"ظلم تاريخيا وتاريخه لم يكتب بعد" ... الروابدة: لا يوجد في الأردن غير الأردنيين .. ولا مكان فيه للراقصين على حبال مصالحهم
قال رئيس الوزراء الاسبق النائب عبدالرؤوف الروابدة ان الأردن ظلم تاريخيا لأنه لم يجد من يدافع عنه عبر تاريخه القديم والمعاصر ، معتبرا ان تاريخه لم يكتب بعد.. وأكد ان هناك تزويرا لتاريخ الاردن وهناك رغبة لعدم تدريسه وان التربية الوطنية التي تدرس في المدارس ليست تربية وطنية وانما تربية قانونية..وبين ان هناك محاولة لتشويه تاريخ أمة انهارت بها القيم واصبحت تترامى على اعتاب الدول الاخرى.
واشار الروابدة في محاضرة بعنوان (قضايا وهموم الشأن المحلي) القاها في غرفة تجارة الرمثا أمس بدعوة من مؤسسة اعمار الرمثا بحضور نائبي اللواء وعدد كبير من السياسيين والحزبيين والنقابيين ان الظلم الذي وقع على الأردن عبر التاريخ بما فيه نضاله التاريخي ضد الإحتلال الصهيوني في فلسطين ظلم قاهر.
واستهل الروابدة محاضرته بسرد لتاريخ الأردن ، ثم انتقل لتاريخه السياسي بدءا من تأسيس إمارة شرق الأردن عام 1921 مرورا بالدور التاريخي الذي لعبه الأردن للحفاظ على منطقة شرق الأردن خارج الإنتداب الإنجليزي ، وإنتهاء بتوقيعه على معاهدة وادي عربة بعد أن وقع الأشقاء الفلسطينيون معاهدة أوسلو.
وقال ان هناك جهلا كبيرا بتاريخ الأردن ، وهذا الجهل من أبنائه ، وأصبحنا نتلقى معلوماتنا من صحافة كاذبة وأخرى صادقة ، ومن دول طامعة وأخرى صديقة ، واصبح موقفنا دائما الرد على الإتهامات ، وليس ما قيل عن المغفور له الملك الحسين من هيكل إلا جزءا يسيرا من هذه الاتهامات".
وتابع ان الدولة الأردنية حديثة النشأة لكن الأردن قديم قدم التاريخ ، فقد أقامت القبائل السامية أولى ممالكها في الأردن من جنوبه إلى شماله ثم جاءت قبيلة غسان لتقيم دولتها في الأردن وكانت عاصمتها بصرى وتنصرت كالرومان وبقيت إلى أن جاء الإسلام ، وبعد أن استقرت الدولة الإسلامية لتكون معركة مؤتة التي كانت تمثل فتح بلاد الشام.
وأكد أن "الأردن كان ، ومنذ بدايات التأسيس موئلا لجميع الأحرار العرب الذين لجأوا إليه إما هرباً من ظلم أوقمع أوإرهاب يستهدف مصادرة حرياتهم ، وتكميم أفواههم".
وقال إن "الحمى الهاشمي كان وما يزال يتعرض للاستهداف من جهات لم يعجبها النجاح الذي حققه ومن أولئك الذين يبحثون عن تبرير لفشلهم وأخطائهم".
وزاد الروابدة ، "منذ زمن بعيد استكثرت زعامات عربية هذا الإنجاز والدور الذي يقوم به الأردن" ، في الوقت الذي كانت تعلم أنه من الصعب عليها التنافس معه في مجال شرعية القيادة الدينية فلجأت للتشويش ، والافتراء على التاريخ.
ووفق الروابدة فإن هؤلاء "الفاشلين" سخروا آلتهم الإعلامية "الغوغائية" ضد الأردن منذ الأربعينيات والخمسينات وشكلوا الخطاب "المعادي للأردن تبريرا لأخطائهم ، وإسقاطها على الغير".
وقال ان الملك المؤسس ومعه العديد من رجالات الثورة العربية أرادوا أن يكون الأردن بداية مشروع عروبي ، فيما تخوفت القيادات العربية من المبادرات الأردنية وعملت بكل الوسائل على "تحجيم الدور الأردني وعزله".
