عمان - فتحي الأغوات - استذكر آباء وأجداد سني شبابهم وما حملته تلك الأيام قبل عقود من جد ونشاط وبركة حيث مواسم الخير والحصاد طغت عليها روح المحبة والايثار والتعاون على الرغم من صعوبة الحياة وشغف العيش وما كان يكابدون في تلك الايام من قلة وندرة في الموارد والامكانيات.
وذكروا في أحاديثهم لـ»الرأي» كيف كانت الفزعة (العونة) تمثل مظهراً اجتماعياً تكافلياً في مجتمعا الأردني حيث الفزعة ضرورة وحاجة ملحة للتعاون والتعاضد وعمل الخير واغاثة الملهوف ومساعدة المحتاج وانصاف صاحب الحق.
في الثلجة الأخيرة التي ضربت المملكة، ظهرت صور من الفزعة في مجتمعنا،
السبعني ابو فيصل قال إن الصورة الحقيقية للفزعة كانت كلما اقبل موسم الزراعة حيث يجتمع الاقارب والجيران ليحرثوا الارض؛ «يوم عند فلان ويوم اخر بارض فلان حتى ينتهي موسم الحراثة ثم اذا جاء موسم الحصاد ودراسة الحبوب او قطاف الزيتون هبوا جميعا لجمع المحاصيل ومساعدة بعضهم».
وتابع ابو فيصل «اذا شرع أحدهم ببناء بيت في السابق لم يكن بحاجة لعمالة وافدة لانجازه وانما كان معلم البناء من ابناء البلدة يرافقه في الغالب عامل واحد يساعده فيما الاعمال الاخرى كانت تنجز بهمة وعونة الشباب من الاقارب والانسباء والجيران الذين كانوا يتنافسون على تقديم العون والمساعدة في حفر الأساسات ورفع مواد البناء وصبة السقف».
وأضاف «كان يجتمع الجميع بفرح وسرور والكل يعمل بهمة و نشاط فيما الابناء والنساء يعدون الطعام للعاملين وسط حالة من الابتهاج ترافقها الاهازيج الحماسية».
وذكر الثمانيني ابوخالد صورة أخرى من صور العونة كانت تتجلى عندما يدعوا أحدهم أبناء بلدته لحضور زواج ابنه فتراهم يتوافدون على بيته قبل يوم العرس بأيام حاملين معهم مستلزمات المناسبة (أرز وطحين وسكر وقهوة وعدد من رؤوس الأغنام) إسهاماً منهم في تحمل جزء من تكاليف العرس حيث يقيمون السهرات لعدة ليالٍ يعبر فيها الاهل والمعارف عن فرحهم بهذه المناسبة.
ورأى ابو خالد «أن تلك الايام كانت كلها خير وبركة وتكافل وكرم اصيل ممزوج بطيبة النفس وحب الناس لبعضهم».
وفي السياق حث الشاب احمد المجالي نظراءه الشباب على التمثل لاخلاق وشهامة ابائنا واجدادنا في العودة لصور الفزعة (العونة) التي مثلت حالة مجتمعنا الطيب, لتبقى النخوة والشهامة هي التي تزين اولوياتنا في الازمات والافراح.
وشدد على أهمية ان تبقى الفزعة دائما لنصرة الحق واغاثة الملهوف وألا تكون الفزعة لإثارة الفتن والعداوة بين الشباب وألا تكون فزعة لباطل بحجة القرابة أو الجغرافيا والتي باتت ظاهرة تؤرق المجتمع في شوارعنا وحتى في جامعاتنا بكل أسف».
الطالب الجامعي علي الحمايدة دعا الشباب الاردني الى بعث روح العونة والفزعة الوطنية الشعبية في مجتمعنا من خلال مبادرات تكافلية تساند الجهود الرسمية في الظروف الطارئة عنوانها فرق عمل في كل بلدة او حي تتولى مهمة مساعدة الناس ونقل همومهم ومشكلهم للدوائر المختصة.
ولفت الحمايدة الى أهمية ان يعي الجيل الحالي دور العونة والفزعة في حياة الاباء والاجداد وبما تعنيه من قيم اجتماعية عظيمة مثلت التعاضد وتقديم الاخر كروح تعاونية قل نظيرها في الوقت الحالي.
إبراهيم الطراونة من متطوعي شباب كلنا الاردن قال إن ما شهدته المملكة في الأسابيع الماضية من ظروف جوية طارئة جسدت حالة العونة والفزعة الاردنية الاصيلة بكل معانيها وبأبهى صورها عند الشباب الاردني، منوها الى خروج الشباب المتطوعين في كافة مناطقهم يقدمون كل مساعدة وعون للمواطنين ضمن ما هو متاح ومتوافر لهم من امكانيات جنبا الى جنب مع نشامى القوات المسلحة والدفاع المدني ورجال والامن والدرك.
وأضاف الطراونة «لقد ظهر الشاب وبكل فخر بأروع صورهم الوطنية المنتمية وهم يهبون لفزعة وعونة المحتاجين».
المفضلات