فايق حجازين - أكد خبراء أن مرتبة الأردن في مؤشر السعادة العالمي يعكس التطورات التي حصلت في المملكة بالسنوات الماضية، رغم التحديات الإقليمية وآثارها المباشرة على مستوى معيشة المواطنين وطريقة حياتهم، مشددين على إمكانية رفع منسوب السعادة بترسيخ التنمية وتوزيع مكاسبها بعدالة.
وقالوا إن زيادة مشاركة المواطن في صنع القرار التنموي وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني، إلى جانب النشاطات الحكومية واستعادة دور الدولة الرعوي، سيسهم في تحسين الوضع الاقتصادي وتعدد الخيارات وتطور منظومة الأمن والدعم الاجتماعي وبالتالي تحسن وضع الأردن في هذا المؤشر العالمي.
وكان الأردن حل في المرتبة 82 في تقرير السعادة العالمي بين 158 دولة شملها التقرير وفي المرتبة التاسعة على مستوى الدول العربية.
ويهدف تقرير السعادة العالمية، الذي أصدرت الأمم المتحدة أول نسخة منه في عام 2012 إلى قياس مستوى السعادة لدى شعوب الدول واستخدام مخرجات التقرير لتكون مرشدا للحكومات عند إقرار السياسات العامة.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الوزني إن درجة الأردن في مؤشر السعادة 82 عالميا و9 عربيا، مؤشر جيد في ظل الوضع القائم «وهو ترتيب جيد»،موضحا ان لدى المملكة فرصة لتحسين ترتيبها في هذا المؤشر من خلال ضمان توزيع مكتسبات التنمية لتشمل محافظات المملكة كافة، واعطاء منظمات المجتمع المدني دورا أكبر في هذا المجال.
وأكد الوزني ضرورة اشراك منظمات المجتمع المدني والغرف الصناعية والتجارية في تخطيط وتنفيذ البرامج التنموية وإعطاء المواطنين فرصة المشاركة في تحديد الأولويات التنموية التي تعنيهم حتى يرتفع مستوى الرضى وينعكس بالتالي على مستوى السعادة.
وقال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية الدكتور موسى شتيوي إن السعادة مرتبطة في بعدين الأول موضوعي والأخر ذاتي، وأن التقرير لم يكن موضوعيا في منهجيته لقياس السعادة.
وفي الجانب الموضوعي، أكد الدكتور شتيوي أن إشكالية التقرير بالمقارنات بين الثقافات والمجتمعات حتى يتم الغاء النسبية والجوانب الثقافية بين مختلف المجتمعات والتي تؤثر بشكل مباشر على سعادة الإنسان وقناعاته.
وقال «هذه المقارنات قد لا تعكس الواقع، ومن الصعب ترجمتها إلى سعادة أو شقاء.. هناك عوامل مهمة اغفلها التقرير أهمها العوامل الدينية».
وفي الجانب الذاتي، فإن السعادة شعور انساني «فسعادة الشخص لا تستمد من الوضع المادي، إنما من وجود اطفال والراحة الاجتماعية، ومستوى اتمام الواجبات الدينية»، مؤكدا أن هذه كلها عوامل تدعم الشعور الذاتي إيجابيا وهو غير واضح في التقرير.
ولفت إلى وجود تقارير تقيس مجموعة من العوامل من بينها السعادة وهو مؤشر القيم العالمي الذي تجريه مؤسسة القيم العالمية في 80 دولة حول العالم تعتمد على البيانات الوطنية وليس على المؤشرات الدولية. وقال الدكتور شتيوي: كخبير اجتماعي افضل الاعتماد على بيانات ومعلومات محلية ومراعات ظروف كل مجتمع، مشددا على ضرورة اخذ مخرجات مثل هذه التقارير كمدخل عند اقرار السياسات التي تعنى بالشأن العام.
وعوامل القياس ضمن تقرير السعادة العالمية، هي حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، والدعم الاجتماعي الذي يحوزه الفرد من الأقارب والأصدقاء عند الوقوع في مشاكل، وتوقعات متوسط العمر والصحة الجيدة عند الولادة، وحرية الخيارات في الحياة، والعمل الخيري والتبرعات، ومدركات الفساد، والانطباعات الإيجابية من فرح وسرور، والسلبية من اضطراب أو حزن أو غضب.
وقال رئيس جمعية الأطباء النفسيين الدكتور محمد الحباشنة «السعادة مفهوم فضفاض والمقاييس لازالت محض اجتهادات، ولا يمكن الاعتماد عليها في قياس السعادة»، مؤكدا أنه لا يوجد مقياس للسعادة في الطب النفسي، والمعايير تغطي موضوعات عامة تعطي انطباعات لا تعبر عن السعادة وهي بعيدة عن المنهج العلمي للقياس.
وحول وجود الأردن في المرتبة 82 من بين 158 دولة، قال الدكتور الحباشنة: وضع الأردن بهذه الدرجة مبرر؛ فحصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي قليلة، والدعم الاجتماعي بين الاسر تراجع بسبب التحول من الأسرة النووية والممتدة إلى أسرة الأفراد، وحده متوسط العمر بارتفاع، والخيارات محدودة امام الأفراد بحكم الأحوال الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي نمر بها.
ولفت إلى ان المواطن يميل إلى السلبية وهذا منطقي ويعكس المعطيات الواقعية، واستدرك؛ لكن هناك إمكانية للتعديل في المدى المتوسط والطويل وهو مسؤولية المجتمع والدولة بتحديث السياسات «وهذا شأن عام لا يستطيع الفرد تغييره بل مؤسسات الدولة والمجتمع».
وقال الحباشنة إننا بحاجة إلى بناء استراتيجيات وتعزيز دولة القانون وتطوير مشروعات ابداعية تكون مرتبطة بتنمية المحافظات؛ وإذا عملنا بطريقة علمية على تنفيذها فإن التنمية تتحقق وستزيد حصة الفرد من الناتج، ويزيد الترابط الاجتماعي وتتعدد الخيارات وتتغير عندها النظرة السلبية إلى ايجابية وتتحقق مقومات السعادة، داعيا إلى تعزيز منظومة الأمن والدعم الاجتماعي واستعادة دور الدولة الراعية الذي غاب مع ترسيخ نهج الخصخصة.
وعالميا حلت سويسرا في المرتبة الأولى، تلتها آيسلاندا ثم الدنمارك، فيما جاءت الولايات المتحدة الأميركية في المرتبة 15 والمملكة المتحدة في المرتبة 21 وألمانيا 26 وفرنسا 29 واليابان 46.
وعلى مستوى الدول العربية حلت الأمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى بدرجة 20، تلتها عُمان ثانيا بدرجة 22 وثالثا قطر بدرجة 28 والسعودية 35 وخامسا الكويت 39.
وجاءت البحرين سادسا عربيا بدرجة 49 وليبيا سابعا 63، والجزائر ثامنا 68 والأردن تاسعا بدرجة 82 وصولا إلى سورية في أخر القائمة عربيا بدرجة 156، من أصل 158 دولة حول العالم. (بترا)
الثلاثاء 2015-04-28
المفضلات