وأرجع ذلك إلى تجنب الدخول مع القيادة الأردنية في التنافس حول قيادة الشرعية الدينية ، فيما كانت السياسة البريطانية ترى أن للأردن دورا مختلفا يساهم ويتناغم مع استراتيجياتها في منطقة الشرق الأوسط والعالم عارضا مجموعة من الحقائق التي قال إنها تعد دليلا على "الإنجاز الأردني".
وزاد "أعتقد بأننا جميعا مقصرون في حق وطننا وقيادتنا وتاريخنا سياسيين وعسكريين وأكاديميين ومؤرخين: والواجب علينا بيان كل الحقيقة للتاريخ والوطن والأجيال القادمة".
وقال أن الأردن شهد العديد من الممالك على مر التاريخ ، وأنه مع بدايات تأسيس الإمارة تشكلت 17 حكومة "لم يكن فيها أردني واحد" ، في إشارة الى عروبة الأردن وأن رؤساء الوزراء كانوا من عدة دول عربية.
وأكد ان الأردن عمل للعروبة ما لم يفعله أي قطر عربي آخر ، وفي فلسطين قاتل بالمال والأرواح والسلاح وفي العام 1948 دافع الاردن رغم شح الموارد عن فلسطين والتي سالت على ثراها دماء الأردنيين.
وتمكن الأردن من الحفاظ على جزء من ترابها واحتضن من لجأ من الفلسطينيين ومنحهم الجنسية خلافا لسائر الدول العربية التي امتنعت عن ذلك بدعوى الحفاظ على الهوية الفلسطينية.
وأضاف الروابدة أن "همنا الأكبر الآن أن نرسخ ذاكرة ابنائنا على تاريخهم داعيا الى العمل على تحقيق ذلك بعيدا عن التلقين".مشدداً على ان مواجهة المشاريع الاسرائيلية الهادفة الى خلق الرعب والفوضى بين المواطنين لا تتم الا بالوحدة الوطنية الكاملة والهوية الواحدة والنضال المستمر من اجل تحرير فلسطين.
وأوضح ان المواطنة الاردنية من شأنها إفشال كل المخططات الاسرائيلية ، لان اسرائيل سعت لنقل المعركة الى خارج حدودها عبر اثارتها لبعض القضايا الحساسة التي تعلّقت بما يسمى بالحقوق المنقوصة واعداد الاردنيين من اصل فلسطيني ، مؤكداً انه لا يوجد في الاردن غير الاردنيين.. مشدداً على ان للوطن هوية واحدة يشترك فيها الجميع ولا يحق لاحد ان يتحدث عن احد لا من غرب الاردن ولا من شرقه.. داعياً الجميع الى القفز فوق الخلافات الاقليمية اعتباراً للخصوصية الاردنية التي تمثل الجزء الاهم من عملنا الوطني.
ودعا الروابدة الى بناء الاردن قويا عزيزا سيدا ، حتى نستطيع خدمة الامة ، التي صدقناها الوعد ، قولا وعملا ، لا تثنينا عن هدفنا تخرصات اوتقولات ، ولا ترهبنا سهام الظلم والتجني ، ولن نلجأ بعد اليوم لموقف دفاعي ، مشيرا الى ان الاردن تجاوز مرحلة الاستقواء. ولا مكان فيه للراقصين على حبال مصالحهم ، حملة البنادق من الوسط ، فلا يعرف احد اين توجه طلقاتها ، اسرة واحدة ، مهما عملت معاول التقسيم ، بيد متشدق بالوحدوية ، لا مكان فيها لاقليمي المحتوى ، يهاجم الاقليمية ويصم بها غيره ، وهوبها مغمور حتى الاذنين ، ولا مكان فيها لمتقوقع على جهوية ضيقة ، ويرفع شعارات الوحدة الكبرى ، ولا معان فيها لطائفي فكرا وممارسة ويدعوللتسامح والتعاضد.
وكان رئيس مؤسسة اعمار الرمثا الدكتور عاكف الزعبي قد اشاد في مستهل الندوة بالدور الكبير الذي يقوم به الروابدة من اجل تسليط الضوء على المشكلات الوطنية وخاصة الهوية الاردنية مؤكداً على ان هذا الدور يأتي في اطار سياسة التوعية والتثقيف ، والنهوض بالمجتمع الاردني لتجسيد هذه المواطنة والانتماء الحقيقي لهذا الوطن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني.. والذي ننشد لوطننا مزيداً من الرفعة والاستقرار والتقدم.
المصدر : الحقيقة الدولية - الدستور- 6.7.2009
المفضلات