.
وتظهر العناوين الرئيسية لبرنامج الإصلاح الوطني الذي وضعته الدولة الإصرار والثبات على توفير أرضية قانونية و تشريعية لتعزيز مناخ الحرية للمواطنين وتحافظ على مؤسسات الدولة وتعطيها المزيد من الفعالية و تقديم الخدمات .
وسورية التي قرأت التحولات التي شهدتها الساحة الدولية و الإقليمية و الظروف الدولية والتحديات الإقليمية في المرحلة الماضية استطاعت أن تتعامل بحنكة معها وتعزز من دورها المحوري في حل مشكلات المنطقة .
وبالعودة إلى قيم الجلاء فإن الوحدة الوطنية التي صبغت روح الجلاء تتجلى اليوم بأبهى معانيها بالإخلاص الحقيقي للوطن من خلال التأكيد على أمنه واستقراره كمطلب أول وفوق كل اعتبار من أجل تحقيق الهدف الوطني المشترك بين جميع فئات الشعب وهو صيانة استقلال الوطن و حريته وضمان مستقبل الأجيال.
ويبقى الاحتفال بذكرى الجلاء مناسبة لاستذكار صناعه ورجاله الكبار أمثال سلطان باشا الأطرش و إبراهيم هنانو و الشيخ صالح العلي وحسن الخراط و أحمد مريود ومحمد الفاعور و الشيخ محمد الأشمر ونظير نشيواتى وسعيد العاص و عبد الرحمن الشهبندر وفارس الخوري والبطلات الثائرات اللواتي حملن راية التضحية والفداء ومنهن نازك العابد ومنيرة المحايري و ترفة المحيثاوي و رندة الملقبة بالفارس الملثم هؤلاء جميعا حملوا راية التحرير والاستقلال في الجبال والسهول في الساحل والداخل في المدن والأرياف و في كل بقعة من أرض الوطن .
ويمثل في وجدان الأجيال دائما شهيد الاستقلال الأول البطل يوسف العظمة الذي رفض أن يسجل في صفحات التاريخ أن جحافل المستعمر الفرنسي دخلت دمشق دون مقاومة فذهب مع رفاقه المتطوعين للقاء العدو لتكون بطولاتهم شرارة كفاح الشعب السوري في سبيل الحرية .
وستبقى قيم الجلاء حاضرة في وجدان الشعب
السوري كما كان دائما متمسكا باللحمة الوطنية وحرية واستقلال الوطن وصون سيادته و مواصلة النضال حتى تحرير آخر شبر من الأراضي العربية المحتلة و عودة الجولان السوري المحتل كاملا .
المفضلات